«متغطرس صدامي عنيف».. ترامب في عيادة خبراء الطب النفسي

الأسبوع 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عاد ترامب للبيت الأبيض مرة أخرى، فعادت مراكز بحوث الدراسات النفسية متعددة تفتش في تقييمه النفسي، الذي بدأ منذ 20 يناير 2017 مع خبراء الطب النفسي يدرسون شخصية الرئيس وفق مقياس ميلون لمعايير التشخيص (MIDC) والذي يطبق على كل رؤساء أمريكا منذ سنوات، وحدد (د.ميلون) أربعة وثلاثين تصنيفًا للشخصية الطبيعية، أثبتت أن أنماط شخصية ترامب الأساسية هي: طموح/ أناني (يقترب من الاستغلال)، ومهيمن ومتحكم (يقترب من العدوانية)، منفتح يقترب من الاندفاع، مشبعًا بخصائص ثانوية لنمط الشجاعة والتقلب وعدم الاستقرار، لكنه ضمن الأفراد الطموحين يتميزون بالجرأة والقدرة على المنافسة، ويتصرفون أحياناً باندفاع، ويميلون إلى التوسع في الحقيقة أو إخفائها.

حاورنا الدكتور محمد المهدي رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر فشرح التشخيص ومنحنا دراسات زملائه الأمريكيين في الاتحاد العالمي لعلماء الطب النفسي الذين شاركوا معه في دراسات تشخيص ترامب.

نرجسية تاجر يريد الربح

في البداية يقول الدكتور محمد المهدي رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر: ترامب شديد التطرف في آرائه وتوجهاته فهو لا يعرف الحلول الوسط، وكتاجر يريد أن يربح دائما ولا يعرف المواءمات ولا يحب التنازلات، شخص استعراضي يتصرف دائما تحت الأضواء والكاميرات حتى في حياته العادية، وربما كانت لديه رغبة في أن يصبح ممثلا وقد ظهر في بعض الأدوار فعلا في أفلام معروفة، وهو شخص لا يهتم كثيرا بالثوابت والقواعد والأعراف بل كثيرا ما ينتهكها إذا كان في ذلك مصلحته أو سعادته، ولغته دائما ملتهبة ومفاجئة وصادمة.

الدكتور محمد المهدي رئيس قسم الطب النفسي

تبدو على ترامب سمات نرجسية عالية، فهو شديد الإعجاب بذاته ومهتم بشياكته وأناقته وتسريحة شعره، ويتصرف كممثل ويتوقع أنه تحت الأضواء في كل حركاته وسكناته، ويرى نفسه متفردا ومتميزا على كل من حوله، ويتصرف من منطلق الأهمية والعظمة ويبالغ في تقديره لذاته، ولاحظ حركات جسده وهو يصدر القرارات ويقرأها فهولا يحب إلا نفسه، ولديه إحساس بالقدرة المطلقة على فعل كل شيء وأي شيء بصرف النظر عن ظروف الواقع المحيط به، ويحتاج لأن يمدحه ويمجده كل من حوله وعنده صحفه وأول أمس منح معجبيه رواد شبكات التواصل حق حضور مؤتمراته الرئاسية، وهو في ذات الوقت لا يستشعر مشاعر أو احتياجات الآخرين لذلك كثيرا ما ينتهك حقوقهم ولا يبالي بآلامهم أو احتياجاتهم، وتحت هذه الهالة من العظمة الزائفة والذات المنتفخة تكمن حالة من الهشاشة النفسية والضعف الداخلي يظهران عند أول انتقاد عنيف أو هزة نفسية أو إهمال من الآخرين، فلديه شعور عميق بعدم الأمان يتغلب عليه بجلب مزيدا من المال ومزيدا من السلطة والشهرة والنفوذ، فهو يحتاج لأن يكون في الموقع الأعلى ليثبت لنفسه وللآخرين قوته وتميزه وجدارته.

محمد المهدي: الرئيس الأمريكي تاجر نرجسي يريد الربح فقط

يضيف دكتور مهدي: تبدو عليه أيضا سمات هيستيرية تتبدى في رغبته الملحة في الاستعراض وجذب الأضواء والسعي نحو الشهرة المستمرة طوال الوقت، والرغبة في جذب الاهتمام، والرغبة في الإغواء والاستهواء، وتعددية العلاقات وسطحية المشاعر، ودرامية الحديث، ولا يخلو من سمات سيكوباتية تتمثل في الانتهازية والعنصرية والفاشية، وعدم احترام القواعد والأعراف والتقاليد السائدة، والنيل من الآخرين واحتقارهم وعدم الشعور بالذنب تجاههم وفقد القدرة على التعاطف معهم، ووقوعه في أخطاء شخصية متعددة ذات طابع نزوي واندفاعي، واهتمامه بالمتع والملذات على حساب القيم والأخلاق.

الدكتور محمد المهدي يكشف لـ «الأسبوع» صفات ترامب

وهو شخص عنيد جدا لا يتنازل عن أي شيء بسهولة، ومفاوض مرهق في العمليات المالية حسب شهادة من تعاملوا معه في مجال البيزنس.

وسألت دكتور مهدي عن أهم محاور شخصية ترامب؟ فقال سنحاول تقييمه على خمسة محاور وهي: أولاً الانبساطية، فهو كثير العلاقات على المستوى الشخصي وعلى مستوى علاقات العمل فهو طول الوقت يتحدث إلى الناس مباشرة أو بالتليفون، ولديه ميل للتأثير الاجتماعي والسيطرة الاجتماعية، ولديه درجة عالية من الحماس والقيادية، ويحتاج تلقي الدعم من الآخرين دائما، وهو كشخص انبساطي يريد أن يعيش مفعما بالسعادة، والسعادة لدى ترامب تنحصر إلى حد كبير في الحصول على المال والنفوذ بما يمكنه من التوغل في ملذات الحياة، وهذا البعد الانبساطي يفسر تواجده المكثف وسط الناس وقدرته على التأثير فيهم، وانبساطيته تظهر في كونه ممثلا اجتماعيا ولكنه ممثل درجة ثانية نظرا لمحدودية قدراته وموهبته في التمثيل، ولكن هذا القدر من التمثيل يكفيه لخداع عدد كبير من الناس السطحيين والقابلين للإيحاء والاستهواء.

ثانياً العصبية: متوتر دائما، ومتقلب انفعاليا، وغضوب، ولديه الكثير من المشاعر السلبية. والغضب لديه جاهز للانطلاق في أي لحظة ويتبدى في عنف لفظي (كلمات نابية وعنيفة وخادشة للحياء حتى مع مسؤولين كبار في أمريكا وبلاد العالم) ويوظف حركات الجسد بتمثيل ممثل محترف (درس التمثيل) من أجل السيطرة على تابعيه، ثم يهجم على خصومه حتى يلقي في نفوسهم الرهبة ويظهر قويا متمكنا مقتحما ومخترقا حواجز الحياء والخجل والتردد.

ويضيف الدكتور مهدي: ثالثاً الضبط القيمي عند ترامب: يؤكد أن لديه ضعفا في المنظومة الأخلاقية، فلا يلتزم بالضوابط والأعراف، ولا يلتزم بالنظام والبروتوكولات، ولا يعرف السلوك الاجتماعي النمطي المهذب.

ورابعاً التوافقية: لديه ضعف شديد على هذا المحور، فهو يميل إلى الصراع والجدال وربما الصدام مع الأفكار والأشخاص والتوجهات الثابتة، وهو لا يهتم بالآخرين ولا يرعى مشاعرهم ولا يبدو منه أي تعاطف أو دفء عاطفي. ربما يذكر عنه حبه لعائلته، ولكن في الحقيقة فإن الشخص النرجسي حين يحب عائلته فهو يحبهم ليس لأشخاصهم ولكن لأنهم امتداد لذاته وهم أيضا يخدمون هذه الذات بشكل أو بآخر فربما تجده يبدو وكأنه حنون على زوجته (أو بالأحرى زوجاته) وعلى أولاده، وربما يفعل ذلك أيضا مع بعض المقربين منه ولكن خارج هذه الدائرة لا يعرف الحب أو الرعاية لأحد، وإذا فعل شيئا من ذلك فربما على سبيل الاستعراض الإعلامي ليس إلا (وهذا ما فعله مع بعض الأطفال المرضى بالسرطان).

وخامساً الانفتاحية: وأيضا درجاته ضعيفة جدا على هذا المحور إذ لديه صورة مغلقة جدا عن الناس وعن الحياة، وليس لديه الفضول لمعرفة الجوانب الأخرى في الموضوعات المختلفة، وليس لديه القدرة على استيعاب رؤى وأفكار جديدة، بل ينغلق عقله تماما على ما استقر لديه من أفكار ومفاهيم.

قلت للدكتور مهدي إذن كيف انتخبه الأمريكيون مرة أخرى؟ فقال دكتور المهدي: إذا كان ترامب بهذه التركيبة النفسية الصعبة، فكيف ولماذا انتخبه الأمريكيون؟ والإجابة هي أن الأمريكيين ينبهرون بهذه الشخصيات الاستعراضية الانبساطية التي تتحدث بثقة حتى ولو خطأ وتميل إلى المغامرة والمخاطرة واستعراض القوة وانتفاخ الذات خاصة إذا كان هذا الشخص قد حقق ثروة كبيرة في حياته فهذا معيار نجاح لدى الأمريكيين وشهادة جدارة للشخص، أما مسألة تطرفه أو عنصريته أو سلوكه النزوي (في تحرشاته وألفاظه) فهذا لا يعيبه في الثقافة الأمريكية التي تميل إلى البراجماتية وعبادة الدولار والاستمتاع بالحياة بلا قيود.. إذن فاختيار ترامب مفهوم جدا إذا فهمنا العقلية والثقافة الأمريكية، وعلى الرغم من سلبية الصفات السابقة، إلا أن تاريخ ترامب مليء بالمكاسب على المستوى المالي والاقتصادي فهو تاجر عقارات ناجح لديه الكثير من الأبراج وناطحات السحاب ويعيش في منتجع أسطوري ولديه كازينوهات للقمار. ويبدو أن لديه قدرا من الضبط البراجماتي مكنه من تراكم هذه الثروات، ومكنه أيضا من تكوين أسرة (على الرغم من تعدد زيجاته).

وعلى الرغم من اندفاعيته وجموحه وجنوحه وعنصريته، وتلك الصفات السلبية التي تبدت أثناء حملته الانتخابية، إلا أنه حين يصبح في موضع المسؤولية فإن براجماتيته قد تحجم تلك الصفات إلى درجة ما، إضافة إلى تحجيم مؤسسات صنع القرار، ولكن لا أحد يعرف بالضبط إلى أي مدى سيتم تحجيم كل هذه الصفات السلبية.

وأخيرا فهذه هي القنبلة الموقوتة التي احتلت مقعد الرئاسة في البيت الأبيض، وعلى الجميع أن يتحسبوا لمخاطرها فربما نكون أمام هتلر جديد عاد يهدد العالم للمرة الثانية وقد عاد مكتسحا الانتخابات بشكل مدهش.

وكتب ماك آدامز أستاذ علم النفس بجامعة نورث وسترن في كتابه (الحالة الغريبة لدونالد جيه ترامب: حساب نفسي): إنه يعيش النرجسية، وسوء الظن، والعظمة فعلى مدار حياته، أظهر دونالد ترامب سمة مميزة لا تتوقعها من رئيس أمريكي: انفتاح شديد على العالم الخارجي مصحوبًا بمستوى منخفض من الود.. فالنواة العاطفية التي تدور حولها شخصية دونالد ترامب هي الغضب: وفيما يتعلق بالغضب، فهو حقيقي بالتأكيد، إنه لا يتظاهر بذلك، حقيقة أنه يغضب، والواقع أن الغضب قد يكون العاطفة العاملة وراء انفتاح ترامب الشديد وكذلك انخفاض لطفه، يمكن للغضب أن يغذي الحقد، ولكنه يمكن أن يحفز أيضًا الهيمنة الاجتماعية، ويثير الرغبة في الفوز بإعجاب الآخرين جنبًا إلى جنب مع موهبة كبيرة في الفكاهة (والتي قد تكون عدوانية أيضًا)، يكمن الغضب في قلب كاريزما ترامب، والغضب يتخلل خطابه السياسي.

ويستطيع ترامب أن يشير (ويفعل) إلى الأبراج الحضرية الفاخرة، وملاعب الجولف الباذخة، والثروة الشخصية التي تقدر بمليارات الدولارات، والتي تجلب له بوضوح مكافآت نفسية كبيرة. حتي لو أسفرت القرارات المحفوفة بالمخاطر عن إفلاس أربع شركات بموجب الفصل الحادي عشر من قانون الإفلاس الأمريكي، بما في ذلك بعض الكازينوهات والمنتجعات التي يملكها، قد يكون ترامب صانع قرار أكثر مرونة وواقعية، وأشبه ببيل كلينتون: لكنه أكثر صلابة من بوش قبل أن يقفز وترامب (يبدو محافظاً في بعض القضايا، وليبرالياً في قضايا أخرى، وغير قابل للتصنيف في قضايا ثالثة)، فهو ماهر في تبديل المواقف بسهولة، مما يترك مجالاً للمناورة في المفاوضات مع الكونجرس والزعماء الأجانب، ولكن في المحصلة النهائية، من غير المرجح أن يتجنب اتخاذ القرارات المحفوفة بالمخاطر والتي قد تعزز إرثه وتوفر له مكافأة عاطفية إذا نجحت كما نتوقع.

وأوضح ماك آدامز في كتابه: ربما لم يسبق أن رأينا رئيسا أمريكيا بهذا القدر من عدم القبول على المسرح العام كما هو حال دونالد ترامب، وإذا اقترب نيكسون من هذا، فقد نتوقع أن يبدو أسلوب ترامب في اتخاذ القرار أشبه بالسياسة الواقعية الصارمة التي أظهرها نيكسون ووزير خارجيته هنري كيسنجر في الشؤون الدولية خلال أوائل سبعينيات القرن العشرين، إلى جانب نظيرها المحلي الصارم. وقد لا يكون هذا سيئا بالكامل، اعتمادا على وجهة نظر المرء. فصناع القرار الذين لا يتأثرون بسهولة بالمشاعر الدافئة أو الدوافع الإنسانية، مثل نيكسون، قد يتمتعون بمزايا معينة عندما يتعلق الأمر بموازنة المصالح المتنافسة أو المساومة مع الخصوم، مثل الصين في زمن نيكسون.

باختصار، تشير السمات الشخصية الأساسية لدونالد ترامب: شديدة الاشتعال، فهو رئيس نشط لا تربطه بالحقيقة علاقة ودية، وقد يكون صانع قرار جريئًا وعدوانيًا بلا رحمة ويرغب بشدة في خلق النتيجة الأقوى والأطول والأكثر لمعانًا والأكثر روعة - ولا يفكر مرتين في الأضرار الجانبية التي سيخلفها وراءه تثبت أنه: (صعب، عدواني، مهدد، متفجر).

وأضاف ماك آدامز ملاحظة عالم النفس الاجتماعي جيسي جراهام، الذي وصف ترامب: عنده خوف قديم من العدوى، والذي يشبه الجماعات الخارجية بالطفيليات والسموم وغيرها من الشوائب. وفي هذا الصدد، ربما لا يكون من قبيل المصادفة النفسية أن يُظهِر ترامب رهاب الجراثيم، ويبدو منفرا من سوائل الجسم، وخاصة عرق سوائل النساء.

وسر نجاح ترامب الأخير يفسر النمط الأمريكي من الاستبداد في تفسير سبب جاذبية دونالد ترامب، الذي تزوج ثلاث مرات، وبالنسبة للمسيحيين الاستبداديين، فإن الإيمان القوي - مثل الزعيم القوي - ينقذهم من الفوضى ويخفف من المخاوف والصراعات (دونالد ترامب هو المنقذ)، حتى لو كان يتباهى ويقسم، ويتحدث بلا مبالاة حول قضية الإجهاض.

في كتابه (فن الصفقة): ينصح ترامب المديرين التنفيذيين والرؤساء التنفيذيين وغيرهم من صناع الصفقات بـالتفكير على نطاق واسع، واستخدام نفوذك، والرد دائمًا عندما تدخل في مفاوضات، يجب أن تبدأ من موقف قوة لا يمكن المساس به، يجب أن تستعرض عظمتك. يكتب: "اهدف إلى تحقيق أهداف عالية جدًا، ثم استمر في الدفع والدفع والدفع للحصول على ما تسعى إليه".

بالنسبة لترامب، يمثل مفهوم "الصفقة" ما يسميه علماء النفس مخططًا شخصيًا - طريقة لمعرفة العالم تتخلل أفكاره-.

تشير أبحاث العلوم المعرفية إلى أن الناس يعتمدون على المخططات الشخصية لمعالجة المعلومات الاجتماعية الجديدة بكفاءة وفعالية. ومع ذلك، بطبيعتها، تضيِّق المخططات تركيز الشخص على عدد قليل من الأساليب المستهلكة التي ربما نجحت في الماضي، ولكنها قد لا تنحني بالضرورة لاستيعاب الظروف المتغيرة في الفترة الحالية.

اقرأ أيضاً
رسوم ترامب الجمركية تعرقل الاقتصاد العالمي وسط تزايد الضبابية التجارية

لاستقبال أخطر مجرمي أمريكا.. ترامب يأمر بإعادة تشغيل سجن ألكاتراز السيئ السمعة

مرتديا زي بابا الفاتيكان.. صورة لـ ترامب تثير ضجة على شبكات التواصل الاجتماعي

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق