"الرزيزة" .. خيوط عجين ذهبية تزين موائد ساكنة القصر الكبير

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بخيوطها الذهبية الرفيعة تعتبر “الرزيزة” واحدة من الفطائر المغربية التقليدية التي تبرع النساء في إعدادها بكثير من المهارة والحذاقة.

وإن كانت “الرزيزة” فطيرة معروفة وتحضر بمختلف مدن المغرب إلا أن نساء القصر الكبير برعن بشكل خاص في إعدادها، بأشكال وأحجام مختلفة، ولاسيما مع اقتراب المناسبات الدينية، مثل العشر الأواخر من شهر رمضان الفضيل، لكونها تزين موائد الإفطار أو العشاء حسب الرغبة.

بشارع 20 غشت بساحة المحطة الطرقية تصطف عشرات الطاولات ومن ورائها نسوة يبعن “الرزيزة” التي أعدت في ساعات الصباح بكميات كافية لتلبية الطلب المرتقب على هذه الفطيرة الخاصة، حيث تعد بأحجام وأوزان مختلفة، قد تصل إلى الكيلوغرامين لكل فطيرة.

يقول محمد أخريف، رئيس جمعية البحث التاريخي والاجتماعي بمدينة القصر الكبير، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن “الرزيزة” تصنع على شكل خيوط دقيقة متشعبة، تشبه كثيرا لفائف خيوط الصوف (الطعمة)، وتتخذ بالفعل شكل العمامة التي توضع على الرأس، ما يجعلها تحمل اسم “رزة القاضي” في بعض المناطق.

وأضاف أخريف أن هذه الأكلة تعد من بين “الأحسن والألذ في المغرب، ومن أراد أن يتناولها عليه أن يتزود بها من مدينة القصر الكبير”، مشيدا بمهارة نساء المدينة في إعدادها.

بالدقيق والملح والماء يعد العجين الأولي لـ”الرزيزة”، قبل أن يشكل في خيوط رفيعة يتم لفها بشكل متواصل إلى أن تتخذ شكل “عمامة”، ثم يتم طهوها على آنية من الفخار، ما يضيف لها نكهة خاصة. وغالبا ما يكون لون الفطيرة مائلا إلى البني من الخارج وأصفر ذهبيا من الداخل حسب مستوى الطهو.

عن طريقة تحضير هذه الأكلة تبرز هاجر السغداني، منتجة وبائعة، أن “الرزيزة بالقصر الكبير لها طعم لذيذ وحجمها كبير، ويتطلب إعدادها بإتقان وبالطريقة التقليدية الكثير من الصبر والرغبة، لأن طريقة إعدادها متعبة بعض الشيء”.

وأضافت هاجر أنه على خلاف بعض المناطق، حيث تعد “الرزيزة” بإضافة الشحم أو الزبدة، تحرص النسوة بالقصر الكبير على إعدادها دون إضافات وبخيوط دقيقة جدا، ما يجعلها تطهى بشكل جيد وبمذاق لذيذ لا يقاوم، مبرزة أن هناك مستهلكين من مدن مجاورة، كوزان والعرائش وطنجة، يفضلون “رزيزة” القصر الكبير على نظيرتها المعدة عندهم محليا.

لتلبية الطلب المتنامي صارت النساء يلجأن إلى آلات خاصة قادرة على تحويل العجين إلى خيوط رفيعة، تلف يدويا قبل طهيها، وهي طريقة تمكن من زيادة الإنتاج إلى مستويات أكبر.

وإن كان البعض يفضل أكل “الرزيزة” مع مكونات مرافقة حلوة المذاق، من قبيل العسل أو المربى أو الزبدة، على اعتبار أنها فطيرة لا تختلف عن “البغرير” أو “المسمن”، فهناك من يفضل جعلها المكون الرئيسي لطبق مالح الطعم، على غرار “التريد” أو “الرفيسة”، حسب المناسبات.

في هذا السياق أوضحت السغداني أن “هذه الوجبة مشهورة بشمال المغرب عموما، واستهلاكها يكون على طول السنة، لكن يزيد الاقبال عليها في المناسبات الدينية، مثل ليلة القدر والمولد النبوي ومنتصف شعبان”.

بدوره أكد الباحث محمد أخريف أن “الرزيزة يتم تناولها في كل المناسبات، ولاسيما في الأعياد والأفراح، أو حينما تكون المرأة في مرحلة النفاس، وأيضا أواخر شهر رمضان”، مضيفا أن أهم طبق تعد به “الرزيزة” هو حينما تكون مرفقة بمرق الدجاج البلدي.

بالفعل، تعد نساء القصر الكبير مرق الدجاج البلدي مع البصل وبعض الثوم والملفوف والزعفران والزنجيل وباقي البهارات حتى يصبح متجانسا، ثم يضفن المرق الساخن والدجاج فوق “الرزيزة” حتى تتشرب العجينة الطعم اللذيذ، وتقدم الوجبة في ليلة السادس والعشرين أو السابع والعشرين من رمضان.

وعن أصول هذه الفطيرة أوضح أخريف أن هناك روايات عدة في هذا الشأن، فهناك من ينسبها إلى مطبخ العائلات العربية التي استقرت في قرون سابقة بالقصر الكبير، وهناك من يقول إن المورسكيين جاؤوا بها حينما استقروا بالمدينة، أو إنها فطيرة محلية تأثرت بروافد عدة.

يبدو أن “الرزيزة” ليست مجرد أكلة عادية، بل صارت رمزا لفن الطبخ التقليدي في تحضير العجين وتحويله إلى فطائر بأشكال مختلفة، ما يجعلها رمزا لإبداع المطبخ المغربي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق