إلغاء العقوبات على روسيا لن يؤثر كثيرًا في أسواق النفط العالمية (تحليل)

الطاقة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

اقرأ في هذا المقال

  • العقوبات الغربية لم تمنع صادرات النفط الروسي من التداول حول العالم.
  • إنتاج النفط الروسي انخفض بمعدلات طفيفة مقارنة بمستويات ما قبل الحرب.
  • أميركا قد تبادر إلى رفع العقوبات بحلول 2026 إذا وصلت إلى اتفاق سلام.
  • رفع العقوبات سيحقق مكاسب فورية للمنتجين الروس مع إلغاء السقف السعري.
  • إيرادات صادرات النفط الروسي قد ترتفع بقيمة 6 مليارات دولار سنويًا.
  • رفع العقوبات قد يُنعش استثمارات المنبع ويعيد إحياء مشروع فوستوك أويل.

تُثار التكهنات بشأن احتمال إلغاء العقوبات على روسيا من جانب الولايات المتحدة على الأقل في إطار المفاوضات الجارية لإنهاء الحرب الأوكرانية المستمرة منذ 3 سنوات.

ورغم التفاؤل المتزايد بإلحاح الرئيس ترمب على إنهاء الحرب وسعيه للوصول إلى اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا؛ فإن آثار الاتفاق لن تكون كبيرة في أسواق النفط مقارنة بأسواق الغاز الطبيعي والمسال، بحسب تحليل حديث اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرها واشنطن).

على العكس من ذلك، سيكون قطاع النفط الروسي المستفيد الأكبر والفوري من رفع العقوبات على موسكو، وسط تقديرات بأن ترتفع إيرادات القطاع بمقدار 6 مليارات دولار سنويًا حال التوصل لاتفاق سلام.

ويرجّح التحليل مبادرة الولايات المتحدة برفع العقوبات المفروضة على موسكو بحلول عام 2026، إذا حصل تقدم في محادثات السلام، في حين سيتأخر رفع عقوبات الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة حتى عام 2030.

أبرز العقوبات على روسيا

تعرّضت صادرات الطاقة الروسية لسلسلة عقوبات واسعة فرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ومجموعة الـ7 الصناعية الكبرى منذ غزوها لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022 حتى الآن.

ومن أبرز هذه العقوبات، الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على صادرات الفحم الروسي، وقد بدأ سريانه منذ أغسطس/آب 2022.

كما فرض الاتحاد ومجموعة الـ7 حظرًا على صادرات النفط الروسي الخام المنقول بحرًا، ووضع حدًا أقصى لتداوله عند 60 دولارًا للبرميل بداية من 5 ديسمبر/كانون الأول 2022، ثم لحقه حظر آخر على المشتقات النفطية بدء سريانه منذ 5 فبراير/شباط 2023.

وفي 10 يناير/كانون الثاني الماضي، فرضت إدارة الرئيس بايدن –قبل تسليمها السلطة لترمب بأيام- عقوبات جديدة على روسيا استهدفت كبرى الشركات المنتجة للنفط، إضافة إلى 30 شركة متخصصة في خدمات حقول النفط.

وشملت هذه العقوبات حظر أكثر من 180 سفينة، منها 160 ناقلة يرجح أنها مسؤولة عن نقل 1.6 مليون برميل يوميًا، أو ما يعادل 22% من إجمالي الصادرات الروسية المنقولة بحرًا في 2024.

وكانت العقوبات الأميركية الأخيرة أشد أثرًا في محاصرة صادرات النفط الروسي، إذ لم تتمكن 3 ناقلات روسية تحمل أكثر من 2.2 مليون برميل من تفريغ حمولاتها في مواني الصين منذ سريانها، بحسب وكالة بلومبرغ.

أسباب ضعف العقوبات على روسيا

رغم تراكم العقوبات على روسيا من قِبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة؛ فقد ظلت الصادرات الروسية تشق طريقها إلى أسواق النفط العالمية مستعملة كل الحيل والألاعيب الممكنة.

وحافظت صادرات النفط الخام والمكثفات الروسية على متوسط مستقر خلال السنوات الـ3 الماضية عند 3 ملايين برميل يوميًا، بحسب تقديرات وود ماكنزي، رغم اضطرارها إلى الانتقال من أسواق التصدير التقليدية في أوروبا والولايات المتحدة إلى مصافي التكرير الأبعد في آسيا.

بينما بلغ إجمالي حجم صادرات النفط الروسي (شاملة الخام والمنتجات النفطية) قرابة 7.5 مليون برميل يوميًا خلال عام 2024، مقارنة بنحو 7.9 مليونًا عام 2023، و8.1 مليونًا عام 2022، بحسب بيانات وكالة الطاقة الدولية التي تشير إلى تأثر الصادرات الروسية نسبيًا خلال السنوات الـ3 الماضية.

ويوضح الرسم التالي -أعدته وحدة أبحاث الطاقة- حركة صادرات الخام الروسي والمنتجات النفطية خلال السنوات الـ3 الماضية حتى أول شهرين من عام 2025:

حركة صادرات النفط الروسي منذ 2022 وحتى فبراير 2025

وبلغ متوسط صادرات النفط الخام الروسي المنقولة عبر خط أنابيب شرق سيبيريا والمحيط الهادئ 0.8 مليون برميل يوميًا، معظمها يذهب إلى الصين.

وفي أوائل شهر مارس/آذار 2025، تجاوزت أحجام النفط الروسي المصدرة عبر هذا الخط مليون برميل يوميًا، بحسب بيانات شركة أبحاث الطاقة وود ماكنزي.

واستعملت روسيا كل الحيل التاريخية والمبتكرة للالتفاف على العقوبات المفروضة على صادراتها المنقولة بحرًا، بما في ذلك تزييف إحداثيات نظام تحديد المواقع العالمي للناقلات (GPS)، وتعطيل أجهزة الإرسال والاستقبال.

كما توسّعت في عمليات نقل النفط من سفينة إلى أخرى غير خاضعة للعقوبات، والتنقل بين الأعلام، واستعمال شركات وهمية لإخفاء تفاصيل الملكية، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وحافظت أحجام خام الأورال -الذي يهيمن على صادرات النفط الخام الروسية المنقولة بحرًا- على استقرارها منذ بدء الحرب عند 1.5 مليون برميل يوميًا، ومعظمها ظل يمر عبر قناة السويس إلى شبه القارة الهندية.

على الجانب الآخر، لم يتأثر إنتاج روسيا من النفط بالعقوبات إلا بصورة جزئية طفيفة، فقد بلغ متوسط 10.85 مليون برميل يوميًا في 2024، بانخفاض 4% فقط عن عام 2022، البالغ 11.28 مليون برميل يوميًا.

ويرجع السبب الرئيس لهذا الانخفاض الطفيف -بحسب وود ماكنزي- إلى امتثال روسيا لالتزامات سياسة الخفض الطوعي للإنتاج في تحالف أوبك+، التي تفرض على كل دولة خفض إنتاجها بقدر معين.

آثار إلغاء العقوبات على روسيا

إذا ألغيت العقوبات على روسيا فلن تشهد أسواق النفط العالمية زيادة كبيرة في المعروض على المدى القصير، بسبب استقرار الإنتاج الروسي واستمرار الصادرات في الوصول إلى الأسواق.

ورغم ذلك، فإن المصدرين الروس سيحققون مكاسب اقتصادية كبيرة من رفع العقوبات التي ستشمل بالضرورة إلغاء السقف السعري المفروض على تداول الخام الروسي عند 60 دولارًا للبرميل.

وإذا تحقق ذلك؛ فمن المتوقع أن تضيق الفروق السعرية بين خام الأورال وخام برنت بصورة كبيرة، ما سيحقق إيرادات فورية للمنتجين الروس، تقدر بنحو 6 مليارات دولار سنويًا، وهو ما يعادل زيادة بنسبة 10% في أحجام الصادرات، وفق حسابات وود ماكنزي.

وكانت إيرادات صادرات النفط الروسي (الخام والمنتجات) قد ارتفعت بنسبة 2% إلى 192 مليار دولار خلال عام 2024، مقارنة بنحو 188.4 مليار دولار خلال العام السابق (2023)، بحسب بيانات وكالة الطاقة الدولية.

بينما انخفضت الإيرادات بنسبة 15% على أساس شهري خلال فبراير/شباط الماضي، لتصل إلى 13.3 مليار دولار، وهو أقل مستوياتها منذ فبراير/شباط 2023، بسبب تقلب أسعار الخام العالمية، وتأثر روسيا بالعقوبات الأميركية الأخيرة.

ويوضح الرسم التالي -أعدته وحدة أبحاث الطاقة- تطور إيرادات صادرات النفط الروسي منذ عام 2022 حتى شهر فبراير/شباط 2025:

إيرادات صادرات النفط الروسي منذ 2022 وحتى فبراير 2025

وتشير التقارير المتداولة إلى أن شحنات خام الأورال المسلمة إلى شبه القارة الهندية بحرًا بنظام التسليم على ظهر السفينة، تقل أسعارها عن خام برنت المسلم بالطريقة نفسها بما يتراوح من 15 إلى 20 دولارًا، مقارنة بمستويات كانت تتراوح من 2 إلى 4 دولارات للبرميل قبل عام 2022.

مع ذلك، لا تتوقع وود ماكنزي أن يؤثر رفع العقوبات عن روسيا في أسعار النفط كثيرًا، وسط تقديرات بأن يظل المعروض مستقرًا إضافة إلى ثبات أساسيات السوق.

ورغم أن رفع العقوبات قد يزيل أحد مصادر التوتر الجيوسياسي الداعمة لارتفاع أسعار النفط، فإن عودة الحرب الإسرائيلية على غزة قد تعزز من وضع التوتر، وتؤخر تحقيق هدف ترمب لخفض أسعار الخام.

وبعيدًا عن ذلك، تتوقّع وود ماكنزي انخفاض متوسط سعر خام برنت بنسبة 10% إلى 73 دولارًا للبرميل في عام 2025، في ظل قلق السوق من الرسوم الجمركية الأميركية التي تهدد نمو الطلب، وتأكيد تحالف أوبك+ خطته لتخفيف قيود الإنتاج بداية من أبريل/نيسان 2025.

هل يستفيد قطاع المنبع الروسي؟

على الجانب الآخر، يُتوقع أن يؤدي إلغاء العقوبات على روسيا إلى إعادة إحياء مشروع فوستوك أويل البري -أكبر مشروعات روسيا النفطية منذ سقوط الاتحاد السوفيتي- والذي يتوقع أن يصل إنتاجه إلى مليوني برميل يوميًا.

ويمكن لإعادة إحياء هذا المشروع الضخم أن ينعش استثمارات المنبع (الاستكشاف والإنتاج) في روسيا، لكن شركات النفط العالمية ربما تظل على موقفها غير المتحمس للمشاركة في هذا المشروع، وهو موقف سابق على الحرب الأوكرانية.

ورغم ذلك؛ فإن فرص المشروع ستكون أفضل مع عودة شركات الخدمات النفطية الغربية إلى روسيا، إضافة إلى إلغاء الحظر على التمويل وخدمات الشحن، وتنوع أسواق التصدير في حال رفع العقوبات.

كما طرحت روسيا على الولايات المتحدة في المباحثات الأخيرة في الرياض فرص الاستثمار بالقطب الشمالي الروسي، لكن من غير الواضح ما إذا كان هذا الخيار متاحًا في المناطق البحرية أم البرية، إذ لا يزال التنقيب البحري في القطب الروسي مكلفًا للغاية، ويتطلب تقنيات معقدة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق