أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية، اليوم الخميس، عن إرسال مساعدات إنسانية إلى الطائفة الدرزية في سوريا، حيث تم تسليم عشرة آلاف حزمة غذائية للمجتمعات الدرزية في مناطق القتال جنوب سوريا، وبالتحديد في محافظة السويداء.
ورغم أن الإعلان الإسرائيلي تم تقديمه في إطار دعم إنساني لمجتمع يواجه أوضاعًا صعبة في ظل الاضطرابات التي تشهدها سوريا، إلا أن هذه الخطوة تحمل أبعادًا سياسية واستراتيجية أعمق، خاصة أنها تأتي في وقت تشهد فيه البلاد تحولات كبرى بعد سقوط نظام بشار الأسد.
تفاصيل المساعدات الإسرائيلية.. هل تسعى تل أبيب لكسب ود الدروز؟
وفقًا للبيان الصادر عن وزارة الخارجية الإسرائيلية، فإن المساعدات شملت مواد غذائية أساسية مثل الزيت، الطحين، الملح والسكر، وتم توزيعها على مناطق درزية في الجنوب السوري، حيث يعاني السكان من أزمات اقتصادية وأمنية خانقة بعد تصاعد الصراع بين الجماعات المسلحة المختلفة والحكومة الانتقالية الجديدة.
لكن توقيت وحجم هذه المساعدات يثير تساؤلات حول ما إذا كانت تل أبيب تسعى فقط إلى تخفيف معاناة الدروز، أم أنها تحاول توطيد علاقتها بهذه الأقلية، التي لعبت دورًا حساسًا في المشهد السوري خلال السنوات الماضية.
إسرائيل والدروز السوريون.. علاقة معقدة وتحولات تاريخية
يشكل الدروز أقلية مؤثرة في سوريا، حيث يتوزعون بين محافظة السويداء والقنيطرة، بالإضافة إلى تواجدهم في إسرائيل ولبنان وهضبة الجولان المحتلة.
وعلى مدى عقود، اتسمت علاقة الدروز السوريين بإسرائيل بالتعقيد، حيث ظلت الطائفة تحاول الحفاظ على توازن حساس بين علاقاتها مع دمشق وموقفها من إسرائيل، لا سيما أن الدروز في الجولان المحتل يحملون هوية سياسية منفصلة عن الدولة العبرية، فيما يشارك بعض الدروز داخل إسرائيل في الجيش والشرطة.
لكن مع سقوط نظام بشار الأسد، وجدت الطائفة نفسها في موقف صعب، خاصة في ظل عدم وضوح سياسات الحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع تجاه الأقليات، ما دفع إسرائيل إلى إبداء اهتمام أكبر بأوضاع الدروز السوريين، وربما محاولة استمالتهم سياسيًا.
وزير الدفاع الإسرائيلي: سنسمح للدروز بالعمل في الجولان وقد نحميهم عسكريًا
لم تقتصر التحركات الإسرائيلية على إرسال المساعدات الغذائية، بل امتدت إلى تقديم ضمانات أمنية للدروز في سوريا، حيث أكد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أن إسرائيل لن تتخلى عن الدروز السوريين، وستسمح لهم بالدخول إلى الجولان للعمل، بل وقد تكون مستعدة للدفاع عنهم عسكريًا في حال تعرضهم للخطر.
هذا التصريح يكشف عن تحول كبير في الموقف الإسرائيلي تجاه الدروز السوريين، ويطرح أسئلة جدية حول ما إذا كانت إسرائيل تسعى لإنشاء تحالف جديد مع هذه الطائفة، أم أنها تستخدمها كورقة ضغط ضد الحكومة السورية الجديدة.
هل تسعى إسرائيل إلى استغلال الانقسامات الداخلية في سوريا؟
يأتي هذا الدعم الإسرائيلي للدروز في وقت تبدي فيه تل أبيب شكوكًا متزايدة تجاه الحكومة السورية الانتقالية، حيث وصف مسؤولون إسرائيليون حكومة أحمد الشرع بأنها امتداد لهيئة تحرير الشام، الجماعة التي كانت سابقًا تابعة لتنظيم القاعدة قبل أن تعلن انفصالها عنه.
ويبدو أن إسرائيل غير مرتاحة للتحولات الجديدة في سوريا، وتخشى أن يؤدي الوضع الحالي إلى ظهور تهديدات جديدة على حدودها، خاصة في ظل تزايد النفوذ الإيراني في المنطقة. لذلك، قد تكون تل أبيب تسعى لتعزيز علاقتها بالدروز كوسيلة لموازنة نفوذ الأطراف الأخرى، بما في ذلك الفصائل الإسلامية المتشددة والقوى المدعومة من إيران.
0 تعليق