صحة الرؤساء الأمريكيين دائمًا ما تكون محط أنظار الرأي العام، خاصة عندما يتعلق الأمر بشخصية مثيرة للجدل مثل دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي السابق والحالي، والذي يُعتبر أكبر رئيس سنًا في تاريخ الولايات المتحدة عند توليه المنصب في يناير 2025، حيث بلغ من العمر 78 عامًا.
مع عودته إلى البيت الأبيض، أثيرت تساؤلات حول حالته الصحية، سواء البدنية أو الإدراكية، خاصة بعد محاولة الاغتيال التي تعرض لها في يوليو 2024، وفي ظل الشفافية المحدودة التي اعتاد ترامب تقديمها بشأن هذا الموضوع. في هذا المقال، نستعرض أدق التفاصيل المتاحة حول صحة ترامب استنادًا إلى تقارير طبية رسمية ومصادر صحفية موثوقة، مع تسليط الضوء على السياق التاريخي والتحديات المرتبطة بالحصول على معلومات دقيقة.
التقرير الطبي الأخير
في يوم الأحد الموافق 13 أبريل 2025، أصدر البيت الأبيض تقريرًا طبيًا يُعد الأكثر تفصيلًا عن صحة ترامب منذ عودته إلى الرئاسة. وفقًا لصحيفة "ميامي هيرالد"، أكد أطباء البيت الأبيض أن ترامب، البالغ من العمر 78 عامًا، يتمتع بـ"صحة ممتازة" بعد خضوعه لفحص طبي سنوي روتيني يوم الجمعة الموافق 11 أبريل 2025. جاء في التقرير، الذي أعده الدكتور شون باربابيلا، طبيب الرئيس وضابط برتبة كابتن في البحرية الأمريكية، أن ترامب "يظهر صحة إدراكية وجسدية ممتازة، وهو مؤهل بالكامل لتأدية مهامه كقائد أعلى ورئيس للبلاد".
أشار التقرير إلى أن نمط الحياة النشط الذي يتبعه ترامب يساهم بشكل كبير في الحفاظ على صحته، دون تقديم تفاصيل محددة عن الفحوصات التي أجريت أو النتائج المخبرية. ومع ذلك، أثار هذا التقرير بعض التساؤلات، حيث لم يتضمن بيانات دقيقة مثل مستويات الكوليسترول، ضغط الدم، أو أي إشارة إلى الأدوية التي يتناولها ترامب، على عكس التقارير الطبية التفصيلية التي اعتاد الرئيس السابق جو بايدن نشرها.
من جانبه، علق ترامب على التقرير أثناء حديثه مع الصحفيين على متن الطائرة الرئاسية "إير فورس وان"، قائلًا: "شعرت بأنني في حالة جيدة جدًا. خضعت لاختبار إدراكي وأجبت على كل الأسئلة بشكل صحيح". هذه التصريحات جاءت في سياق دفاعه عن قدراته الذهنية، خاصة بعد أن واجه منافسه بايدن انتقادات متكررة حول تدهور حالته الإدراكية خلال السباق الرئاسي لعام 2024.
محاولة الاغتيال وتأثيرها على صحة ترامب
أحد الأحداث البارزة التي أثارت الاهتمام بحالة ترامب الصحية هي محاولة الاغتيال التي تعرض لها في يوليو 2024 خلال تجمع انتخابي في مدينة باتلر بولاية بنسلفانيا. وقد أثارت هذه الحادثة تساؤلات حول التداعيات البدنية والنفسية المحتملة على ترامب، خاصة أنه أصيب بجروح طفيفة في أذنه. التقرير الطبي الأخير أشار إلى وجود ندبة نتيجة هذا الحادث، لكنه لم يقدم تفاصيل إضافية عن تأثيراته طويلة المدى، مما دفع بعض وسائل الإعلام، مثل صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، إلى الإشارة إلى أن التقرير لم يكن شاملًا بما فيه الكفاية بشأن هذا الجانب.
في السياق ذاته، نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" في أكتوبر 2024 تقريرًا أثار مخاوف بشأن صحة ترامب البدنية والعقلية، مشيرة إلى أن عمره المتقدم ونمط حياته قد يشكلان مخاطر محتملة، مثل أمراض القلب، خاصة في ظل الضغوط النفسية المرتبطة بحادثة الاغتيال. ومع ذلك، رفضت حملة ترامب هذه الادعاءات، معتبرة أنها محاولات سياسية لتشويه صورته قبل الانتخابات.
تاريخ ترامب الصحي: بين السرية والشفافية المحدودة
على مر السنين، تميز ترامب بنهج يتسم بالسرية حيال صحته، على عكس العديد من الرؤساء السابقين. خلال فترته الرئاسية الأولى (2017-2021)، لم يُنشر سوى تقارير طبية محدودة. على سبيل المثال، في عام 2018، أصدر الدكتور هارولد بورنستاين، طبيب ترامب السابق، تقريرًا وصف فيه صحة ترامب بأنها "ممتازة بشكل مدهش"، لكنه أقر لاحقًا بأن ترامب هو من أملى صياغة التقرير، وفقًا لما ذكرته ويكيبيديا في مقال عن صحة ترامب. هذا الاعتراف أثار شكوكًا حول مصداقية التقارير الطبية الصادرة عن فريقه.
في أكتوبر 2020، أصيب ترامب بفيروس كورونا، وهي الحادثة التي سلطت الضوء على حالته الصحية بشكل غير مسبوق. وفقًا لتقرير نشرته "بي بي سي"، تلقى ترامب علاجًا متقدمًا، بما في ذلك عقار الديكساميثاسون، بعد انخفاض مستويات الأكسجين في دمه. لكن البيت الأبيض آنذاك قدم معلومات متضاربة حول خطورة حالته، مما زاد من الغموض حول وضعه الصحي. هذه الحادثة دفعت العديد من وسائل الإعلام، مثل مجلة "بوليتيكو"، إلى الإشارة إلى أن صحة ترامب أصبحت هدفًا لأجهزة الاستخبارات العالمية بسبب عدم الشفافية.
الصحة النفسية: نقاش مستمر
إلى جانب الصحة البدنية، كانت الصحة النفسية لترامب موضوع نقاش واسع. منذ حملته الرئاسية الأولى في 2015، أثيرت تكهنات حول إصابته باضطرابات مثل اضطراب الشخصية النرجسية. وفقًا لمقال في ويكيبيديا، جمع عالم النفس جون غارتنر في 2017 عريضة وقّعها أكثر من 41 ألف مختص في الصحة النفسية، يزعمون فيها أن ترامب يعاني من "مرض عقلي خطير" يجعله غير قادر على أداء مهامه الرئاسية. كما نشر كتاب بعنوان "حالة دونالد ترامب الخطيرة" في أكتوبر 2017، تضمن مقالات من 27 مختصًا يحذرون من تأثير حالته النفسية على الديمقراطية الأمريكية.
مع ذلك، نفى ترامب ومؤيدوه هذه الادعاءات، معتبرين أنها محاولات سياسية لتشويه سمعته. في التقرير الأخير لعام 2025، أكد أطباء البيت الأبيض أن ترامب يتمتع بصحة إدراكية ممتازة، لكن عدم تقديم تفاصيل عن الاختبارات الإدراكية التي أجريت ترك مجالًا للتكهنات.
0 تعليق