تركيا تحذو حذو أوكرانيا في استخدام أجهزة iPad للتحكم في أسلحة الطائرات

الرئيس نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تشهد ساحة التكنولوجيا العسكرية تطورات متسارعة في السنوات الأخيرة، حيث بدأت دول مثل تركيا في استلهام أساليب مبتكرة من تجارب عسكرية حديثة، مثل تلك التي استخدمتها أوكرانيا في حربها ضد روسيا.

 ووفقًا لتقرير نشره موقع "Defense News"، كشفت مصادر عسكرية تركية عن نية أنقرة دمج أجهزة "iPad" في أنظمة التحكم بأسلحة الطائرات المسيرة، مستوحاة من نجاح أوكرانيا في استخدام هذه الأجهزة لتوجيه طائرات "بيرقدار TB2" التركية الصنع ضد القوات الروسية. 

يعكس هذا التوجه طموح تركيا لتعزيز كفاءة قواتها الجوية باستخدام تكنولوجيا تجارية متاحة بتكلفة منخفضة وأداء عالٍ، مما يضعها في صدارة الدول التي تجمع بين الابتكار والفعالية في المجال العسكري.

بدأت أوكرانيا في استخدام أجهزة "iPad" كواجهات تحكم محمولة خلال النزاع مع روسيا عام 2022، حيث أثبتت هذه الأجهزة فعاليتها في توجيه الطائرات المسيرة بدقة عالية، خاصة في ظل الحاجة إلى حلول سريعة ومرنة على أرض المعركة. الطائرات المسيرة مثل "بيرقدار TB2"، التي أنتجتها شركة "بايكار" التركية، كانت تُدار عبر أنظمة تحكم معقدة تتطلب تدريبًا مكثفًا ومعدات ثقيلة، لكن أوكرانيا نجحت في تبسيط العملية باستخدام تطبيقات مخصصة على الأجهزة اللوحية. هذا النجاح لم يقتصر على تحسين الأداء القتالي فحسب، بل ساهم أيضًا في تقليل الوقت اللازم لتدريب المشغلين، مما جعل القوات الأوكرانية أكثر مرونة في مواجهة تهديدات العدو.

 تركيا، التي تابعت هذه التجربة عن كثب، تسعى الآن إلى تطبيق الفكرة ذاتها لتطوير قدراتها العسكرية، سواء في العمليات الداخلية ضد حزب العمال الكردستاني أو في دعم حلفائها في مناطق النزاع مثل ليبيا، أذربيجان، وقطر.

من الناحية التقنية، تتيح أجهزة "iPad" مزايا عديدة تجعلها مناسبة لهذا الغرض، منها خفة الوزن، سهولة الاستخدام، وشاشات العرض عالية الجودة التي تتيح رؤية واضحة لبيانات الاستطلاع والهدف. 

كما أن قدرتها على الاتصال بشبكات الإنترنت اللاسلكية أو الأقمار الصناعية تتيح نقل البيانات في الوقت الفعلي بين الطائرة المسيرة والمشغل، مما يعزز التنسيق في العمليات المعقدة. تركيا، التي أصبحت رائدة عالميًا في صناعة الطائرات المسيرة، ترى في هذا النهج فرصة لتحسين أنظمة التحكم في طائراتها مثل "أنكا" و"أكنجي"، بالإضافة إلى "بيرقدار". وتشير المعلومات إلى أن شركة "بايكار" تعمل على تطوير برمجيات متقدمة متوافقة مع الأجهزة اللوحية، مع إمكانية دمجها مع أنظمة الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات وتحديد الأهداف تلقائيًا، مما قد يرفع من كفاءة الطائرات في المهام الاستطلاعية والهجومية على حد سواء.

على صعيد آخر، يمتد تأثير هذا التطور إلى ما هو أبعد من مجرد تحسين الأداء العسكري، حيث يعكس رؤية تركيا لتقليص تكاليف الإنتاج والتشغيل في صناعة الدفاع. فبدلًا من الاعتماد على أنظمة تحكم مخصصة باهظة الثمن، يمكن لاستخدام أجهزة تجارية مثل "iPad" أن يخفض التكاليف بشكل كبير، سواء في مرحلة التصنيع أو التدريب. على سبيل المثال، يمكن للجنود تعلم تشغيل هذه الأنظمة في غضون أيام بدلًا من أسابيع أو أشهر، وهو ما يمنح تركيا ميزة تنافسية في سوق التصدير. 

فقد شهدت طائراتها المسيرة طلبًا متزايدًا من دول مثل بولندا، أوكرانيا، إثيوبيا، وتونس، وهذا الابتكار قد يزيد من جاذبيتها كخيار اقتصادي وعملي في الأسواق العالمية.

مع ذلك، يثير هذا التوجه تحديات لا يمكن تجاهلها، خاصة في مجال الأمن السيبراني. أجهزة "iPad"، كونها تعتمد على أنظمة تشغيل تجارية مثل "iOS"، قد تكون عرضة للاختراق أو التدخل الإلكتروني من قبل خصوم متطورين مثل روسيا أو الصين.

 لمواجهة هذا الخطر، تعمل تركيا على تطوير طبقات حماية إضافية، بما في ذلك تشفير البيانات واستخدام شبكات اتصال خاصة، لضمان سلامة العمليات. كما أن هناك خططًا لتطوير أجهزة لوحية مخصصة تحمل علامة "صنع في تركيا"، لتقليل الاعتماد على التكنولوجيا الأجنبية مع الاستفادة من الخبرة المحلية في هذا المجال.

من الناحية الاستراتيجية، يعزز هذا التطور من مكانة تركيا كقوة عسكرية إقليمية وعالمية، حيث تثبت قدرتها على الابتكار والتكيف مع متطلبات الحروب الحديثة. ففي الوقت الذي تعتمد فيه دول كبرى على أنظمة معقدة ومكلفة، تقدم تركيا نموذجًا يجمع بين البساطة والكفاءة، مستفيدة من تجارب الحلفاء مثل أوكرانيا. كما أن هذا النهج قد يشجع دولًا أخرى على محاكاة هذه الاستراتيجية، مما يعزز من تأثير تركيا في تشكيل مستقبل التكنولوجيا العسكرية.

في الختام، يمثل استخدام تركيا لأجهزة "iPad" في التحكم بأسلحة الطائرات خطوة جريئة نحو إعادة تعريف الحروب الحديثة، مستلهمة من نجاح أوكرانيا ومبنية على رؤية طموحة للجمع بين التكنولوجيا المدنية والعسكرية.

 هذا الابتكار لا يعكس فقط قدرة أنقرة على التكيف مع المتغيرات، بل يؤكد دورها كلاعب رئيسي في ساحة الدفاع العالمية.

 ومع استمرار تطوير هذه التقنية، قد تصبح تركيا نموذجًا يُحتذى به في كيفية تحويل الأدوات اليومية إلى أسلحة فعالة، مما يرسم ملامح جديدة للصراعات المستقبلية

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق