في تصريحات تعكس تصاعد القلق في موريتانيا من تداعيات التنقيب عن المعادن خارج حدود البلاد جددت السلطات في هذا البلد، على لسان الطيب ولد محمد محدود، والي ولاية تيرس زمور، خلال زيارته الأخيرة إلى مقاطعة “بئر أم كرين” الحدودية مع المغرب، الدعوات الصارمة إلى المنقّبين بضرورة احترام الحوزة الترابية للبلاد، خاصة مع استمرار تسجيل حوادث عبور إلى داخل الأراضي المغربية، وانعكاس ذلك على الأمن القومي لنواكشوط وعلاقاتها الدبلوماسية مع دول الجوار.
وقال المسؤول الترابي الموريتاني ذاته، خلال مؤتمر صحافي، إن “المنقّبين مطالبون باحترام الحدود الوطنية في مزاولة أنشطة التنقيب عن الذهب، واحترام القانون والأعراف والاتفاقيات التي تؤطر علاقات الدولة الموريتانية بالدول المجاورة”، مشددًا على “ضرورة قصر أنشطة التعدين على المناطق والأروقة المسموح فيها بذلك، والخاضعة لسلطة شركة معادن موريتانيا”.
في سياق مماثل قال محمد محمود ولد الحسن، رئيس الاتحاد العام للمنقّبين الموريتانيين، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن “تصرفات المنقّبين الذين ينقبون خارج الحدود متهورة ومخالفة للقانون، وتعرّضهم للخطر، كما تسبب إحراجًا دبلوماسيًا للدولة الموريتانية، وتُعطي صورة سيئة عنها”.
وذكر المتحدث ذاته أن “هذه التصرفات تكون أحيانًا ناتجة عن غياب الوعي، خصوصًا في صفوف العمال اليدويين الذين لا يعرفون حدود البلد، كما أنهم لا يملكون أجهزة لتحديد المواقع، بل يُغرّر بهم أحيانًا كثيرة من طرف المستثمرين، ملاك السيارات، وممولي الرحلات، أو على الأصح ممولي رحلات الموت”.
وتابع ولد الحسن بأن “الكثير من الشباب الموريتانيين يعيشون تحت وطأة البطالة، ما يجعل أملهم في التعدين الأهلي، لأنه قطاع غير مصنّف ولا يحتاج إلى شهادات جامعية”، مبرزًا أن “الظروف القاسية التي يعيشها الشباب هي التي تجعلهم أحيانًا يتعدّون الحدود أملًا في تحقيق الحلم”، وزاد: “كما أن الفتاوى الفقهية التي تقول إن الحدود بين بلاد المسلمين غير موجودة، وإنما هي من صنع المستعمر، تُشجع هي الأخرى على انتهاك حدود الدول المجاورة”.
وتفاعلاً مع سؤال للجريدة حول طبيعة الإجراءات التي اتخذتها السلطات الموريتانية لإجبار المنقّبين على احترام الحوزة الترابية للبلاد أكد الفاعل النقابي ذاته أن “الإجراءات التي تتخذها السلطات في هذا الصدد غير كافية، وذلك لعدة عوامل، من أهمها غياب عقوبات رادعة لمرتكبي هذا الجرم، وعدم تأمين الحدود، إضافة إلى انعدام دوريات عسكرية ونقاط تفتيش أمنية لمراقبة التحركات عبر الحدود”.
وشدد المتحدث على أن “السبيل الوحيد لتنظيم التنقيب وفرض احترام الحوزة الترابية هو أن تجلس السلطات الإدارية والعسكرية مع نقابات التعدين، لوضع خطة محكمة للقضاء على هذه الظاهرة المشينة، والضرب بقبضة من حديد على كل مرتكبي هذا الجرم”.
وخلص رئيس الاتحاد العام للمنقّبين الموريتانيين إلى أن “السلطات يجب أن تفرض احترام الحوزة الترابية في حالة الضرورة، خصوصًا إذا لم يستجب المنقّبون لندائها”، مشيرا إلى أن “هناك بعض الأمور الدخيلة على قطاع التعدين، مثل العصابات المسلحة التي تسطو على المنقّبين، وكذلك تزايد أعداد الأجانب، ما يجعل التنسيق بين الثالوث: موريتانيا، والمغرب، والجزائر أمرًا ضروريًا لتأمين الحدود والقضاء على هذه الظواهر قبل استفحالها”.
ورغم التحذيرات المتكررة التي أطلقتها كل من السلطات الموريتانية ونقابات التعدين الأهلي في هذا البلد المغاربي مازال بعض المنقبين يغامرون بتجاوز الحدود من أجل البحث عن الذهب داخل المناطق العازلة في الصحراء المغربية، وهو ما يثير مخاوف داخل موريتانيا من ردود فعل حازمة من عناصر القوات المُسلحة الملكية التي سبق أن قصفت طائراتها المُسيرة سيارات لمنقبين رُصدوا في هذه المناطق.
0 تعليق