كيف يدعم ترمب تفوق الصين بسوق الرقائق الإلكترونية؟ (تحليل)

الطاقة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

مع وصول الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إلى السلطة، تبدو سوق الرقائق الإلكترونية العالمية أمام تحول كبير في ميزان القوى؛ لسبب بعيد عن تحقيق اختراقات تقنية أو أزمات أمنية مفاجئة.

إذ جاءت عودة قطب العقارات من جديد إلى البيت الأبيض محمّلة برياح الرسوم الجمركية العاتية، والإجراءات العقابية المعادية، والاتجاه للانعزالية والأحادية ومواجهة حتى الحلفاء، تزامنًا مع حرب اقتصادية أوسع نطاقًا تدور رحاها بين القوتين الاقتصاديتين أميركا والصين.

لكن ثمة تحذيرات من أن تترك تلك الرسوم تأثيرًا سيكون من العسير التراجع عنه، علاوة على "نتائج عكسية" توطد أقدام الصين في سوق الرقائق الإلكترونية.

وبحسب موسوعة مفاهيم الطاقة لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تُنتج الرقائق الإلكترونية -التي يُطلق عليها أيضًا أشباه الموصلات- بوساطة السيليكون، وتُستَعمل في معالجة البيانات وتخزينها والتحكم في العمليات.

تأثير ترمب في سوق الرقائق الإلكترونية

في 13 أبريل/نيسان الجاري (2025)، قال الرئيس دونالد ترمب إنه سيُعلن نسبة الرسوم الجمركية على واردات الرقائق الإلكترونية من الصين خلال هذا الأسبوع بغرض إعادة ضبط العلاقة في هذا القطاع الحيوي.

وفي اليوم نفسه، فتح تحقيقًا بشأن العلاقة بين واردات الرقائق الإلكترونية والأمن القومي الأميركي، بحسب الأنباء التي تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

عاملان داخل مصنع صيني للرقائق الإلكترونية
عاملان داخل مصنع صيني للرقائق الإلكترونية - الصورة من منصة غلوبال تايمز المحلية

وألقى تحليل حديث باللوم على التقديرات الاقتصادية الخاطئة الصادرة عن الولايات المتحدة "التصادمية" و"الانعزالية" والتي تهدد بظهور نظام عالمي جديد؛ إذ لم تفرّق إدارة ترمب بين خصومها المعروفين، بل طالت -أيضًا- حلفاءها في أوروبا واليابان وكوريا الجنوبية.

وسابقًا، كانت الولايات المتحدة هي من "تنسق بحرص" و"تُوازِن بدقة" التحالفات العالمية بسوق الرقائق الإلكترونية، لكن ذلك البناء قد يبدأ في الانهيار بسبب عودة الرسوم الجمركية والتصعيد الأخير من جانب ترمب.

وخلال مدة حكم الرئيس السابق جو بايدن، اتبعت أميركا سياسة "ساحة صغيرة وسور عالٍ"؛ إذ استهدفت فرض قيود على واردات "متقدمة ومحددة" الصين من الرقائق الإلكترونية؛ لمنع بكين من الحصول على أدوات الطباعة الحجرية المتقدمة، وخاصة الأنظمة التي تستعمل الأشعة فوق البنفسجية (EUV) الضرورية لإنتاج أكثر الرقائق تطورًا والتي يقل سُمكها عن 7 نانومترات.

كما شملت القيود تشديد الرقابة على صادرات برمجيات أدوات أتمتة تصميم الإلكتروني (EDA) من الشركات الأميركية إلى الصين والحاسمة لتصنيع وإجازة الرقائق الأكثر تطورًا.

وثمة قيود على الواردات -أيضًا- بموجب قانون المنتج الأجنبي المباشر (FDPR) بما يحجّم قدرة بكين على شراء الرقائق الإلكترونية المتطورة المصنوعة بتقنيات أميركية ولو صُنعّت في بلدان أخرى.

صناعة الرقائق الإلكترونية في الصين

نجحت القيود الأميركية -سواء على المعدات أو الواردات والبرمجيات- في الحد من قدرة الصين على الابتكار أو التصنيع وطموح الإنتاج المستقل للرقائق الإلكترونية الأكثر تطورًا.

وما زالت قدرة الصين على إنتاج الرقائق المتطورة أقل بكثير من شركات عالمية أبرزها سامسونغ الكورية الجنوبية وشركة تايوان لصناعة الرقائق الإلكترونية المحدودة (TSMC).

كما أن إنتاج الرقائق بسُمك 5 نانومتر ما زال بعيد المنال، وهو ما "يعقّد طموحات الصين الرامية إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الرقائق الإلكترونية".

لكن منصة الطاقة المتخصصة رصدت إنجازات صينية في هذا الصدد وهي كالتالي:

  • زيادة الإنتاج المحلي من الرقائق الإلكترونية بسُمك أكبر من 10 نانومترات.
  • بدأت شركات صينية في الابتكار لدفع تقنيات الابتكار المتقدمة، وهو ما يرفع الأداء والقدرات حتى مع تراجع القدرات التصنيعية المتقدمة.
  • نجحت الصين في تصنيع كميات محدودة من الرقائق بسُمك 7 نانومترات، لكنها ما زالت شحيحة ومكلفة وذات نتائج ضعيفة وتواجهها تحديات كبيرة.
  • طرحت شركة هواوي هاتفها الذكي "ميت 60" (Mate 60) في أواخر عام 2023 الذي يتميز برقائق بسُمك 7 نانومتر ونظام تشغيل خاص بالشركة الصينية وذي تصميم يخلو تمامًا من المكونات الأميركية.
معرض للرقائق الإلكترونية
معرض للرقائق الإلكترونية - الصورة من مؤسسة بروكينغز

ترمب وإستراتيجية الرقائق الإلكترونية

يقول التحليل الذي نشرته منصة "كلين تكنيكا" المعنية بصناعات الطاقة النظيفة، إن الولايات المتحدة اتجهت مع عودة ترمب إلى السلطة إلى الانغلاق، خلال الوقت الذي تعالت فيه نبرة أحادية وصفرية المكاسب و"فظة".

يأتي هذا خلال الوقت الذي تعتمد فيه شركات حلفاء أميركا في أوروبا واليابان وكوريا الجنوبية على مبادئ التجارة الحرة، وظروف السوق مأمونة الجانب.

وبذلك، أصبحت القوى الحليفة ترى تلك الرسوم بوصفها "خيانة للثقة"، وقد تدفعها إلى "إعادة النظر في التزاماتها تجاه جهود احتواء التقنيات الأميركية" لصالح الصين.

وفي ضوء ذلك الوضع المتأزم، قد يؤدي التحول المحتمل بعيدًا عن الولايات المتحدة في دعم صناعة الرقائق الإلكترونية الصينية بما يمكّن الشركات المحلية من تسريع أعمال التطوير والحصول على "شريان حياة" جديد بعد المعاناة من القيود على الرقائق القديمة والابتكار.

ومع تخفيف قيود التصدير، ربما تتجه الصناعة الصينية إلى إحراز تقدم سريع في صناعة الرقائق المتطورة، وإعادة تشكيل ديناميكيات السوق العالمية بصورة كبيرة.

وعلى نحو خاص، سيكون التأثير كبيرًا في دول الجنوب العالمي مثل جنوب شرق آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية؛ إذ ستعتمد على الصين بفضل ميزات الأسعار التنافسية والإتاحة والرسوم الجمركية.

وإذا حدث ذلك السيناريو فعلًا، فسيكون هناك تشعّب داخل سوق الرقائق الإلكترونية، أو على الأقل إعادة توازن كبير داخل الأنظمة التقنية العالمية بعدما كانت تهيمن عليها المعايير الأميركية والغربية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق