ماتت نعيمة سميح. أطل الخبر باردا وقاسيا كبرودة الأجواء في معظم أرجاء المغرب هذا الصباح. وكأن السماء أيضا حزينة لغياب صوت المغرب الأسطوري.. لالة نعيمة. خبر بارد لأن نعيمة لا توجد في المنظار منذ زمن طويل.. لأن أشياء عديدة غيبتها ومنها الصحة اللعينة. قبل المرض غابت نعيمة لأنها آثرت أن يظل فنها في خانته الخاصة المتفردة.. فوق الجميع. ماتت نعيمة.. وأبدا لن يموت صوتها الأسطوري الذي قال عنه الشاعر والكاتب عبد الرفيع الجواهري ذات مساء حماسي رفيع في حضن الفن الراقي : هذا الصوت لم يتكرر منذ العصر العباسي.
ماتت نعيمة.. لكنها لن تموت فينا. كانت صوتنا الجماعي الذي يلخصنا. كانت لحنا في شلال منهمر من العاطفة الشجية لم ينقطع يوما على مباغثتنا في في القلب.. وفي الوريد.. وينضح فينا من كل مسام المسام. صغيرا كنت أعتقد أنها التجسيد الأنثوى لعبد المجيد الظلمي أو بيتشو.. كنت أراها امتدادا لكل فرحة .. لكل متعة.. لقد كانت تشبهنا.. لقد كانت تغني فينا. لقد كانت معجونة بتراب الأرض وهواء الناس. كانت توجد نعيمة في كل امرأة طيبة من نساء الدرب، وفي كل بنت جميلة تجري بظفائرها المصفوفة عائدة من المدرسة.
في درب السلطان حيث تتقاطع أصالة تماغرابيت مع حب البسطاء الجارف للحياة، خيم صوتها طويلا على المكان. كنت تسمعها وأنت في الطريق إلى المدرسة.. وأنت تدحرج وتتدحرج مع الكرة.. وأنت تضحك.. وأنت تبكي.. كانت هناك دائما وستظل. كنت تتصور أنها ستصادفها في طرقات درب السلطان هناك بين درب الشرفا والقيسارية.. كنت تتخيل أنها ستطالعك من باب أحد صالوناتها بابتسامتها الآسرة. كنت ستجدها في راس الدرب مع النساء.. أو مع الجماهير في الطريق لدونور أو بيرجيكو أو لاجونيس أو تيران لارميطاج. إذا صادفك قليل حظ، كنت ستراها في بني مكيلد قادمة مع بنات الثانوية من فاطمة الزهراء، أو تمرح مع القرينات أمام سينما الزهراء أو الكواكب أو موريطانيا. كنت ستجدها في مكان قصي مع حبيبها في انحناءات أزقة كريكوان.. أو هنك بين الجميعة ومقهى أكنول التي صدحت فيها ‘‘ثومة‘‘ لأجيال ودون توقف ‘‘أنساك.. ده كلام‘‘...
يعرف الجميع قصتها، ولن يكون مجديا أن نستعيدها في نعيها. الجميل في نعيمة، وما يستحق أن يروى، هو أن لكل واحد فينا.. في عموم المغاربة، من صغيرهم إلى كبيرهم، من أغناهم إلى أفقرهم، من أثقفهم إلى أبسطهم.. حكاية خاصة جميلة وذات شجون مع نعيمة. يقدر كل واحد فينا أن يتذكر يوما.. ليلة.. حدثا.. صدفة.. شيئا ما جمعه بنعيمة. توجد فينا، في كل واحد منا بحسها العالي وتفردها المطلق. تقول فينا نعيمة كل ما لم نقدر يوما على ترجمته.. إنها نحن في صيغتها الفنية الجميلة. إنها حالتنا التامة في الانتشاء والحزن والبكاء والفرح والفخر والحب والانطلاق.
ثم تعالي هنا.. نعيمة. ماذا سنفعل في تلك الانطولوجيا الخالدة التي تتركينها اليوم بين أيدينا وأنت تغادرين هذا العالم ؟ كيف سنسمع ‘‘غاب عليا لهلال‘‘ أنت التي كنت تشذين بها في بهاء كامل ونحن نعرف أن هلالك لن يغيب ؟ ما العمل في ‘‘على غفلة‘‘ وأنت تسافرين بنا فيها بين الفصول في نتوءات حب غريب وعاصف ؟ هل نتذكرك في ‘‘أحلى صورة‘‘ لأنك كنت فعلا أحلى صورة ؟ هل نستطيع أن نركب لك ‘‘خاتم الحب الجماعي‘‘ الذي نريد أن نتقدم لك به اليوم لتظلي عروسنا الأبدية في ‘‘شفت الخاتم‘‘ ؟ هل نستل جراحك.. جرحا جرحا في خالدة الخالدات ‘‘ياك جرحي‘‘ ونتعلم معك كيف نمشي ونصبر ؟ هل ننتصر معك في شموخ باذخ لمغربيتنا المتفوقة في ‘‘جاري يا جاري‘‘ في نداءك الأبدي على الجار الذي تعذبه جيرتنا ؟
قولي لنا الآن.. ماذا سنفعل في هذا الكم الأسطوري من الجمال والحب الذي تركته بين أيدينا في إرثك الموسيقي البهي والخالد ؟
لن يقول إلا ما يرضي ربنا تغمدك الله في واسع رحمته.. قد تموتين اليوم.. لكن صوتك مستمر فينا إلى ما لانهاية النهايات.
فاز أولمبيك آسفي على مضيفه الشباب السالمي، بهدف دون رد، في المباراة التي جمعتهما، أمس الجمعة، على أرضية الملعب البلدي بالقنيطرة، لحساب منافسات الدورة 24 من البطولة الاحترافية.
وسجل الهدف الوحيد في اللقاء لاعب أولمبيك آسفي إبراهيم البحراوي في الدقيقة 90.
وبهذه النتيجة، رفع أولمبيك آسفي رصيده إلى 35 نقطة في المركز السابع مؤقتا، فيما احتل الشباب السالمي المركز 13 مؤقتا إلى جانب حسنية أكادير بـ22 نقطة.
0 تعليق