"بالعربي": الهوية العربية لا تُترجم.. ولغة الضاد تستوعب علوم الفضاء

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تأكيد آخر على أهمية التمسك بتوظيف اللغة العربية داخل “الفضاءات غير الأجنبية”؛ كالمنزل والمدرسة والعمل، فضلا عن العلوم؛ ذلك الذي تخلل العروض التي ألقيت خلال اليوم الأول من القمة الافتتاحية لمبادرة “بالعربي” المقامة بالدوحة، مُنبّهة إلى أن “الهوية لا يمكن أن تترجم”، فيما “إطلاق العنان للسان الأجنبي يجازف بالإفراغ منها”.

ووضّحت هذه العروض، التي قدّمتها شخصيات عربية ملهمة أمام جمع من الحاضرين، “للإسهام الثقافي” من مؤسسة قطر للتربية والثقافة والعلوم وتنمية المجتمع، أن “التشبث بلغة الضاد لا يفرمل قط الإبداع؛ بما أنها قادرة على استيعاب جميع العلوم، بما فيها المرتبطة بالفضاء وصواريخه؛ على أن ثمّة حاجة إلى زيادة الاهتمام بتوفير مزيد من المحتوى الإلكتروني عن هذه المباحث بالعربية”.

الهوية لا تترجم

المهندس وصانع المحتوى اليمني فداء الدين الخاشي أشار إلى “تحسر عدد مهم من الآباء العرب على فقد أبنائهم الهوية من خلال لجوئهم إلى توظيف لغة أجنبية مع أفراد الأسرة أو العائلة”، مؤكدا أن “اللغة ليست مجرد وسيلة للتواصل؛ إنها دين وغاية في الشرف؛ حتى إن استبدالها يعني محو الذاكرة”.

وأفاد الخاشي، وهو يجيب عن سؤال محاضرته: “هل يمكن أن تترجم الهوية؟”، بأن “تفريغ أي مجموعة بشرية من لغتها ينزع هذه الأخيرة دلالاتها وسلطتها”، مقدّما سببين رئيسيين لانتشار “ظاهرة توظيف اللغات الأجنبية في التداول مع الأسرة أو العمل أو أي محيط غير أجنبي”؛ “أحدهما خارجي والثاني داخلي”.

السبب الخارجي، وفقّ المتحدّث نفسه، “يتمثل في الاستعمار، إذ إن المستعمر تخيفه اللغة؛ إذ يريد دائما كسر وتفجير هذا الجسر الذي يعبر به الشعب إلى تاريخه وثقافته فيتحفّز على المقاومة”؛ فيما “المؤثر الداخلي أخطر، ويتجسد في الاندفاع نحو التعلم باللغة الأجنبية”.

واستحضر صانع المحتوى اليمني، عينه، “حظر الصين واليابان ودول أجنبية تعليم الأطفال في سن معيّنة باللغات الأجنبية (..) خصوصا أن دراسات علمية أثبتت أن تدريس الطفل بلغات أجنبية يربك مساره وتحصيله؛ فلا يتقن أي لغة، لا الأم ولا غيرها”، مؤكدا أن “لغة الضاد تستمد قيمتها من القرآن الكريم”، وأنها “لا تعيقنا عن التقدم، بل تساعدنا على التحرر من الاستلاب الفكري”.

الفضاء بالعربي

أما ديانا السندي، مهندسة عراقية في مجال تطوير الصواريخ والأنظمة الصاروخية بوكالة الفضاء، فاستعرضت قصة ربطها المتلقي العربي بعوالم الفضاء من خلال العالم الرقمي، مشددة على أن الفضاء بالنسبة لها “ليس مجرد صور جميلة وكون وكواكب؛ بل هو دعوة مفتوحة للتواصل بين العقول، يذكر دائما بذلك الشيء ينتظر أن يكتشف وبأن المستقبل يضج بالإمكانيات الواسعة”.

وأورد السندي، في مداخلتها التي حملت عنوان: “الفضاء..بالعربي”: “حلم العمل في هذا المجال كان يراودني منذ سن 16 (..) بل إنه كان ثمّة هوس بكل ما يرتبط به”، مفيدة بأنه “خلال بحث سريع على ‘غوغل’ عن ‘بحث حول الفضاء’ ظهرت نتيجة واحدة بالعربية تخص أستاذا يقرأ كتابا عن المجرات لتلامذته، مقابل نتائج متنوعة الشكل والمضمون بالإنجليزية”.

وكشفت المتحدثة ذاتها أن هذا الأمر هو ما جعلها تتجه إلى “إنشاء منصة Thearabianstargazer؛ التي تعد منصة عربية تدعم معارف العالم العربي في مجال الفضاء والأنظمة الصاروخية المرتبطة به”.

توقيت عربي

أما عبد الرحمان سيدي، موريتاني مستشار أكاديمي في تدبير وريادة الأعمال بجامعة الأناضول، فقارب إشكالية “هل تعمل لتعيش أم تعيش لتعمل؟”، لافتا إلى أن “التبرم الذي يبديه الموظفون من الدوام لا يرجع إلى وجود إشكال في العمل أو في الوقت، وإنما في كيفية تنظيم العمل”.

وبعد أن تحدث عن “الخلفية التاريخية لإقرار الدوام؛ لاسيما بعد قرار هنري فورد سنة 1926 تقليص أيام العمل لخمسة، وعدد الساعات إلى أربعين”، استحضر المتحدّث نفسه “قول المفكر وعالم الاجتماع المصري عبد الوهاب المسيري إنه تم استيراد ساعات العمل من الغربيين بدون تفكير؛ رغم أنها تصلح لبلادهم”.

ونقل الأكاديمي عن المصدر عينه عدّه أن “يوم العمل المناسب لبلادنا (البلدان العربية) يمكن أن يبدأ مع صلاة الفجر وينتهي عند وقت الظهيرة، على أن يستأنف الناس حياتهم الاجتماعية بعد العصر”، مبيّنا أن “هذا النظام ستكون له آثار إيجابية كبيرة إذا طبق، إذ سيساهم في تعزيز الإنتاج بالشركات؛ ودليل ذلك إثبات دراسات علمية أن الاستيقاظ مبكرا يحفز الإبداع والإنتاجية، وأن هذه الأخيرة ليست مرتبطة دائما بعدد الساعات”.

“العمل بهذا النظام من شأنه أن يخلق مجتمعا ديناميكيا ينهي مهامه في أوقات محددة؛ فضلا عن فسحه المجال للموظفين أمام تعلم مهارات جديدة”، يزيد المتحدّث، الذي لم يغفل “التحديات التي تواجه هذه الفكرة، ومنها إشكالية خلق التفاوت الزمني مع الشركات والدول الأجنبية التي تربطها شراكات بالشركات والدول العربية”، لكنه أكد أنه “يمكن تجاوز هذه التحديات بتعاون حكومي مجتمعي”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق