يواجه قطاع الصلب في الهند تهديدات جديدة خلال العام الجاري قد تُضعف هيمنته في الأسواق العالمية، حيث لا تقتصر التحديات على صعوبة التكيف مع التقنيات الحديثة، بل تتسارع نتيجة قوانين الكربون الأوروبية.

وتُعد القارة العجوز إحدى أهم الأسواق لتجارة الصلب الهندية، حيث تشكّل 25% من إجمالي الصادرات؛ لذا باتت نيودلهي أمام تحدٍّ حاسم للامتثال للقوانين الجديدة.

وأشار تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، إلى أن فشل الهند -ثاني أكبر منتج عالميًا- في التكيّف مع هذه المعايير الصارمة، قد يجعلها تواجه غرامات مالية ضخمة قد تؤثر في قدرتها التنافسية بالسوق العالمية.

وبحلول عام 2034، قد تواجه الهند وروسيا أعلى تكاليف كربون في صناعة إنتاج الصلب، وقد تصل هذه الرسوم إلى 397 دولارًا للطن، حتى إذا ظلت أسعار الكربون ثابتة.

تحديات تواجه قطاع الصلب في الهند

يواجه قطاع الصلب في الهند تحديًا كبيرًا مع تنفيذ آلية تعديل حدود الكربون في الاتحاد الأوروبي، الذي سيبدأ تطبيقها الكامل بحلول 2034، وسيفرض من خلالها تكلفة كربونية على الواردات، بما في ذلك الصلب، بناء على الانبعاثات المرتبطة بالإنتاج.

وأظهر التقرير الصادر عن شركة ريستاد إنرجي أن إنتاج الصلب في الهند أكثر كثافة في انبعاثات الكربون مقارنة بمعظم المنافسين، ممّا قد يؤدي إلى فرض رسوم إضافية تصل إلى 80 دولارًا للطن بحلول 2030، في حالة عدم تبنّي تقنيات أنظف.

ويرى أن ارتفاع التكاليف يهدّد بتقويض قدرة الهند التنافسية في السوق الأوروبية، ويجعل القطاع أقل جاذبية مقارنة بالبدائل من دول، مثل كوريا الجنوبية وتركيا، وقد يُزيح ذلك الهند من قائمة أكبر 3 منتجين.

وخلال السنوات المقبلة، قد يصبح الحد من الانبعاثات الكربونية أمرًا ضروريًا للمنافسة في السوق مع تطور توجهات المستهلكين، إذ تعمل الحكومات والصناعات على زيادة دعمها للتقنيات منخفضة الكربون، في حين تواجه الشركات التي تتأخر في التكيف خطر التراجع.

وفي الهند، التي ما تزال تعتمد على الفحم في إنتاج الصلب، يتطلّب الانتقال إلى بدائل منخفضة الكربون استثمارات وابتكارات ضخمة، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ويرى التقرير أنه يجب على الهند مواجهة التحديات المتعلقة بتكاليف الكربون، إذ إن المتبنين الأوائل للتقنيات النظيفة قد يكتسبون ميزة تنافسية قوية في الأسواق العالمية.

تحول قطاع الصلب في الهند

بحسب تقرير ريستاد إنرجي، بدأ قطاع الصلب في الهند تعديل إستراتيجياته للتكيّف مع السياسات العالمية المتزايدة في دعم التقنيات منخفضة الكربون.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2024، قدّمت الحكومة الهندية نظام تصنيف للصلب الأخضر ضمن إطار برنامج الحوافز المرتبطة بالإنتاج (PLI)، إذ يُعدّ الصلب "أخضر" إذا كانت انبعاثاته الكربونية أقل من 2.2 طنًا لكل طن من الصلب المنتج، أما الصلب الذي يقل انبعاثاته عن 1.6 طنًا لكل طن من الصلب المنتج فيحصل على أعلى تصنيف.

ويهدف هذا البرنامج إلى تحفيز الشركات الهندية لتقليص الانبعاثات وتبنّي تقنيات أنظف.

وبحسب التقرير، تتبنّى أكبر 5 شركات هندية -"تاتا ستيل"، و"جيه إس دبليو ستيل"، و"جيندال ستيل آند باور"، وهيئة الصلب الهندية، وشركة "إيه إم/إن إس إنديا"- إستراتيجيات تهدف إلى خفض انبعاثات الكربون، ووضع بعضها أهدافًا لتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2045.

وفي خطوة رائدة، ستشغل شركة "تاتا ستيل" مصنعًا جديدًا يحتوي على فرن القوس الكهربائي بسعة 0.75 مليون طن سنويًا، بهدف إنتاج صلب منخفض الكربون، فضلًا عن الاستثمار في مصنع لاحتجاز الكربون لتوفير 379 ميغاواط من الكهرباء المتجددة لتشغيل منشآتها.

وفي السياق ذاته، تهدف "جيه إس دبليو ستيل" إلى تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050، وبدأت تعزيز الإنتاج بالاعتماد على تقنيات منخفضة الكربون، بالإضافة إلى استثمار مليار دولار في تقنيات إزالة الكربون.

ومع خطط التوسع الكبيرة لهذه الشركات، التي تستهدف إنتاج 189 مليون طن سنويًا بحلول 2035، تظلّ المخاوف قائمة حول القدرة على موازنة النمو مع خفض الانبعاثات، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وتشير التوقعات إلى أن الشركات ستتمكّن من تقليص انبعاثاتها بنسبة 43% فقط بحلول العقد المقبل، وهو ما يُعد أقل بكثير من المستويات المطلوبة للامتثال لمعايير الاتحاد الأوروبي الصارمة.

وإذا استمرت هذه الوتيرة فقد تواجه صناعة الصلب الهندية تكاليف كربون تصل إلى 116 دولارًا للطن بحلول عام 2034، مما قد يُعرّضها لعواقب وخيمة في السوق الأوروبية بسبب الغرامات الضريبية على الكربون.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

1. تحديات تواجه قطاع الصلب في الهند من ريستاد إنرجي.