صدر، حديثا، لعبد الرفيع زعنون، الأستاذ الزائر بالكلية متعددة التخصصات بالعرائش، كتاب جديد تحت عنوان “الاستحقاقات الجديدة للإصلاح الإداري بالمغرب.. التعبيرات والتحديات”، ضمن طبعة أولى نشرت شهر مارس الماضي.
ويقارب هذا الكتاب، من خلال ثلاثة فصول تتوزعها مباحث ومطالب وفروع، مع خاتمة لكل فصل، قضايا راهنية للإصلاح الإداري بالمملكة المغربية؛ أهمها “الانتقال الرقمي بالإدارة العمومية”، وتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، فضلا عن إصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية.
كما يتوقف الكتاب ضمن فصوله، حسب معطيات عن المؤلف الجديد توصلت بها جريدة هسبريس الإلكترونية، عند رصد “الحصيلة المرحلية لتنفيذ ميثاق اللاتمركز”، وكذلك مسائل وإشكاليات التدبير اللامتمركز للاستثمار الجهوي”، متناولا بالدراسة الأكاديمية والتحليل المعمق “عقود البرامج بين الدولة والجهات”، و”التقائية الفعل العمومي الترابي”.
وأورد زعنون، بوصفه باحثا في القانون الإداري والسياسات العمومية، ضمن ملخص الإصدار، أن “الإدارة العمومية بالمغرب تعرف انتقالات متتالية من مختلف النواحي التشريعية والمؤسساتية والتقنية، في ظل جيل جديد من الإصلاحات لجعلها قادرة على مواجهة التحديات التي تحد من فعاليتها، وبغية تنمية منسوب ثقة المرتفقين والفاعلين بما يساعد على ربح الاستحقاقات الجديدة للتدبير العمومي في شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية”.
وتشمل هذه الاستحقاقات “المستوى المركزي من خلال أوراش الانتقال الرقمي تبسيط والمساطر والإجراءات الإدارية وإصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية”. كما تمس “المستوى اللامتمركز في ضوء توجهات الميثاق الوطني للاتمركز الذي حتم تسريع مسار الإصلاح الترابي للدولة، والمستوى اللامركزي أمام التغيرات التي تعرفها علاقة السلطة المركزية بالجماعات الترابية، خاصة فيما يتعلق بمأسسة التعاقد الترابي، وربح رهانات العدالة المجالية، وتوجيه المشروع الجهوي لتثبيت دعائم الديمقراطية الترابية”.
نتائج وتوصيات
يُظهر التحليل الذي تضمنته صفحات الكتاب أن “الإصلاح الإداري بالمغرب يمر بمرحلة مفصلية مقارنة بالمحاولات السابقة؛ لأن المحيط العام للإدارة العمومية أصبح يفرض جعلها أكثر كفاءة في الاستجابة للتحديات الاقتصادية والاجتماعية. وجراء ذلك فقد توالت التشريعات والأنظمة التي تؤسس لتحول منهجي في مقاربات الفعل الإداري العمومي وآليات اشتغاله، في اتجاه جعله متساوقا مع المناخ الإصلاحي العام بالبلاد، الذي تعكسه أوراش كبرى تم إطلاقها في مختلف المجالات.
واستنتج الأستاذ الباحث أن “الإدارة أصبحت مطالبة بإسناد جهود تحديث المنظومة القضائية، ومواكبة عمليات إعادة تصميم شبكات الأمان الاجتماعي، وتشجيع الاستثمار وإعادة هيكلة قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية، وتبسيط المساطر والإجراءات العمومية” إضافة إلى “التعبيرات الترابية”؛ سواء في شقها المتعلق بتجسيد “الرهانات الجديدة للاتمركز الإداري” أو في مستواها الخاص بتطوير “التدبير اللامركزي للتنمية”.
بعد رصده “المؤشرات المرحلية”، خلص المؤلف مسجلا “تحسنا ملحوظا في نجاعة الممارسة الإدارية عبر برامج متعددة تستهدف إعادة النظر في الجسم الإداري على المستويين الهيكلي والوظيفي؛ وهو ما تشهد به الانتقالات النوعية للإدارة العمومية في تعبيراتها المركزية والترابية في ميادين تحديث أنظمة الحكامة والتدبير والتتبع، وفي رقمنة الخدمات العمومية، وفي تجسير العلاقة مع المهنيين والمرتفقين انطلاقا من آليات يمكن الرهان عليها في تحقيق الرهانات الاستراتيجية للإصلاح الإداري كالشفافية التنظيمية والإدارة التشاركية والكفاءة التدبيرية وتقريب الخدمة العمومية، وغيرها من الملامح التي من شأن تظافرها وترصيدها أن يسهم في التجسيد الفعلي للديمقراطية الإدارية”.
على وجه الإجمال، قال زعنون إنه “يتعيّن استحضار البعد التقاطعي في إنجاز الاستحقاقات الجديدة للإصلاح الإداري، من خلال توفير شروط نجاح الأوراش الأفقية لتحديث الإدارة العمومية، وخاصة فيما يتعلق بتقوية الأثر الفعلي لمشاريع رقمنة الخدمات وتبسيط المساطر مع تعزيز فعاليتها في تدعيم شفافية عمل الإدارة وانفتاحها وفي تلبية تطلعات المرتفقين والفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديين”.
كما أوصى بفرضية “مواكبة ورش إصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية بالتقييم المستمر بما يساعد على ترشيد المحفظة العمومية وعلى رفع تحديات الدولة المساهمة. أما على المستوى العمودي للإصلاح الإداري، فقد أصبح البعد المجالي محكا أساسيا لجهود تحديث الإدارة العمومية بما يجعلها أكثر قربا ونجاعة؛ وهو ما يحتم تهيئة متطلبات التكامل بين ضلعي التدبير العمومي الترابي، عبر تقوية جسور التلاقي بين الإدارة الترابية من جهة وبين التعبيرات الإدارية اللامركزية من جهة ثانية، بما يساعد على ربح رهانات الجهوية المتقدمة واللاتمركز الواسع”، بتعبيره.
0 تعليق