في خضمّ التوترات الإقليمية المتصاعدة والأزمات من غزة إلى اليمن، تعود المحادثات النووية بين إيران والغرب إلى الواجهة من بوابة العاصمة العُمانية مسقط، ولكن دون آمال كبيرة.
التصريحات الإيرانية الرسمية لا تزال تكتفي بالحديث عن أجواء إيجابية،
بينما يكشف الواقع عن انعدام الثقة واستمرار الشكوك حول نوايا طهران.
وفي هذا السياق، قالت المحللة السياسية الإيرانية هدي كريمي صدر، في تصريحات خاصة لموقع تحيا مصر، إن ما يجري لا يعدو كونه محاولة لفتح نافذة دبلوماسية "هشة"، في ظل غياب الضمانات، وتعنت النظام الإيراني تجاه أي تنازلات حقيقية.
المحادثات في مسقط: تفاهمات بدون مضمون
كريمي أوضحت أن التفاهم الذي تم بين إيران والأطراف المعنية في مسقط وروما لا يشمل أي اتفاقات ملموسة، وإنما الحديث فقط عن استئناف المحادثات التقنية والسياسية. "القضايا الجوهرية لا تزال عالقة، خصوصًا ما يتعلق بالعقوبات والنشاط النووي الإيراني"، على حد قولها.
الضمانات الأمريكية.. مجرد رغبة لا التزام
وحول مسألة الضمانات، قالت كريمي: "حتى الآن لا توجد ضمانات ملزمة من الولايات المتحدة، رغم مطالبة المجتمع الدولي بمواقف أمريكية أكثر وضوحًا، خصوصًا بعد انسحاب واشنطن الأحادي من الاتفاق النووي السابق".
وأضافت أن غياب الشفافية من جانب طهران يُصعّب مهمة تقديم ضمانات ذات مصداقية، ويعزز حالة عدم الثقة.
النشاط النووي.. "النية السلمية" لا تكفي
أكدت كريمي أن النظام الإيراني لا يظهر استعدادًا لتقديم تنازلات حقيقية تمس برنامجه النووي أو سياساته الإقليمية، موضحة: "الحديث عن برنامج سلمي يتناقض تمامًا مع واقع التخصيب المرتفع لليورانيوم وإخفاء المعلومات عن المفتشين".
وأضافت أن المخاوف الدولية من تحول البرنامج النووي إلى سلاح ليست بلا أساس.
إسرائيل والتهديدات العسكرية
أما عن الموقف الإسرائيلي، فرأت كريمي أن "إسرائيل فقدت الثقة تمامًا بجدوى المفاوضات"، مشيرة إلى أنها باتت تُفضل الردع العسكري المباشر، مما يزيد الضغط على الأطراف الأخرى، خاصة واشنطن.
وأضافت: "التهديدات تعكس اليأس لا أكثر، لكنها أيضًا تمنح إيران فرصة لتقديم نفسها كضحية، بينما هي الطرف المُخِل".
المحادثات غير المباشرة.. انعدام ثقة
وحول شكل المحادثات، قالت كريمي إن "انعقادها بشكل غير مباشر هو دليل على انعدام الثقة"، حيث لا ترى واشنطن جدوى من الحوار المباشر مع نظام "لا يلتزم بوعوده"، بينما تفضل إيران هذه الطريقة لـ"تبرير الفشل أمام جمهورها الداخلي"، حسب تعبيرها.
الحسابات الإيرانية: لا نية للتغيير
قالت المحللة الإيرانية إن طهران ترى في رفع العقوبات وسيلة لإطالة عمر النظام، وليس لتحسين حياة الشعب.
وأضافت: "طالما أن السلطة بيد الحرس الثوري، فلن يكون هناك قبول حقيقي بشروط الاتفاق"، مؤكدة أن الحديث عن نوايا سلمية لا يكفي، بل المطلوب هو تفكيك البنية المزدوجة للبرنامج النووي.
خلاصة المشهد: مفاوضات بلا آفاق
وصفت كريمي الوضع الراهن بأنه "هدنة دبلوماسية هشة"، وليس تهدئة حقيقية.
وأكدت أن النظام الإيراني لا يزال يمارس أدوارًا تخريبية في الإقليم، والمحادثات ليست أكثر من محاولة جديدة لكسب الوقت وتفادي العقوبات، وليس تغيّرًا استراتيجيًا حقيقيًا في سياساته.
0 تعليق