المجلس الأعلى للتربية يعرض "المدرسة الجديدة" لإصلاح نظام التعليم

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

شدد المجلس الأعلى للتربية والتكوين في وثيقة حديثة أصدرها حول رهانات المدرسة الجديدة بالمغرب، على أن المناهج الدراسية “يجب أن تعزز مناصرة الحقيقة العلمية، وأن تدعم القدرة على التمييز والبحث بجدية عن هذه الحقيقة التي تتسم بالتعقيد والدقة”، موردا أنه “في إطار عقد اجتماعي جديد للتربية والتعليم”، يتعين أن تركز على “أنشطة التعلم الإيكولوجي والمشترك بين الثقافات”.

وأشار المجلس في مقاربته “للرهان البيداغوجي الجديد، والمهن التربوية”، خامس الرهانات السبعة الرئيسية التي تعتبر “الأساس لتحقيق المدرسة الجديدة”، وفق وثيقة حديثة أصدرتها المؤسسة حملت عنوان “المدرسة الجديدة.. تعاقد مجتمعي جديد من أجل التربية والتكوين”، إلى أربعة مبادئ لتطبيق هذه التوصية، تشمل ضرورة تعزيز المناهج الدراسية “قدرة المتعلمين على الانتقاع بالمشاعات المعرفية، والإسهام فيها”.

كما تضم هذه المبادئ، وفق الوثيقة ذاتها التي طالعتها هسبريس، اقتضاء “الأزمة الإيكولوجية مناهج دراسية تعيد النظر جذريا في مكانة البشر في العالم”، ووجوب “التصدي لانتشار المغالطة الإعلامية، عبر ترويج الدراية العلمية والرقمية والإنسانية”، فضلا عن استناد “التعلم الكفيل بإحداث تغيير جذري في حياة الناس، وفي العالم، إلى حقوق الإنسان، والمشاركة الديمقراطية”.

الرهان الأول الذي تطرّقت إليه وثيقة المجلس، يهم “الاستعداد للرهانات التربوية المستقبلية”، ويدعو الثاني إلى “الاستقلالية الذاتية لمؤسسات التربية والتكوين”، بينما يتحدث الثالث عن “مجتمع محلي معبأ داعم للمدرسة الجديدة”، ويستعرض الرهان الرابع “هياكل فعالة للدعم والتوجيه والضبط”، أما الخامس فيتعلق “بالنموذج البيداغوجي الجديد، والمهن التربوية”، ويبرز السادس “العمل على التقاء السياسات العمومية للمدرسة الجديدة”، ويتصل الأخير بـ”قيادة التغيير”.

استقلالية المؤسسة التعليمية

اتضح للمجلس وهو يبسط رهان المدرسة الجديدة على “الاستقلال الذاتي لمؤسسات التربية والتكوين”، من خلال الرؤية الاستراتيجية للإصلاح، أن حكامة المؤسسات التعليمية ينبغي أن تقوم على أربعة مبادئ موجهة، تهم أساسا “إرساء استقلالية المؤسسات التعليمية (ك) عامل أساسي ولصيق بقيام مؤسسات تعليمية مسؤولة”، و”اعتماد نظام مستقل للتقييم الدوري”، إضافة إلى “التنويع الذي من شأنه توفير الشروط الضرورية من خلال احترام خصوصيات المجال والمحيط”، و”الانفتاح المؤسساتي”.

أما بشأن الرهان على “مجتمع محلي معبأ داعم للمدرسة الجديدة”، فأكد التقرير أن “الجماعات الترابية، بحكم القرب الذي تتميز به، مطالبة اليوم بالإسهام في تحقيق أهداف المدرسة الجديدة، وفي تدبير المرفق العمومي للتربية والتكوين”، مشيرا إلى أن توسيع نطاق مسؤولية هذه المؤسسات المنتخبة في مجال التربية، يعتبر “اليوم عاملا حاسما في بناء المدرسة الجديدة”.

في هذا الصدد، يرى المصدر نفسه أن عملية نقل الصلاحيات (للجماعات الترابية) “يجب” أن تهتم في البداية، وعلى المدى القصير، بصيانة وحراسة ونظافة المؤسسات التعليمية، وبصيانة الأنشطة الملحقة بالتمدرس، أي النقل المدرسي والإيواء والمطاعم المدرسية وسكن المدرسين في المناطق القروية النائية.

ومن بين ما ينبغي أن تتعلق به الصلاحيات المشتركة بين الدولة والجماعات، وفق المجلس الأعلى للتربية والتكوين، “الإسهام في النهوض بالتعليم الأولي”، و”دعم المكتبات المدرسية والقراءة والتربية الرقمية…”.

وأكد أن “الرهانات التربوية الحالية والمستقبلية والحاجة إلى حكامة تربوية محلية، تفرض تجاوز اقتصار دور الجماعات الترابية في تقديم خدمات للمدرسة، والانتقال إلى مرحلة ثانية تشارك فيها الجماعات الترابية في تحديد المشاريع التربوية من خلال نهج البناء المشترك، وتنفيذها في إطار الشراكة حول مشروع تربوي محلي”.

كما يستدعي “هذا المنعطف”، وفق المؤسسة الدستورية ذاتها، “التغلب على القيود المرتبطة بتمثلات ثقافية تحول دون انفتاح المدارس على محيطها والاعتراف بأحقية الجماعات الترابية”، مستحضرة وجود “تردد-على أقل تقدير-من جانب الإدارة المسؤولة عن الجماعات الترابية”، و”ترفع ملحوظ من جانب إدارات التربية والتكوين تجاه الجماعات الترابية، إذ تظن نفسها صاحبة الشرعية بمفردها في مسائل التربية والتكوين”.

خلاف المركزية

متطرقا إلى رهان “هياكل فعالة للدعم والتوجيه والضبط”، أوضح المصدر عينه أن السياسات التعليمية سيكون “من الضروري” أن “تتجاوز الخلاف العقيم بين مؤيدي المزيد من اللامركزية وأولئك الذين يؤيدون المزيد من المركزية في المنظومة التربوية”، شارحا أن “هذا النقاش يصرف الانتباه عن السؤال الحقيقي المتمثل في تحديد أي مستوى من مستويات المنظومة التربوية هو الأكثر ملاءمة لإدارة الأبعاد المختلفة للتعليم، وعن المبدأ الأساسي للتفريع”.

وأشار ضمن المحور ذاته إلى أن “الآمال التي أثارها الميثاق الوطني (…) في أن تصبح الأكاديميات الجهوية على شكل وزارات جهوية للتربية والتكوين، مسؤولة عن تنفيذ السياسات التربوية، بما في ذلك التكوين المهني الأولي قبل البكالوريا، ظلت بعيدة المنال”.

وأوصى المجلس الأعلى للتربية والتكوين في هذا الصدد بـ”إجراء إصلاح شامل للقانون المنظم للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين بما يتماشى مع الرؤية الاستراتيجية والقانون الإطار والنموذج التنموي الجديد”، و”تعزيز مكانة الأكاديميات الجهوية من الجيل الجديد؛ (ف) من الواضح أن مفهوم المدرسة الجديدة يفرض تشكيلة جديدة للأكاديميات لتتحول إلى هيئات مهنية عالية الأداء”، داعيا إلى “تعزيز دور المديرية الإقليمية للتربية”، والتأكيد عليه “وتعزيزه بشكل واضح”.

تحديات الهيكلة

من جانب آخر، أكد المصدر نفسه أن التوصيات التي ساقتها الرؤية الاستراتيجية للإصلاح بشأن هيكلة المدرسة الجديدة، “تطرح تحديات كبرى للمدرسة المغربية”، مشيرا إلى أن من بين الإشكاليات المثارة في هذا الجانب، “ضعف تجانس تدخلات الجهات الفاعلة”.

وأوضح المصدر أن “تعددية نظام التعليم العالي المتمثلة في ازدواجية التعليم العمومي بين الولوج المفتوح والاستقطاب المحدود من جهة، إلى جانب الانفتاح على القطاع الخاص والقطاع غير الربحي، يقتضي أن نتساءل حول احتمالية، إذا لم نقل إمكانية، تجزئة التعليم العالي وفق محورين التفاوتات الاجتماعية من جهة، واختلاف النماذج والمشاريع التربوية”.

وشددت الوثيقة نفسها، أساسا ضمن محور رهان “العمل على التقاء السياسات العمومية للمدرسة الجديدة”، على أنه “رغم المراهنة على فرض برامج دراسية مشتركة بين القطاعين العام والخاص، فإن هذا الإجراء لا يكفي لتشكيل نظام مدرسي موحد”، مفيدة على صعيد آخر بأن “بروز مؤسسات تعليمية أجنبية، أصبحت تنافس المؤسسات التعليمية الوطنية، أو تحل محلها، يضعف القدرة على الحفاظ على وحدة المنظومة التربوية”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق