الذهب ,  شهدت الأسعار منذ بداية العام الجاري ارتفاع ملحوظ بنسبة تقارب 26.8%، مدفوعة بجملة من العوامل الجيوسياسيه والاقتصاديه التي عززت من جاذبيته كملاذ امن للمستثمرين، لا سيما في ظل تصاعد التوترات التجارية والدولية. وقد تزامن هذا الأداء الاستثنائي مع تدفقات استثمارية ضخمة وطلب متزايد من البنوك المركزية حول العالم، ما جعل من هذا العام أحد أقوى انطلاقات الذهب خلال العقد الأخير.

التوترات الدولية تقود الزخم الصعودي

جاءت الزيادة اللافتة على خلفية التوترات المتزايدة بين الدول الكبرى، خاصة بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن نيته فرض تعريفات جمركية جديدة على واردات المعادن الأساسية، بالإضافة إلى تحقيقات موسعة قد تشمل واردات الأدوية والرقائق الإلكترونية. هذه التطورات أعادت إشعال الخلافات التجارية على الساحة العالمية، ما زاد من القلق في الأسواق ودفع المستثمرين إلى اللجوء للمعدن النفيس كأداة تحوط من المخاطر.

كما ساهمت التراجعات في الأسهم العالمية في تعزيز الطلب عليه ، خاصة بعد إعلان شركة “إ نفيديا ” عن تراجع متوقع في أرباحها بقيمة 5.5 مليار دولار، نتيجة القيود الأمريكية على صادرات الرقائق إلى الصين. هذه العوامل مجتمعة جعلت من الذهب الخيار الأمثل في ظل تقلبات الأسواق.

تداولات الأسبوع: ارتفاع قوي لسعر الذهب رغم التراجع الطفيف

على الرغم من أن سعر الأونصة أغلق تداولات يوم الخميس الماضي على انخفاض طفيف بنسبة 0.5% عند 3327 دولارًا، بعد أن سجل خلال الجلسة مستوى قياسيًا تاريخيًا بلغ 3357 دولارًا، إلا أنه اختتم الأسبوع على مكاسب أسبوعية قوية . وقد فُسِّر هذا التراجع البسيط على أنه نتيجة طبيعية لعمليات جني الأرباح من قبل المستثمرين بعد الوصول إلى مستويات غير مسبوقة، خاصة مع اقتراب عطلة نهاية الأسبوع الطويلة وإغلاق الأسواق.

وأشارت مؤسسة “جولد بيليون” إلى أن هذا السلوك يُعتبر نمطًا شائعًا في الأسواق قبيل فترات التوقف، ولا يُعد مؤشرًا على انعكاس الاتجاه الصعودي العام.

صناديق الاستثمار تضخ مليارات في المعدن الأصفر

من جهة أخرى، أوضحت بيانات أن صناديق الاستثمار التي يتم تداولها المدعومة شهدت تدفقات نقدية قوية خلال الأسبوع المنتهي في 11 أبريل، حيث وصلت إلى 52.1 طنا، وهو أعلى مستوى منذ سبعة أسابيع. كما سجلت الصناديق الصينية المدعومة بالذهب تدفقات قياسية في مارس بلغت 772 مليون دولار، لترتفع الأصول المُدارة إلى 14 مليار دولار، بعد زيادة الحيازات بمقدار 7.7 طن لتصل إلى 138 طنًا، متجاوزة بذلك إجمالي استثمارات الربع الأول.

وحتى الصناديق المدرجة في الأسواق الأمريكية شهدت زيادة واضحة، في مؤشر قوي على ثقة المستثمرين بالمعدن الأصفر كأصل استراتيجي لا غنى عنه في فترات عدم اليقين الاقتصادي.

توقعات مستقبلية: الذهب مستمر في الارتفاع

في ظل استمرار التوترات الجيوسياسية والضبابية التي تخيم على المشهد الاقتصادي العالمي، تشير التوقعات إلى أن الأسعار ستواصل أداءها القوي في المدى القريب. ومع بقاء المخاطر المرتبطة بالتجارة العالمية والتضخم والسياسات النقدية قائمة، يُتوقع أن يحافظ على جاذبيته كأداة لحماية الثروات والاستثمار طويل الأمد.