مثقفون: سياسات عمومية تنهي توارث الفقر.. والإيديولوجيا تدور حول الشمس

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عدّد الأكاديمي نور الدين الهاشمي ودغيوي “الشروط التي يجب أن تتوفر في المثقف حاليا”، مشيرا إلى أنها “تستدعي، أولا وقبل كل شيء، مواكبته للسياق العالمي والمحلي”؛ وهو “سياق لا ينطوي على اجتياح الليبرالية الاقتصادية بمحاسنها ومساوئها فحسب، بل يلتقط كذلك تحولات قيمية مشتعلة في جوف العالم، خصوصا قضية الأسرة، وما يُعرف بظاهرة ‘كراء الرحم’. المثقف إذا لم يحرص على تتبع التحديثات الرائجة يغدو متجاوزا ومتحجرا في رؤيته بعيدا عن الواقع من حوله”.

وأضاف الهاشمي ودغيوي، الذي كان يتحدث خلال لقاء ثقافي نظمه مركز الدراسات والأبحاث عزيز بلال، مساء الأربعاء، حول موضوع “المثقف والسياسي.. أية علاقة؟”، أن “المشتغل في الثقافة مدعو أيضا إلى مواكبة المعرفة المتجددة باستمرار دون توقّف”، مبرزا أن “من يكتفي بما اكتسبه خلال دراساته الأكاديمية ومساره البحثي يجعل حظوظه في أن يتمّ تجاوزه مرتفعة”، وقال: “يصير بعيدا عن كافة تطورات عوالم الفكر والمعرفة”.

وبنوع من “الإحراج المنهجي”، شدد المتحدث على “تحلي المثقف بالشجاعة الكافية لاختبار مناهجه الخاصة ومراجعة البراديغمات التي ينطلق منها في عملية بناء المعرفة”، مشيرا إلى مقولة لكارل بوبر مفادها أن ‘أية نظرية علمية لا يمكن أن تسمى علمية إذا لم تكن قابلة للتكذيب’، وأورد: بمراجعتها يستطيع المثقف إلهام صانع القرار في صياغة سياسات عمومية هادفة إلى تحسين حياة المواطنين وخلق السعادة في المجتمع.

كما تطرق المتدخل لتجربة المغرب بعد الاستقلال، مبرزا أن البلد الشمال إفريقي “اختار التعددية السياسية منذ البداية. لم تكن مكتملة، لكنها كانت تُمثل اعتقادا أوليا وناشئا”، وواصل: “الإشكال أن التركيبة السياسية خضعت لقانون التراتب، مما أدى إلى فقدان التواصل مع القوى الحية والثقافية، على الرغم من الاشتباك بين الجميع في المصير؛ والرؤية تتطلع إلى ضمان حرية وكرامة المواطن وتكافؤ الفرص داخل المجتمع”.

وقال: “كان هذا محورا أساسيا في صياغة السياسات العمومية. لكننا ربما لا نعثر على تقاطع واضح بين ما ينتجه المثقف وبين من يقوم ببلورة هذه السياسات؛ لأن المشروع المجتمعي هو بالأساس موقف فلسفي يتطلب رؤية شاملة”، وزاد خاتما: “عندما نبني هياكل حقيقية لسياسة عامة أو عمومية نسهل الارتقاء الاجتماعي، ولا يصير الفقر متوارثا”.

من جانبه، قال الأكاديمي والكاتب والاقتصادي محمد شيكر إن “الحديث عن العلاقة بين السياسي والمثقف في هذه الظروف الخاصة يتعين ربطها بثورة تكنولوجية”، معتبرا أننا “نعيش في مرحلة انتقالية، سمتها فراغ فكري ناتج عن صعوبة تحديد المصير في المغرب وفي العالم”، وزاد: “منذ الثورة الصناعية وتطور المعرفة وُلدت أزمة فكر.. وهذه مفارقة عجيبة”.

وأبرز شيكر أننا “نعيش مرحبة انتقالية إلى حد الآن لم نستطع الإمساك بها، وظهرت الشعبوية بشكل واضح”، لافتا إلى أن “الجميع كان يظن، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، أن اليمين المتطرف والفكر الدوغمائي انتهى إلى غير رجعة؛ ولكننا لم ننتبه إلى الحقيقة: الإيديولوجيا، كالأرض، تدور حول الشمس”.

وتابع الأكاديمي والكاتب والاقتصادي: “نتحدث مرارا عن نهاية الإيديولوجية، مع أن الوضع غير متحقّق. هناك فراع ومرحلة انتقالية لم نتحكم فيها بعد. مرحلة ضبابية أنجبت فكرا شعبويا”.

وبخصوص علاقة المثقف والسلطة، اعتبر المتدخل ذاته أنه “لا يوجد مثقف مستقل بالكامل عن السلطة، كيفما كان نوعها”، مضيفا أن “المثقف، إذا لم يتوفر على جرأة أدبية حقيقية مستقلا عن الضغوط المالية، فلا يمكنه أن يلعب الدور المنوط به”. وزاد: “التاريخ يذكرنا أن المثقفين الكبار، حتى في المغرب، كان لهم ارتباط بالسلطة؛ مثلما كان الحال مع علال الفاسي أو محمد عابد الجابري، إلخ”.

وشدد الأكاديمي عينه على أن “الفاعل الثقافي يكون واضحا وعاريا في ما يكتبه وليس ما يقوله. لهذا، أتوجس عندما يتحدث الإنسان عن المثقف. أهرع مباشرة لمطالعته. الكتابة تجعل المثقف عاريا”، منبها في الآن ذاته إلى أن “المثقف يظل تقليديا، لذلك كانوا يُنعتون بالخاصة. كان لديهم موقف، حتى أن ابن رشد مثلا قيل إنه يوصي بعدم إيصال ما يروج بين الخاصة إلى العامة”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق