تشهد إسرائيل منذ أيام واحدة من أسوأ الكوارث البيئية في تاريخها، حيث اندلعت سلسلة من حرائق الغابات في مناطق شاسعة غرب مدينة القدس، وامتدت بشكل سريع نحو مستوطنات وأحياء سكنية بفعل الرياح والحر الشديد. وتعتبر هذه الحرائق الأكبر من نوعها خلال السنوات الأخيرة، حيث التهمت حتى الآن ما يزيد عن عشرين ألف دونم من الأحراج والأراضي الطبيعية.
تفاصيل حرائق إسرائيل
بدأت النيران بالاشتعال صباح الأربعاء الماضي، وتسببت في حالة هلع وارتباك كبير داخل الأوساط الأمنية والمدنية، خاصة بعد أن وصلت ألسنة اللهب إلى الطريق السريع رقم 1 الرابط بين القدس وتل أبيب، وأجبرت السلطات على إغلاقه بشكل مؤقت. وأصدرت الجهات المختصة أوامر بإخلاء عدد كبير من البلدات، منها مستشفى إيتانيم للأمراض النفسية الذي يضم أكثر من مئة مريض، إضافة إلى مؤسسات اجتماعية لرعاية المسنين والشباب. آلاف المواطنين تم إجلاؤهم إلى مراكز طوارئ مؤقتة وسط إجراءات أمنية مشددة.
ويعمل أكثر من 120 طاقم إطفاء و12 طائرة مخصصة لمكافحة النيران شاركوا في الجهود الحثيثة لإخماد الحريق، إلى جانب دعم دولي من عدة دول أوروبية بينها إيطاليا وفرنسا وكرواتيا ورومانيا. وشهدت مناطق مختلفة في محيط القدس تحليقًا مكثفًا لطائرات الإطفاء التي ألقت مئات الأطنان من المواد المثبطة للّهب، بينما كان الدخان يغطي سماء العاصمة والمناطق المحيطة بها.
إشعال الحرائق عمدًا
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن أن السلطات ألقت القبض على 18 شخصًا يُشتبه في تورطهم بإشعال الحرائق عمدًا، في حين ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن العدد الحقيقي لا يتجاوز ثلاثة أشخاص فقط. وأثار هذا التضارب في التصريحات موجة من الجدل داخل الأوساط السياسية، خاصة بعد تدخل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الذي أشار إلى وجود مؤشرات على أن الحرائق مدبرة، وأمر بنشر أكثر من 14 ألف عنصر أمني في مختلف المناطق المتضررة.
الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ أكد أن ما يجري ليس مجرد كارثة طبيعية، بل تحذير صارخ من تداعيات التغير المناخي الذي يهدد البلاد بشكل متزايد. وأشار في كلمة له إلى ضرورة التحرك الفوري على مستوى التشريعات وخطط الطوارئ لمواجهة التغير المناخي، خاصة أن إسرائيل شهدت حرائق مماثلة في السنوات الماضية دون الاستفادة من الدروس السابقة.
اشتعال الجدل داخل الكنيست
في خضم هذه الكارثة، اشتعل الجدل داخل الكنيست وبين أوساط الأحزاب السياسية. فقد حمّلت قوى المعارضة حكومة نتنياهو المسؤولية عن سوء الإدارة، متهمة إياها بالفشل في تجهيز البنية التحتية للتعامل مع الكوارث البيئية. كما حذر ناشطون ومؤسسات حقوقية من استغلال الحادث لتبرير ممارسات أمنية تعسفية ضد فلسطينيي الداخل، خصوصًا في ظل التصريحات غير الدقيقة التي تصدر عن مسؤولين حكوميين.
الحرائق التي استمرت لأكثر من ثلاثين ساعة تمّت السيطرة على معظمها، بحسب ما أعلنته سلطات الإطفاء، لكن التحذيرات لا تزال قائمة من احتمال اشتعال بؤر جديدة بسبب الرياح والحرارة العالية التي تستمر في المنطقة. وما زالت آثار الكارثة ماثلة على الأرض، حيث التهمت النيران غابات وأراضٍ ومزارع ومنازل، وسط صدمة شعبية وشعور بالعجز أمام حجم الدمار.
0 تعليق