يواجه مشروع قانون أقره مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون مؤخرًا، والذي وصفه الرئيس دونالد ترامب بـ "قانون الفاتورة الجميلة الكبرى الواحدة"، انتقادات متزايدة من مراقبي الممارسات الديمقراطية السليمة ويكمن القلق في فقرة واحدة مدفونة بعمق في نص مشروع القانون، والتي قد تجعل من الصعب للغاية على المواطنين العاديين تحدي تصرفات إدارة ترامب قانونيًا أو مقاضاته، وفقًا لموقع "رو ستوري".
بند الكفالة المالية: عائق أمام المساءلة القضائية
تشير الفقرة المثيرة للجدل، الموجودة في الصفحات 562 و563 من مشروع القانون المكون من 1116 صفحة، إلى قاعدة فيدرالية للإجراءات المدنية تتطلب من أي شخص يسعى للحصول على أمر قضائي أو أمر تقييدي مؤقت لمنع إجراءات إدارة ترامب أن يقدم كفالة مالية.
ووفقًا لمنظمة هيومن رايتس ووتش (HRW)، فإن هذا البند "سيجعل من مكافحة سياسات ترامب في المحكمة أكثر تكلفة من خلال استدعاء قاعدة فيدرالية تعاقب بفعالية أي شخص يرغب في الوقوف ضد الإدارة". وهذا يعني أن المواطنين الأقل ثراءً قد لا يتمكنون من تحمل تكلفة تحدي قرارات ترامب في المحاكم، مما يحصر القدرة على مساءلة الإدارة في أيدي الأثرياء فقط.
"شرط غير مسبوق وفظيع": رأي الخبراء القانونيين
كان إروين تشيميرينسكي، عميد كلية الحقوق بجامعة كاليفورنيا، بيركلي، من أوائل الذين سلطوا الضوء على هذا البند الخفي، واصفًا إياه بأنه "غير مسبوق" و"فظيع".
وذكر تشيميرينسكي في مقال له بتاريخ 19 مايو أن الغرض النهائي من هذا البند هو حماية أعضاء الإدارة من أوامر ازدراء المحكمة عن طريق فرض قيود غير عادية على من يمكنهم رفع الدعاوى في المقام الأول.
ويشير إلى أن القاعدة 65(c) تسمح للقضاة بإصدار أمر قضائي أولي أو أمر تقييدي مؤقت "فقط إذا قدم المدعي ضمانًا بمبلغ تعتبره المحكمة مناسبًا لدفع التكاليف والأضرار التي تكبدها أي طرف تبين أنه قد تم تقييده أو منعه بشكل خاطئ".
ومع ذلك، غالبًا ما تتنازل المحاكم الفيدرالية عن شرط الكفالة عندما يتعلق الأمر بتحدي الإجراءات الحكومية غير الدستورية، لأن معظم الأفراد ليس لديهم الموارد اللازمة لتقديم هذه الكفالات، وفرضها سيؤدي إلى تحصين السلوك الحكومي غير الدستوري من المراجعة القضائية.
تحذيرات من نهج استبدادي
تتفق هيومن رايتس ووتش مع المخاطر الجسيمة التي تهدد سيادة القانون إذا استمر هذا البند حتى يصل إلى مكتب ترامب للتوقيع عليه. وحذرت المنظمة من أن "هذه علامة أخرى على محاولات ترامب الوقحة لوقف السلطة القضائية عن مساءلته".
وأضافت: "هذا ما يفعله المستبدون. توحيد السلطة، وزيادة عقوبة الاعتراض، مما يجعل من الصعب في نهاية المطاف - وفي النهاية المستحيل - تحديهم."
سوابق تاريخية وتأثير خطير على الديمقراطية
يثير هذا البند مقارنات مع ممارسات تهدف إلى تقييد الوصول إلى العدالة في أنظمة أخرى. ففي العديد من الأنظمة القضائية، يمكن أن يؤدي فرض رسوم أو كفالات باهظة إلى تثبيط الدعاوى القضائية الصالحة، خصوصًا تلك التي ترفع ضد السلطات القوية.
يعتبر هذا الأمر تهديدًا مباشرًا لمبدأ المساواة أمام القانون، حيث يجب أن يكون لكل مواطن الحق في طلب الإنصاف القضائي بغض النظر عن وضعه المالي. إذا أقر هذا البند، فإنه قد يشكل سابقة خطيرة قد تستغلها الإدارات المستقبلية للتهرب من المساءلة القضائية، مما يقوض أساس الديمقراطية القائم على التوازن بين السلطات.
مستقبل مشروع القانون وتداعياته
لا يزال مصير هذا البند غير مؤكد، حيث يتطلب إقراره النهائي موافقة مجلس الشيوخ والتوقيع الرئاسي.
ومع ذلك، فإن مجرد إدراجه في مشروع قانون بهذا الحجم يثير مخاوف جدية حول التوجه المستقبلي للعلاقة بين السلطتين التنفيذية والقضائية في الولايات المتحدة.
يرى النقاد أن هذا البند يمثل محاولة واضحة لـ توسيع السلطة التنفيذية على حساب الضوابط والتوازنات الديمقراطية، مما قد يؤدي إلى تفاقم الاستقطاب السياسي ويضعف ثقة الجمهور في النظام القضائي.
0 تعليق