سوريا تحت المجهر| الاتحاد الأوروبى يقرر دعم الاحتياجات الإنسانية العاجلة.. أورسولا فون دير لاين: رفع العقوبات بالكامل ينتظر إنشاء حكومة "ذات مصداقية وشاملة وغير طائفية"

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بعد أربعة أشهر من سقوط نظام بشار الأسد، وبينما يحاول النظام الجديد الذي يجسده الجهادي السابق أحمد الشرع، الرئيس المؤقت الآن، فرض بصماته على بلد ينزف حتى الجفاف، نظم الاتحاد الأوروبي مؤتمره الدولي التاسع لدعم سوريا يوم الإثنين الماضى. وتم تقديم موعد الاجتماع بضعة أشهر لمحاولة معالجة حالات الطوارئ الإنسانية في البلاد والدول المجاورة لها، التي تستضيف ملايين اللاجئين السوريين.

كان حضور وزير الخارجية السوري الجديد أسعد حسن الشيباني في بروكسل، حدثاً فى حد ذاته. وأكد وزير الشيباني أن "الشعب السوري لا يزال يواجه بقايا نظام الأسد. واليوم فرصة سانحة لمواجهة هذه التحديات بروح التضامن والتعاون". وقالت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، التي افتتحت المؤتمر: "في الماضي، عملنا من أجل سوريا ومن أجل السوريين. اليوم يمكننا أخيراً العمل مع سوريا. اليوم لم تعد أحلام وطموحات الشعب السوري معلقة. ولأول مرة منذ عقود، ربما يصبح أمل سوريا حقيقة". 

ويدرك الجميع أن الوضع غير مستقر وهش بشكل خاص، كما يتضح من أعمال العنف الطائفية التي هزت المنطقة الساحلية الشمالية من البلاد في أوائل شهر مارس، مما أسفر عن مقتل عدة مئات من الأشخاص. وأكدت كايا كلاس، رئيسة الدبلوماسية الأوروبية، أن "سوريا تواجه احتياجات وتحديات كبيرة، كما أظهرت بشكل مأساوي موجة العنف الأخيرة في المناطق الساحلية"، وأن "اندلاع العنف أمر مقلق للغاية ويظهر أن الأمل في سوريا أصبح معلقاً بخيط رفيع. وعلينا أن نبذل المزيد من الجهود لضمان تحرك سوريا في الاتجاه الصحيح".

الخدمات الأساسية

المشكلة تتجاوز الأمن بكثير. يقول أخيم شتاينر، رئيس برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إن "الوضع على الأرض مقلق للغاية إذ يعيش ٩٠٪ من السوريين اليوم تحت خط الفقر. وخلال هذا الصراع، خسرت سوريا ما يعادل أربعين عامًا من التنمية. وتم تدمير كافة البنية التحتية الأساسية".

إن الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والوصول إلى مياه الشرب والنقل غير متوفرة حالياً، كما توقف نظام التعليم، في حين تعاني الوزارات والسلطات المحلية من نقص في الموظفين والمهارات. ويقدر شتاينر أن "استعادة البنية التحتية المدنية التي كانت موجودة في البلاد قبل عام ٢٠١١ سوف تستغرق عشر سنوات على الأقل". وفي الوقت نفسه، ووفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، قد يعود ١.٥ مليون سوري إلى بلادهم بحلول عام ٢٠٢٥. كما قد يعود ٢ مليون شخص إضافي، نازحون حالياً داخل البلاد، إلى ديارهم.

ولمواجهة هذه الأزمة، كانت الأولوية فى الاجتماع الأوروبى يوم الاثنين هي جمع أموال كافية لتوفير الخدمات الأساسية للسوريين، سواء داخل البلاد أو في الأردن ولبنان والعراق وتركيا، البلدان المجاورة التي تستضيف ملايين السوريين. في حين أن الأوروبيين دفعوا بالفعل نحو ٣٧ مليار يورو منذ عام ٢٠١١، فإن "السوريين يحتاجون الآن إلى مزيد من الدعم"، حسبما أكدت أورسولا فون دير لاين. ولهذا السبب يعمل الاتحاد الأوروبي اليوم على زيادة التزامه تجاه السوريين - داخل البلاد وفي المنطقة - إلى ما يقرب من ٢.٥ مليار يورو لعامي ٢٠٢٥ و٢٠٢٦.

الانسحاب الأمريكي

وقد ساهمت الدول الأوروبية، فضلاً عن جهات مانحة دولية أخرى، بحصتها، حيث بلغ إجمالي المبلغ نحو ٦ مليارات يورو، وهو مستوى أقل من ٧.٥ مليار يورو من المساعدات المعلنة لعام ٢٠٢٤.

 وتعتبر هذه الالتزامات أكثر خجلاً من تلك التي تم التعهد بها في ربيع عام ٢٠٢٤، خلال المؤتمر الثامن، قبل سقوط نظام الأسد. وتعهد المجتمع الدولي حينها بتقديم ٧.٥ مليار يورو كمساعدات للسوريين، بما في ذلك ٦ مليار من أوروبا. يمكن تفسير هذه الفجوة بسببين: من ناحية، بدأت الولايات المتحدة، التي كانت واحدة من أبرز الجهات المانحة للمساعدات الإنسانية في العالم، في الانسحاب من هذا القطاع، كما يتضح من التفكيك المستمر للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.

ومن ناحية أخرى، لا يُتوقع أن تقدم ألمانيا، أكبر مانح فى أوروبا، مساعدات جديدة كبيرة لكنها قدمت تقليدياً أكثر من ٣٠٠ مليون يورو التي وعدت بها لعام ٢٠٢٥، إلا أن التغيير الحالي في الحكومة جعل من المستحيل السعي إلى تقديم المزيد.

رفع العقوبات

وبعيداً عن المساعدات المالية الفورية، ذهب أسعد حسن الشيباني إلى بروكسل برسالة واضحة: الحصول على رفع العقوبات المفروضة على سوريا في عهد بشار الأسد. وطالب برفع كافة العقوبات للسماح بإعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي للبلاد. وقال "اليوم نعاقب على شيء لم نفعله".

وفي حين أن الولايات المتحدة تحافظ على نظام العقوبات الصارم ضد البلاد في الوقت الراهن ولم تعط أي إشارة إلى نواياها، فإن الأوروبيين يقولون إنهم أكثر انفتاحاً. بعد تعليق القيود على قطاعات الطاقة والنقل والقطاعات المالية ذات الصلة، دعت رئيسة الدبلوماسية الأوروبية كايا كالاس إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات، لكن لم يتم التوصل إلى توافق في الآراء بعد.

 وحذرت فون دير لاين من أن هذا سيحدث "مع تقدم العملية السياسية نحو إنشاء حكومة ذات مصداقية وشاملة وغير طائفية". وسيتم مناقشة هذه القضية في ١٤ أبريل المقبل في مجلس الشؤون الخارجية.

وتهدف الأموال التي تعهد المجتمع الدولي بتقديمها هذا العام إلى معالجة حالات الطوارئ، نظراً للاحتياجات الكبيرة. وذكرت حاجة لحبيب، المفوضة الأوروبية للمساعدات الإنسانية، أن "نحو ١٧ مليون شخص يحتاجون إلى مساعدات إنسانية" وأضافت حاجة لحبيب: "إن مؤتمر يوم الإثنين ليس مجرد دعوة للكرم، بل هو يد ممدودة لبناء مستقبل سوريا. إن الأمر يتعلق أيضًا بالاستثمار في الاستقرار والأمن والازدهار في بلد يعد مستقبله أمرًا حاسمًا لتحقيق السلام الدائم في المنطقة".

 ومع ذلك، هناك إصرار مستمر في بروكسل على أن هذا المؤتمر يتعلق بالمساعدات الطارئة، وليس بالمساعدات لإعادة الإعمار. وأكدت المفوضية أنه "من المبكر للغاية الحديث عن هذا الأمر، وسيتم ذلك في مرحلة لاحقة". 

وعلق أحد المسئولين الأوروبيين قائلاً "يتزايد مستوى الاحتياجات، لكن الخدمات العامة لم تعد تعمل في سوريا. هناك تدهور حقيقي". وأضاف "يعد الوصول إلى الغذاء والخدمات الأساسية صعبًا للغاية. تتوفر الكهرباء لمدة ساعتين يوميا، في حين أن الوصول إلى مياه الشرب غير مؤكد".

وفي الوقت نفسه، تعاني البلاد من حالة من الركود الاقتصادي، حيث يقدر معدل البطالة بأكثر من ٨٠٪، في حين لم يتم دفع رواتب الموظفين المدنيين السوريين منذ سقوط نظام بشار الأسد. 

قطر التي وافقت على تغطية رواتبهم، لا تستطيع دفعها بسبب العقوبات المالية التي لا تزال الولايات المتحدة تفرضها عبر قانون قيصر الأمريكي، والذي استهدف منذ عام ٢٠٢٠ دولاً وشركات خارجية تتعامل مع سوريا .

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق