قضت أعلى محكمة في الاتحاد الأوروبي بأن برنامج "جوازات السفر الذهبية" الذي تنفذه مالطا لصالح المستثمرين الأثرياء ينتهك قواعد الاتحاد الأوروبي الخاصة بالجنسية، وذلك في حكم قد يحرم التكتل الموحد من التحول إلى ملاذ للأثرياء الأجانب، في وقت يسعى فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لجذبهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
يتعارض البرنامج الذي تقدمه دولة الجزيرة الصغيرة ويمنح الجنسية للمستثمرين، ومن بينهم أثرياء روس ومن الشرق الأوسط، بالإضافة إلى مشاهير ونجوم رياضة، مع قانون الاتحاد الأوروبي، وفق ما قضت به محكمة العدل الأوروبية اليوم.
قالت المحكمة الأوروبية، ومقرها لوكسمبورغ، إن "الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي لا يجوز لها منح جنسيتها –وبالتالي الدخول إلى الاتحاد الأوروبي بسهولة– مقابل دفعات مالية محددة أو استثمارات، إذ إن ذلك يعادل فعلياً تحويل اكتساب الجنسية إلى معاملة تجارية بحتة".
ترمب يسعى لجذب الأثرياء
يأتي هذا القرار بينما يتخذ ترمب خطوات لجذب المستثمرين الأثرياء إلى الولايات المتحدة الأميركية. تمنح ما تُعرف باسم "بطاقة ترمب الذهبية" إقامة وفرصة للحصول على الجنسية الأميركية للمستثمرين الذين يدفعون 5 ملايين دولار أمريكي إلى الخزانة الأمريكية. وكان وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك قد صرح بأن الحكومة باعت أكثر من ألف تأشيرة في يوم واحد خلال شهر مارس الماضي.
سمح برنامج مالطا لمنح الجنسية للمستثمرين للأفراد بالحصول على الجنسية للإقامة والعمل، مقابل تبرع لا يقل عن 600 ألف يورو (684400 دولار أمريكي). وتشمل الاستثمارات المطلوبة أيضاً شراء عقار، كما يشجع المستثمرين على تقديم تبرعات طوعية إضافية. وبصفتها دولة عضواً في الاتحاد الأوروبي، فإن جوازات السفر المالطية تمنح حامليها حرية الإقامة والعمل في أي مكان داخل التكتل المكون من 27 دولة.
تُعد الجزيرة الواقعة في البحر المتوسط واحدة من قلة من الدول الأوروبية التي عرضت خلال السنوات الماضية برامج "التأشيرات الذهبية" و"جوازات السفر الذهبية"، والتي ازدادت شعبيتها خلال أزمة الديون الأوروبية، عندما بدأت الدول في بيع الإقامات بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية.
تجارة الجنسيات الأوروبية
أطلقت كل من البرتغال وايرلندا واليونان والمجر في السنوات الأخيرة برامج مشابهة، تتيح للأثرياء الوصول إلى حرية التنقل داخل الاتحاد الأوروبي، التي تُعد من الامتيازات الكبرى. إلا أن هذه العروض أثارت غضب المفوضية الأوروبية -الهيئة التنفيذية للتكتل- التي اعتبرت أن سياسات "الجنسية مقابل المال" تُعرّض الاتحاد الأوروبي لمخاطر تتعلق بغسل الأموال والأمن.
في سبتمبر 2022، تقدمت السلطة الأوروبية، التي يقع مقرها في بروكسل، بطعن قانوني ضد برنامج مالطا، مدعية أن "منح الجنسية الأوروبية مقابل دفعات مالية محددة سلفاً" لا يتوافق مع مبدأ التعاون المخلص" المنصوص عليه في لوائح الاتحاد.
جاء حكم المحكمة اليوم مخالفاً لرأي استشاري غير ملزم قدمه أحد مستشاري محكمة الاتحاد الأوروبي العام الماضي، والذي قال إن من اختصاص الدول الأعضاء وحدها أن "تُحدد من يحق له أن يكون من رعاياها، وبالتالي من يكون مواطناً في الاتحاد الأوروبي".
0 تعليق