المجمعات الصناعية.. قلاع كبرى في ...

بانكير 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

شهدت مصر في السنوات الأخيرة نهضة صناعية غير مسبوقة، تتجلى في إنشاء المجمعات الصناعية التي أصبحت بمثابة قلاع اقتصادية تعزز مكانة البلاد كمركز صناعي إقليمي، وهذه المجمعات، التي تتوزع على مختلف المحافظات، ليست مجرد مصانع أو وحدات إنتاجية، بل منظومات متكاملة تهدف إلى تعميق التصنيع المحلي، خلق فرص العمل، ودعم الاقتصاد الوطني في مواجهة التحديات العالمية.

وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض أهمية هذه المجمعات، تطورها، ودورها في تعزيز قوة الاقتصاد المصري.

استراتيجية طموحة للتنمية الصناعية

وتأتي المجمعات الصناعية في إطار استراتيجية الدولة لتحقيق رؤية مصر 2030، التي تسعى لتحويل الاقتصاد المصري إلى اقتصاد تنافسي متنوع يعتمد على الابتكار والإنتاج المحلي، ومنذ عام 2014، تبنت الحكومة المصرية خطة شاملة لإنشاء هذه المجمعات، بهدف دمج الاقتصاد غير الرسمي في المنظومة الرسمية، ودعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة التي تعد عصب التنمية المستدامة.

وبحسب بيانات الهيئة العامة للتنمية الصناعية، فقد تم إنشاء 17 مجمعًا صناعيًا حتى الآن في 15 محافظة، بتكلفة استثمارية تقدر بحوالي 10 مليارات جنيه، تضم أكثر من 5000 وحدة صناعية، وتوفر نحو 48 ألف فرصة عمل مباشرة.

توزيع جغرافي يعكس العدالة التنموية

وأحد أبرز ملامح هذه المجمعات هو التوزيع الجغرافي المتوازن، حيث ركزت الدولة على محافظات الصعيد التي استحوذت على النصيب الأكبر بواقع 10 مجمعات تضم 2628 وحدة صناعية، بنسبة 55% من إجمالي الوحدات.

ومن أمثلة ذلك مجمعات بياض العرب في بني سويف، والبغدادي في الأقصر، وعرب العوامر في أسيوط، وهذا التوجه يعكس حرص الدولة على تحقيق تنمية شاملة، تقلل الفجوة بين الريف والحضر، وتساهم في تقليص معدلات البطالة في المناطق الأقل حظًا تنمويًا.

كما شملت المجمعات محافظات الوجه البحري والقاهرة، مثل مجمع مرغم في الإسكندرية ومدينة بدر، لضمان تغطية شاملة.

776.jpg
المجمعات الصناعية في مصر

منظومة متكاملة لدعم الصناعة

وليست المجمعات الصناعية مجرد وحدات إنتاجية، بل هي مدن مصغرة مزودة بكل الخدمات اللازمة لضمان استدامة الأنشطة الإنتاجية، وتحتوي هذه المجمعات على مبانٍ إدارية، مراكز تدريب، منشآت لوجستية، وبنوك، بالإضافة إلى مرافق أساسية مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحي.

وعلى سبيل المثال، يضم مجمع الغردقة 218 وحدة صناعية متخصصة في الصناعات الغذائية والهندسية والكيماوية، ويقع بالقرب من موانئ تجارية ومطارات، مما يعزز قدرته التنافسية، وهذه البنية التحتية المتطورة تجعل من المجمعات بيئة جاذبة للمستثمرين، سواء المحليين أو الأجانب.

دعم الشباب والمستثمرين الصغار

وتستهدف المجمعات الصناعية بشكل رئيسي الشباب وصغار المستثمرين، حيث توفر وحدات جاهزة للتشغيل بمساحات متنوعة تناسب مختلف الأنشطة الصناعية، وقد أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي مبادرة لدعم هذه الفئة، شملت تسهيلات تمويلية من خلال التعاقد مع 8 بنوك، تقدم قروضًا بفائدة بسيطة تصل مدتها إلى 10 سنوات.

كما أتاحت الدولة نظام الإيجار بأسعار رمزية تبدأ من 20 جنيهًا للمتر، مما يخفف العبء المالي عن رواد الأعمال، وفي عام 2021، تم طرح 1751 وحدة في 7 مجمعات، تم تخصيص 761 منها لـ458 مستثمرًا، وهو ما يبرز الإقبال الكبير على هذه الفرص.

تأثير اقتصادي ملموس

وتساهم المجمعات الصناعية في تعزيز الناتج القومي من خلال تقليل الاعتماد على الواردات وزيادة الصادرات.

ووفقًا لتقارير دولية حديثة من مؤسسات مثل البنك الدولي وصندوق النقد، فإن الاقتصاد المصري أظهر مرونة كبيرة في مواجهة أزمات مثل جائحة كورونا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى هذه المشروعات.

والصناعة إلى جانب الزراعة تمثل المحرك الأساسي للتنمية، حيث أن المجمعات الصناعية في الصعيد وحدها يمكن أن تحول المنطقة إلى مركز إنتاجي كبير بفضل مواردها البشرية والطبيعية.

وتعد المجمعات الصناعية في مصر شاهدًا حيًا على قوة الاقتصاد وإرادة الدولة في بناء مستقبل صناعي مزدهر، وبفضل هذه القلاع الكبرى، تتحول مصر تدريجيًا إلى مركز إنتاجي يلبي احتياجاتها المحلية ويفتح أبواب التصدير للعالم، مؤكدة أن الصناعة هي مفتاح النهضة الشاملة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق