بدا جليا خلال الأيام الماضية أن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يحاول الانضمام إلى كوكبة الأحزاب السياسية والتنظيمات المختلفة التي تتطرق بشدة لموضوع ارتفاع كلفة المعيشة، بفعل غلاء أسعار المواد الأساسية الأكثر استهلاكا، الذي لم تكن الأغلبية الحكومية بدورها لتنفيه.
وباعتباره أكبر أحزاب المعارضة، اعتمادا على نتائج آخر انتخابات تشريعية، عمل “حزب الوردة” خلال الفترة الأخيرة على تحريك هياكله ومؤسساته الموازية، وطنيا وإقليميا، بما فيها منظمة النساء الاتحاديات، مبرمجا لذلك ندوات وأنشطة تتمحور غالبيتها حول موضوع “محدودية السياسات العمومية في مواجهة الغلاء”.
تأتي هذه التحركات موازية للنقاش السائد حاليا، سواء داخل الأغلبية أو المعارضة، حول مدى فعالية السياسات الحكومية المتبعة في مهام تزويد السوق بالمواد الأساسية والتخفيف من حدة غلاء الأسعار وطنيا، فضلا عن “التشنجات” التي ظهرت ببعض الأسواق بين المستهلكين والمهنيين.
ولا تنفكّ بعض القراءات عن اعتبار أن “حضور حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في المشهد السياسي لا يوازي حجمه الانتخابي ضمن أحزاب المعارضة، إلى درجة أن أحزابا أقل حجما منه (انتخابيا) تظهر أكثر نشاط وحيوية، تفاعلا مع عدد من المواضيع ذات الصبغة السياسية والاجتماعية، في الوقت الذي كان هو يتحيّن الفرصة لدخول الحكومة عند أي تعديل حكومي”.
وتظهر خلال هذه الظرفية مؤشرات على إصرار عدد من الأحزاب السياسية، أغلبية ومعارضة، على استغلال الأشهر المتبقية على موعد انتخابات 2026 بشكل سياسي وبراغماتي، وهو ما برز مؤخرا داخل البيت الحكومي، إذ بدا أن كل حزب يشتغل لوحده، مشيدا بـ”نجاحات” ومتهرّبا من “إخفاقات”.
مصدر من داخل المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قال إن “الظرفية الحالية تحتم على أي حزب سياسي مغربي الدخول على الخط، من خلال محاولة شرح الوضعية للمواطنين وآثارها عليهم، والتي كانت السياسات الحكومية وراءها”.
واستبعد المصدر ذاته “رغبة الحزب في الاستثمار سياسيا في موضوع غلاء الأسعار وتدني القدرة الشرائية لفئات معينة من المغاربة، وذلك قبل حلول موعد الانتخابات التي تراهن عليها الأغلبية كما المعارضة”، موضحا أن “الظرفية فرضت واستوجبت تكثيف الجهود على المستوى الداخلي”.
كما بيّن أن “الحزب، على عكس ما يدعيه البعض، لم يكن غائبا خلال الفترات السابقة، إذ كان يمارس دوره كحزب معارض من خلال هياكله، لا سيما فريقه بكل من مجلس النواب ومجلس المستشارين، ولعلّ القانون التنظيمي لممارسة الحق في الإضراب يبرهن على ذلك، من خلال التصويت عليه بالسلب”.
ولفت مصدر هسبريس من داخل المكتب السياسي لـ”الاتحاد الاشتراكي” إلى أن “الملاحظ اليوم هو أن الحزب يحاول الدخول على خط هموم المواطن في الوقف الراهن، لا سيما بعد نشوء مجموعة من عمليات التضليل التي قادتها أطراف حكومية خرجت للتو لتتنصّل من مسؤولياتها السياسية، محاولة لعب دور المعارضة”.
كما استبعد من جديد “رغبة الحزب بالركوب على ورقة غلاء الأسعار خلال الأشهر المقبلة؛ ذلك أن الشروع في إثارة هذا الموضوع بشكل بارز خلال هذا الشهر يرتبط بمستجدات الوضعية السياسية والاقتصادية، لا سيما بعد الفوضى التي عرفتها بعض الأسواق الأسبوعية وشكاوى المغاربة المتواصلة من استمرار الأسعار في التحليق عاليا”.
0 تعليق