الجمعة 25 ابريل 2025 | 04:59 مساءً

رؤية السعودية 2030
تتهيأ رؤية السعودية 2030 للانتقال إلى مرحلتها الثالثة والأخيرة بحلول نهاية هذا العام، في وقت يشهد العالم تطورات إقليمية ودولية غير مسبوقة، أبرزها تصاعد حرب تجارية تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد العالمي.
وتأتي هذه المتغيرات لتضفي بعداً إضافياً على تقرير عام 2024، الذي يتناول مؤشرات الأداء الخاصة بالرؤية، بعد تجاوز المملكة لتحديات كبيرة مثل جائحة كورونا وهبوط أسعار النفط بأقل الخسائر.
رؤية السعودية 2030
جاء إصدار التقرير السنوي اليوم الجمعة متزامنًا مع الذكرى السنوية لإطلاق الرؤية من قِبل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في 25 أبريل 2016، وقد حمل التقرير هذا العام تحديثًا مهمًا تمثّل في إدماج 14 استراتيجية وطنية تم الإعلان عنها خلال السنوات القليلة الماضية، وهي استراتيجيات تهدف إلى ضخ مئات المليارات من الدولارات في الاقتصاد المحلي، لتُستخدم كأدوات تنفيذية تدعم برامج تحقيق الرؤية العشرة، مما يعزز من دقة قياس النتائج المحققة على أرض الواقع.
ووفقًا للتقرير، فإن 93% من مؤشرات الرؤية المتعلقة بالبرامج والاستراتيجيات الوطنية قد وصلت إلى أهدافها المرحلية أو تجاوزتها أو اقتربت من تحقيقها خلال عام 2024، كما تم إنجاز نحو 85% من أصل 1502 مبادرة، تسير حاليًا على الطريق الصحيح، وقد أشاد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بهذا التقدم، واصفًا الرؤية بأنها جعلت من المملكة نموذجًا عالميًا للتحولات على مختلف المستويات".
اقتصاد متنوع ودور فاعل للقطاع الخاص
تركز الرؤية على إحداث تحول جذري في بنية الاقتصاد والمجتمع، استناداً إلى أربعة محاور: نمو وتنويع الاقتصاد، وتمكين المجتمع، وتعزيز مكانة المملكة كوجهة جاذبة للحياة والسياحة والعمل، إلى جانب التركيز على الاستدامة. وتميّز تقرير هذا العام بالشفافية في عرض العوامل – محليًا ودوليًا – التي ساعدت في التقدم، أو التي تسببت في تأخير بعض الأهداف.
وللمرة الأولى في تاريخ المملكة، تجاوزت مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي نسبة 50%، في إنجاز يُعدّ نقطة تحول ضمن استراتيجية التنويع الاقتصادي، كما بلغت الإيرادات غير النفطية 502.5 مليار ريال، غير أن هدف رفع حصة الصادرات غير النفطية إلى 35% من الناتج المحلي لم يتحقق بعد، حيث بلغت النسبة الحالية 25% فقط، رغم نمو هذه الصادرات بنسبة 73% منذ إطلاق الرؤية، لتصل إلى 307.4 مليار ريال.
وشهد القطاع الخاص نموًا واضحًا، حيث ساهم بنسبة 47% من الناتج المحلي، في حين نمت مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة إلى 22%، وارتفع عدد العاملين فيها من 4.7 إلى 7.8 مليون عامل، ولكن بقيت حصة هذه المنشآت من قروض البنوك أقل من المستهدف البالغ 10%.
الصناعة والتعدين ركائز جديدة للاقتصاد
أولت الرؤية اهتمامًا كبيرًا بالقطاع الصناعي، مع التركيز بشكل خاص على قطاع التعدين، حيث قفزت قيمة الثروات المعدنية الكامنة من 4.9 تريليون ريال عام 2016 إلى 9.4 تريليون ريال في نهاية 2023، مدعومةً باستثمارات تراكمية تصل إلى 1.5 تريليون ريال، وسجل قطاع الصناعات العسكرية ارتفاعًا في نسبة التوطين لتتجاوز 19%، في طريقها لتحقيق الهدف البالغ 50% بحلول 2030.
صندوق الاستثمارات العامة
يُعد صندوق الاستثمارات العامة من المحركات الأساسية للرؤية، إذ تضاعفت أصوله نحو أربع مرات لتصل إلى 3.53 تريليون ريال، متجاوزًا الهدف المحدد لعام 2023، وتم رفع مستهدف 2030 من 7 إلى 10 تريليونات ريال، وأُعيدت هيكلة الصندوق ليكون أكثر تأثيرًا في الاقتصاد المحلي من خلال استثماراته في قطاعات واعدة، وتم إدراج أدائه ضمن 46 مؤشرًا قياسيًا، لتصحيح المفهوم الخاطئ بأن الرؤية تقتصر على الصندوق أو مشروع "نيوم".
الاستثمارات الأجنبية تحدي الجذب المستمر
يشير التقرير إلى تجاوز المملكة لمستهدفات جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 16%، حيث وصلت تدفقات الاستثمار بنهاية 2023 إلى 96 مليار ريال، قبل أن تنخفض إلى 77.6 مليار ريال في الربع الرابع من 2024، كما تجاوز عدد المقرات الإقليمية للشركات العالمية في الرياض المستهدف لعام 2030، حيث بلغ أكثر من 571 شركة.
وتُترجم هذه المؤشرات الاقتصادية إلى تحسينات ملموسة في جودة الحياة، تماشيًا مع محور مجتمع حيوي في الرؤية، فقد انخفض معدل البطالة إلى 7%، وهو المستهدف لعام 2030، كما ارتفعت نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل إلى 36% متجاوزة الهدف السابق البالغ 30%، ما دفع القائمين على الرؤية إلى رفع الهدف الجديد إلى 40%.
وفي جانب الإسكان، ارتفعت نسبة تملك السعوديين لمساكنهم إلى 65.4% بنهاية العام الماضي، مقارنة بـ47% عند إطلاق الرؤية، إلا أن تحقيق هدف الـ70% ما زال يواجه تحديات تتعلق بنقص المعروض العقاري وارتفاع الأسعار.
وفي هذا السياق، وجّه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بإطلاق سلسلة من الإجراءات التنظيمية، شملت رفع الحظر عن تطوير 81 كم² من الأراضي في شمال الرياض، وتوفير آلاف الوحدات السكنية بأسعار مناسبة سنويًا.
وتحولت رؤية 2030 إلى مرجع أساسي لمراقبي أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط، وبات تقريرها السنوي أداة استرشاد لصانعي القرار والشركات على حد سواء، وعلى الرغم من النجاحات اللافتة، فإن الطريق لا يخلو من التحديات، خصوصاً في ظل التغيرات الاقتصادية والاستثمارية الدولية.
ويؤكد التقرير أن المرحلة الأخيرة من الرؤية ستشهد تسارعًا في تنفيذ المبادرات الكبرى، مع مواصلة التركيز على تطوير القطاعات الواعدة، ودعم المحتوى المحلي، وتوسيع دور القطاع الخاص، وصولاً إلى تحقيق ثمار رؤية 2030، والتي ستكون بدورها نقطة انطلاق لرؤية مستقبلية جديدة للمملكة.
0 تعليق