"فقيد الثقافة التطوعية" .. كتاب يبرز المنسي من عطاء عباس الجراري

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في الذكرى الأولى لرحيل الأكاديمي البارز عباس الجراري، الذي رافقته صفة “عميد الأدب المغربي” لدى طلبته وقرّاءٍ له، يصدر كتاب جديد حول جانب لا يُتطرَّق له كثيرا من عطائه، وهو “ثقافة التطوع”، في إصدار لـ”دفاتر رباط الفتح”.

وشارك في هذا الكتاب أكاديميون ومسؤولون وفاعلون مدنيون، هم: عبد الكريم بناني، نور الدين اشماعو، محمد بن عيسى، محمد القباج، عزيز الحسين، جعفر ابن الحاج السلمي، جمال التازي، عمر المراكشي، الطيب الشودري، رشيد لحلو، حميدة الصايغ، وامحمد الجراري.

عبد الكريم بناني، رئيس رابطة الجمعيات الجهوية، نعى في الكتاب “أستاذ الأجيال الكبير، ومنظر الفكر المغربي الحديث والأصيل” الذي كان “رائدا من رواد الحركة الفكرية والثقافية بالمغرب المتنور”، الذي فقدت برحيله “الجمعيات الجهوية ورابطتها الوطنية، المناضل الذي كان من الأول المنظرين لمبادئها والمسطرين لأهدافها، والمحركين لأنشطتها الثقافية التطوعية”.

وتابع: “لم يهدأ له بال ولا قرار إلا وهو يحاضر في جامعاتنا وكلياتنا بربوع البلاد، ويؤطر الطلبة ويسهم في تنشيط اللقاءات الثقافية، وما أن يحل بمدينة من المدن إلا وسارع أهلها وجمعياتها إلى لقائه ومحاورته والاستفادة من أحاديثه ومقارباته الفكرية والاجتماعية في مختلف مرجعياتها التراثية والأدبية والتطوعية، معززة سلوكه الفاعل في نهضة الثقافة المغربية الحديثة”.

الراحل محمد بن عيسى، الذي ووري الثرى شهر مارس الجاري، قدّم كلمته رئيسا لمؤسسة منتدى أصيلة الثقافي ناعيا في المؤلَّف عباساً الجراري، قائلا: “كنا معا نعيش وقتها في القاهرة. أنا أواصل مشواري الدراسي، في حين كان يعمل مستشارا ثقافيا بسفارة المغرب لدى مصر.

وكان الشاب عباس الجراري، حينذاك، قد بدأ يؤسس لمساره الجامعي مركزا على الدراسات الأدبية والبحث في التراث المغربي (…) وسرعان ما ترك الفقيد العزيز العمل بالسلك الدبلوماسي، ليؤسس لمصيره في رحاب العلم بالجامعة المغربية، ويصبح واحدا من أعلامها وصروحها، مستلهما همة والده العالم الجليل والمؤرخ والناقد الأدبي، المرحوم عبد الله الجراري”.

وتابع: “ربما جاز لنا اليوم أن نقول، دونما مبالغة، بأن المرحوم عباسا الجراري كان من المؤسسين الرواد للدرس الأدبي المعاصر في الجامعة المغربية. فلقد عاش في خضم كل التحولات الفكرية، التي شهدتها الجامعة. وعلى يديه نشأت أجيال من الباحثين المغاربة والعرب، في الأدب المغربي والأندلسي وفي التراث الشعبي، وتراجم الأعلام والتاريخ الأدبي والحضاري المغربي، بل وفي كل تعبيرات الثقافة المغربية قديمها وحديثها”.

وزاد: “خارج الجامعة، كان للأستاذ البحاثة المرحوم عباس الجراري حضور منتظم في المحافل الثقافية داخل المغرب وخارجه. وقد ترك للمكتبة المغربية والعربية والإسلامية رصيدا هائلا من المؤلفات القيمة في قضايا أدبية وفكرية وتاريخية، وفي موضوعات فقهية، علاوة على ما حققه ودرسه من نصوص تراثية كثيرة. وموازاة مع ما صدر له من تآليف غزيرة، ظل قلما أليفا على أعمدة المجلات الأدبية والفكرية، والملاحق الثقافية للصحف. وكان في كل مشاركاته ومحاضراته وندواته متحدثا فصيحا، وعالما مطلعا، وفقيها متبصرا (…) وقد قيض الله له أن يصل إلى مواقع ومسؤوليات رفيعة في الدولة، فما تبدلت أخلاقه، ولا شغله شيء عن العلم وأهل العلم”.

الأكاديمي مصطفى الجوهري، معدّ الكتاب الجماعي ومقدّمه، نعى بدوره “فقيد الثقافة التطوعية، وأحد رجالها في بلادنا، أستاذ الأجيال الدكتور عباس الجراري (…) الذي رغم مهامه ومسؤولياته الكثيرة، فإنه ظل وفيا لمشروعه العلمي الأكاديمي الثقافي والجمهوري والإنساني، ملتزما بتطويره وتجديد محاوره، ومن أهم بنود هذا المشروع الالتفات إلى ثقافة التطوع في رؤية محصنة بمنظومة من القيم والفضائل، وفي إصرار على امتداد إشعاعها بين الأجيال”.

وقدّم الجوهري ثلاثة نماذج للعمل التطوعي لعباس الجراري؛ أولها “النادي الجراري” أعرق النوادي الثقافية بالمغرب، الذي انخرط فيه منذ طفولته، ثم أضاف إليه وأكمل مسيره بعد رحيل مؤسسه العالم عبد الله الجراري، وكونه أحد مؤسسي “جمعية رباط الفتح” والمشاركين المكثرين في أنشطتها، فضلا عن “الاستجابة الطوعية والدائمة للمشاركة في المؤتمرات والملتقيات الثقافية والمهرجانات الفنية، وكذا الاستجابة لنداءات وطلبات الجمعيات والمنظمات والهيئات المحلية والوطنية والدولية على تعدد مشاربها الثقافية”؛ مما يبرز “خاصية نادرة المثال في ثقافة التطوع، التي تخدم الصالح العام”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق