"الوزيعة" .. طقس اجتماعي يعكس قيم العيش المشترك شمال المغرب

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في مدن وأقاليم الشمال تواصل الكثير من الأوساط الشعبية والمجتمعية الحفاظ على بعض العادات الثقافية والاجتماعية العريقة، التي تكرس جانبا من التكافل والتضامن بين أفراد المجتمع وتعزز قيم العيش المشترك بعيدا عن الاستقلالية والفردانية الطاغيتين في الوقت الراهن.

أسامة، جزار من شباب أحد الأحياء الشعبية في مدينة طنجة، دأب على الإشراف على تنظيم وتدبير “الوزيعة” في الحي حيث يحظى بثقة الناس ويعمد إلى نحر عدد من الرؤوس في كل مناسبة وتوزيعها عليهم بثمن أقل من ثمن السوق.

وظهر الشاب المعروف في فيديو وهو يروج للرؤوس التي اقتناها من السوق الأسبوعي لأحد الغربية القريب من طنجة، موضحا نوع السلالة التي تنتمي إليها وجودتها وصغر سنها، واعدا الناس بسعر في المتناول يبلغ 90 درهما للكيلوغرام من لحم “الغنمي”.

يحكي أحمد، أحد سكان الحي، أنه منذ سنوات وهو يحرص على اقتناء حاجياته من اللحوم الحمراء من الشاب أسامة الطريبق، في إطار “الوزيعة”، بحلول كل مناسبة دينية.

وقال الرجل في حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية: “دائما نوزع مع سكان الحي، كل واحد يقتني ما يحتاج من اللحم الطري”، مشيدا بالأدوار التي يقوم بها هذا الشاب في الحفاظ على الطقس المتوارث عن الأجداد.

وأضاف الرجل، الذي يعمل بقالا، أن “الوزيعة حاضرة دائما عندنا،” وزاد مبينا: “خلال منتصف رمضان وعيد الفطر وذكرى المولد النبوي، نشارك في الوزيعة ونحصل على كمية كباقي الجيران من لحم الخروف”.

وسجل الرجل الستيني أن هذا الخيار الذي يجذب اهتمامه كل سنة، يبقى “منخفض السعر مقارنة مع السوق ومحلات الجزارين الذين يريدون الربح أكثر من اللازم”، مبرزا أن شراءه 5 كيلوغرامات من لحم الغنم في إطار “الوزيعة” يقل عن سعر الكمية نفسها لدى الجزار بـ100 درهم أو أكثر، خاصة إذا علمنا أن طنجة لم تتراجع فيها أسعار اللحوم إلا بشكل طفيف مقارنة مع باقي المدن.

في تعليقه على الموضوع، اعتبر أسامة خضراوي، باحث في العلوم الاجتماعية والثقافة الشعبية، أن طقس “الوزيعة” الذي ينظم “منتصف شهر رمضان من كل سنة، سيرا على نهج الأجداد والسالفين، من بين التقاليد والأعراف التي تتميز بها الثقافة الجبلية”.

وأضاف خضراوي، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن هذا الطقس “يُقام عادة بالقرب من المساجد أو الأضرحة، وهو طقس ثقافي وتآزري بامتياز، يجتمع فيه عدد من الناس ويشترون ذبيحة ثم يقومون بنحرها وتوزيع لحمها بين المساهمين فيها”.

وسجل خضراوي أن هذه العملية تتم في إطار وأجواء تملؤها “الفرحة والسعادة بمنتصف رمضان كطقس ديني مشبع بالتضامن والتراحم والتآخي بين أفراد القبائل”، موردا أنها تتكرر في مناسبات أخرى، مثل ذكرى المولد النبوي، ويمكن أن تشكل “ملجأ للبعض للهروب من لهيب أسعار اللحوم المشتعلة في السوق”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق