وسط مياه البحر الأحمر الساحرة، حيث تمتزج زرقة السماء مع صفاء البحر، وتتراقص الشعاب المرجانية بألوانها الزاهية، انطلقت الغواصة السياحية "السندباد" في رحلة بحرية كان يُفترض أن تكون تجربة لا تُنسى لمجموعة من السياح الأجانب والمصريين، تمنحهم فرصة مشاهدة الأعماق الخلابة من خلال نوافذها الزجاجية.

لكن الرحلة التي بدأت وسط البهجة والانبهار بجمال الطبيعة البحرية، تحولت إلى لحظات رعب وفزع، بعدما غرقت الغواصة بشكل مفاجئ، مما أسفر عن وفاة 6 أشخاص وإصابة 23 آخرين، في واحدة من أسوأ الكوارث البحرية التي شهدتها المنطقة.

تفاصيل الحادث.. لحظات الرعب تحت الماء

في تمام العاشرة صباحًا، تلقت غرفة عمليات محافظة البحر الأحمر بلاغًا عاجلًا يفيد بتعرض الغواصة "السندباد" للغرق أثناء إحدى رحلاتها السياحية أمام مارينا الماريوت بالغردقة.

كانت الغواصة تقل على متنها 50 شخصًا، بينهم 5 مصريين من طاقم الغواصة و45 سائحًا من جنسيات مختلفة، أبرزهم الروس، الهنود، النرويجيون، والسويديون.

ووفقًا لشهود العيان، بدأت الغواصة تميل بشكل غير طبيعي، قبل أن تبدأ في الغرق بسرعة وسط صرخات الركاب ونداءات الاستغاثة. ومع تسرب المياه إلى داخل الغواصة، سادت حالة من الفوضى، حيث حاول البعض القفز إلى الخارج، بينما ظل آخرون محاصرين داخلها، حتى اختفت الغواصة تمامًا تحت سطح البحر.

عمليات الإنقاذ وانتشال الضحايا

على الفور، هرعت فرق الإنقاذ البحري ووحدات الإسعاف إلى موقع الحادث، حيث تمكنت من انتشال 29 شخصًا من المياه، بينما تم العثور على 6 جثث، ونُقل 23 مصابًا إلى المستشفيات القريبة لتلقي العلاج اللازم.

وزارة الصحة تعلن الطوارئ وتكشف الحصيلة الرسمية

أعلنت وزارة الصحة والسكان عن الحصيلة الرسمية للحادث، والتي بلغت:

وفاة 6 أشخاص نتيجة الغرق.

إصابة 23 آخرين، تم نقلهم إلى المستشفيات المحيطة بموقع الحادث.

إنقاذ 29 شخصًا، كانوا عالقين داخل الغواصة أو في المياه المحيطة بها.

وأكدت الوزارة في بيانها أن جميع المصابين يخضعون للرعاية الطبية المشددة، وتم وضعهم تحت الملاحظة الدقيقة لحين استقرار حالتهم الصحية.

من جانبه، وجه الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، برفع حالة الطوارئ في المستشفيات القريبة، والتأكد من توفير أقصى درجات الرعاية الطبية للمصابين، مع تقديم الدعم النفسي والطبي اللازم لأسر الضحايا.

وأوضح الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة والسكان، أن المصابين يتلقون العلاج وفقًا لأحدث البروتوكولات الطبية، وأن الفرق الطبية تتابع حالاتهم بشكل مستمر، لضمان تقديم الرعاية الصحية اللازمة.

كما شددت الوزارة على أهمية الالتزام بإجراءات السلامة في المنشآت السياحية، لضمان سلامة المواطنين والسائحين ومنع تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل.

تحقيقات مكثفة لمعرفة أسباب الغرق

بدأت النيابة العامة والجهات المختصة تحقيقاتها لكشف أسباب الغرق المفاجئ، وسط تساؤلات حول مدى التزام الشركة المالكة بالغواصة بإجراءات الصيانة الدورية والفحص الفني، وما إذا كان هناك أي أعطال ميكانيكية أو أخطاء تشغيلية قد تكون تسببت في الكارثة.

إجراءات مشددة لمنع تكرار الحادث

أثار الحادث موجة من القلق والجدل حول إجراءات السلامة في الرحلات البحرية، وسط مطالبات بإجراء مراجعة شاملة لجميع الغواصات السياحية، لضمان توافر أعلى معايير الأمان ومنع تكرار مثل هذه المآسي في المستقبل.

وبينما تستمر التحقيقات، يظل السؤال مطروحًا: هل كان يمكن تفادي هذه الكارثة؟ ومن المسؤول عن وقوعها؟ الأيام القادمة ستحمل الإجابة، لكن المؤكد أن هذه الحادثة ستظل جرس إنذار قويًا للجهات المعنية بالسياحة البحرية في مصر.