ناقش مجلس الشيوخ، برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، خلال جلسته العامة اليوم الاثنين، تقرير لجنة حقوق الإنسان والتضامن الاجتماعي، عن الدراسة المقدمة من النائب محمود تركي، عضو المجلس عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين ممثلا عن حزب النور، بعنوان "مستقبل سياسات الحماية الاجتماعية من الاحتياج إلى التمكين"، بحضور الدكتورة مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي.
واستعرض النائب محمود تركي، تقرير اللجنة أمام المجلس، قائلا: يشرفنى أن استعرض هذا التقرير بعد أن أحال رئيس المجلس يوم 7 من مارس سنة ٢٠٢٤ إلى لجنة حقوق الإنسان والتضامن الاجتماعي دراسة بعنوان “مستقبل سياسات الحماية الاجتماعية من الاحتياج إلى التمكين“، وذلك لبحثها وإعداد تقرير عنها للعرض على المجلس، وفى سبيل ذلك عقدت اللجنة عدد 23 اجتماعا، وذلك بحضور وزيرة التضامن الدكتورة مايا مرسي، وممثلي الحكومة من الوزارات المختلفة؛ وممثلي المجتمع المدني؛ والأطراف ذات الصلة، للاستماع إلى رؤاهم ومقترحاتهم؛ بشأن موضوع الدراسة، وقد اطلعت لجنة حقوق الإنسان والتضامن الاجتماعي على الدراسة المحالة إليها واستحضرت أحكام الدستور ونصوص اللائحة الداخلية لمجلس الشيوخ، والقوانين والقرارات ذات الصلة المنظمة والمتعلقة بمنظومة الحماية الاجتماعية.
وقال "تركي": تُعد الحماية الاجتماعية ركيزة أساسية لتحقيق العدالة الاجتماعية لا غنى عنها لضمان حياة كريمة لجميع المواطنين، وتسعى هذه الدراسة إلى تقديم تحليل شامل لمنظومة الحماية الاجتماعية في مصر، بغية فهم واقعها وتحدياتها واستشراف آفاق المستقبل، فقد حققت الدولة المصرية تقدمًا ملحوظًا في مجال الحماية الاجتماعية في السنوات الأخيرة، خاصة مع إطلاق برامج الدعم النقدي المشروط مثل "تكافل وكرامة" والتوسع في برامج الرعاية والتأمين الصحي وإطلاق المبادرات الرئاسية المتنوعة التي تهدف إلى تحقيق التنمية الشاملة في مختلف القطاعات، ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات تتعلق بشمول واستدامة وكفاءة هذه البرامج، يث تواجه منظومة الحماية الاجتماعية في مصر عدد من التحديات، أهمها محدودية الموارد المالية، وتحديات التنسيق والتكامل بين الجهات المعنية، والتحديات المتعلقة بالاستهداف والوصول إلى جميع المُستحقين، فضلًا عن الحاجة إلى المزيد من تطوير نظم المعلومات والبيانات.
توصية بتنويع برامج الحماية الاجتماعية وربطها بالتمكين الاقتصادي من خلال تصميم وتنفيذ برامج تُراعي الاحتياجات المتنوعة للفئات المستهدفة
وأشار "تركي" إلى أنه تتلخص أهداف الدراسة في ستة أهداف رئيسية وهى: تقييم واقع الحماية الاجتماعية في مصر وتحليل نقاط القوة والضعف في البرامج القائمة، وتحديد الفئات المُستفيدة وغير المُستفيدة من برامج الحماية الاجتماعية وأسباب عدم الاستفادة، وتحليل التحديات التي تُواجه تطوير نظام الحماية الاجتماعية في مصر، واستخلاص الدروس المُستفادة من التجارب الدولية الرائدة في مجال الحماية الاجتماعية، ورسم خريطة النظام الإيكولوجي للعدالة الاجتماعية في مصر وتحليل العلاقات التفاعلية بين مُكوّناته، وتقديم توصيات لتطوير منظومة الحماية الاجتماعية في مصر.
وأشار نائب التنسيقية إلى أن الدراسة اعتمدت على منهجية مُتكاملة تضمنت: مراجعة الأدبيات ذات الصلة بموضوع الحماية الاجتماعية، وتحليل البيانات الإحصائية المُتاحة من المصادر الرسمية، ودراسة وتحليل تجارب الدول الرائدة في مجال الحماية الاجتماعية (البرازيل، جنوب إفريقيا، الهند، المكسيك، الصين، الأردن، بنجلاديش)، وتطبيق أداة "النظام الإيكولوجي" لتحليل منظومة الحماية الاجتماعية في مصر وتحديد العلاقات التفاعلية بين مُختلف عناصرها.
واستعرضت الدراسةُ الأهميةً خاصةً لفهمِ خطوطِ الفقرِ الوطنيةِ والدوليةِ، وُناقشُت مستوياتهِ المختلفةِ، كما فندت العلاقةَ الوثيقة بينَ الفقرِ ونقصِ التحصيلِ التعليميِّ، والرعاية الصحية، وتاريخ ونشأة الحماية الاجتماعية في مصر، حيث استعرضت الدراسة واقع الحماية الاجتماعية خلال الحقب التاريخية السابقة منذ فترة الخمسينات والستينات والسبعينات وصولا وحتى تاريخه، واهتمت الدراسة أيضا بالتحديات التي تواجه تطوير منظومة الحماية الاجتماعية.
وقال النائب محمود تركي، إن تجارب الدول الرائدة أظهرت أهمية التكامل بين مُختلف أدوات الحماية الاجتماعية، وضرورة الاستثمار في برامج التمكين الاقتصادي، وأهمية إشراك المجتمع المدني والقطاع الخاص في تصميم وتنفيذ وتقييم سياسات وبرامج الحماية الاجتماعية.وفي سبيل التخطيط المتكامل بين الأطراف المختلفة عملت الدراسة على تطوير النظام الإيكولوجي للحماية الاجتماعية برسم خريطة شاملة لنظام الحماية الاجتماعية في مصر، من خلال تحديد جميع الأطراف المتداخلة في هذا النظام ومنها (الجهات الحكومية، منظمات المجتمع المدني، القطاع الخاص، والمؤسسات الدولية)، وتحليل دور كل طرف، والعلاقات والتفاعلات وأوجه التعاون بين هذه الأطراف، وتحديد الفجوات والتحديات التي تواجه تحقيق التكامل بين هذه الأطراف.
خلصت الدراسة إلى مجموعة من التوصيات العامة التي تستهدف تعزيز فعالية واستدامة منظومة الحماية الاجتماعية في مصر، وتشمل هذه التوصيات:
1- التخطيط الاستراتيجي والحوكمة: وضع استراتيجية وطنية شاملة للحماية الاجتماعية وتوحيد مظلة سياساتها وإنشاء مجلس أعلى للحماية الاجتماعية لضمان التنسيق والتكامل بين جميع الجهات الفاعلة.
2- التشريعات والسياسات: مراجعة وتحديث التشريعات ذات الصلة وإجراء تقييم للأثر التشريعي لبعض القوانين لضمان اتساقها مع أهداف الحماية الاجتماعية.
3- التمويل: توسيع مصادر التمويل لتشمل مصادر مبتكرة وغير تقليدية إلى جانب الموازنة العامة مثل استهداف جزء من الوقف الخيري وزكاة المال وتعزيز مساهمات القطاع الخاص.
4- البرامج: تطوير برامج الحماية الاجتماعية وربطها ببرامج التمكين الاقتصادي مع التركيز على التدريب والتشغيل ودعم المشروعات الصغيرة الجماعية وتبني سياسة و مفهوم "من الاحتياج إلى التمكين " لزيادة نسب التخارج من برامج الدعم وتقديم حوافز تساهم على تعزيز ذلك.
5- التنسيق والتكامل والشراكات: تعزيز التنسيق بين الجهات الحكومية وتفعيل الشراكة مع منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص وتفعيل دور التعاونيات الإنتاجية.
6- البيانات والمعلومات والرصد والتقييم: تطوير نظم المعلومات وإنشاء قاعدة بيانات وطنية موحدة وإطلاق مرصد للحماية الاجتماعية والعمل على تطوير آليات الاستهداف والتقييم.
7- التمكين الاقتصادي وتوفير فرص العمل: تعزيز فرص العمل من خلال خطط شاملة لتنمية العمالة والتدريب المهني وخدمات التوظيف ودعم ريادة الأعمال وأفكار المشروعات الناشئة وتأهيل تلك المشروعات لتكون جاذبه للاستثمارات المختلفة وتبني استراتيجية متكاملة لتنمية الاقتصاد المحلي.
8- المشاركة المجتمعية والوعي: تعزيز مشاركة المجتمع المدني في تصميم وتنفيذ وتقييم برامج الحماية الاجتماعية ورفع الوعي المجتمعي بأهمية الحماية الاجتماعية وثقافة التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع ، رسم خريطة بالتكتلات الإنتاجية وربطها بمصادر التمويل الحكومية والغير حكومية وكذا برامج رياده الاعمال.
9- المرونة والتكيف: تعزيز مرونة منظومة الحماية الاجتماعية في الاستجابة للأزمات والتكيف مع المتغيرات الطارئة والاضطرابات الاقتصادية.
10- التعاون الدولي: الاستفادة من التجارب الدولية والتعاون مع المنظمات الدولية لتبادل الخبرات وأفضل الممارسات التي تناسب واقع الدولة المصرية وقيمها.الختامهتُعد هذه الدراسة خطوة على الطريق الصحيح نحو فهم أعمق لمنظومة الحماية الاجتماعية في مصر وتحدياتها وفرص تطويرها.
وأكد الدراسة على أن الاستثمار في الحماية الاجتماعية هو استثمار في رأس المال البشري وفي مستقبل مصر، وأن تحقيق العدالة الاجتماعية وحماية الفئات الأولى بالرعاية مسؤولية مشتركة تتطلب تضافر جهود جميع الفاعلين في المجتمع. وتُمثّل التوصيات الواردة في هذه الدراسة خارطة طريق لتحقيق هذا الهدف النبيل، بما يضمن حياة كريمة لجميع المصريين ويُعزّز من التنمية الشاملة والمستدامة في مصر.
ووافق مجلس الشيوخ على تقرير لجنة التضامن الاجتماعي وحقوق الإنسان عن الدراسة وأعلن إحالته إلى الحكومة لاتخاذ اللازم نحو تنفيذ ما ورد به من توصيات، كما شهدت الجلسة إشادة كبيرة بالدراسة المقدمة من نائب التنسيقية من النواب والحكومة ممثلة في وزيرة التضامن الاجتماعي.
0 تعليق