أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز" بتاريخ 5 يونيو 2025، قرار تنفيذي يحظر سفر مواطني 12 دولة، معظمها من إفريقيا والشرق الأوسط، إلى الولايات المتحدة، مع فرض قيود جزئية على سبع دول أخرى، بدءًا من الإثنين المقبل.
وتشمل الدول المحظور على مواطنيها دخوال الأراضي الأمريكية: أفغانستان، وميانمار، وتشاد، وجمهورية الكونغو، وغينيا الاستوائية، وإريتريا، وهايتي، وإيران، وليبيا، والصومال، والسودان، واليمن، بينما تشمل القيود الجزئية دولًا مثل بوروندي، وكوبا، ولاوس، وسيراليون، وتوجو، وتركمانستان، وفنزويلا.
ويستثني القرار حاملي التأشيرات الحالية، والمقيمين الدائمين، وبعض الرياضيين المشاركين في فعاليات مثل كأس العالم 2026 والأولمبياد 2028، إلى جانب الأفغان الذين عملوا مع الحكومة الأمريكية.
وبرّر ترامب القرار بحماية الأمن القومي من الإرهاب وتجاوز المهاجرين لمدة تأشيراتهم، مستندًا إلى هجوم في كولورادو الذي نفذه مهاجر تجاوز تأشيرته.
ولكن القرار يثير تناقضات واضحة، حيث شمل الحظر دولًا مثل تشاد التي سجلت 400 حالة تجاوز تأشيرة فقط في 2023، مقارنة بأكثر من 20،000 حالة من إسبانيا التي لم تُدرج أساسًا في الحظر.
ويرى دوج راند، مسؤول الهجرة السابق في إدارة بايدن، أن اختيار الدول يبدو مدفوعًا بدوافع سياسية أكثر منها أمنية.
ويشير الخبراء إلى أن الهجمات الإرهابية لم ترتفع عندما ألغى بايدن حظر السفر في 2021، مما يضعف الحجة الأمنية للحظر الجديد. كما يُظهر القرار، بحسب البيت الأبيض، محاولة لتجنب العيوب القانونية التي واجهت النسخة الأولى في ولاية ترامب الأولى، مع التركيز على دول تُعتبر غير مواكبة لإجراءات التدقيق وفحص المتقدمين للحصول على إذن دخول الولايات المتحدة.
وتثير السياسة التي تبناها ترامب مخاوف عميقة بين الجاليات المهاجرة، إذ أعرب مهاجرون مثل فرانتزدي جيروم، طالب لجوء من هايتي يعمل في مستودع أمازون، عن شعورهم بالاستهداف المستمر. في مجتمعات مثل "ليتل هايتي" في بروكلين و"تيهرأنجليس" في لوس أنجلوس، يخشى المهاجرون من تأثير الحظر على الأعمال التجارية والعلاقات العائلية. على سبيل المثال، يقول محمد جعفريان، صاحب متجر في لوس أنجلوس، إن الحظر قد يضر بتجارته التي تعتمد على السياح الإيرانيين. وكانت منظمات مثل مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية قد حذّرت من تداعيات الحظر على الثقة المجتمعية، داعية المتأثرين إلى استشارة محامين والاحتفاظ بوثائق الهجرة.
وقالت التايمز إن القرار يندرج ضمن استراتيجية ترامب الأوسع لتشديد إجراءات الهجرة، بما في ذلك تنفيذ وتكثيف المداهمات ومنع طالبي اللجوء عند الحدود الجنوبية.
ويرى أستاذ قانون الهجرة ديب جولاسيكارام أن الحظر ليس سوى "مسرحية أمنية" تهدف إلى تعزيز خطاب الخوف من الأجانب، بينما يشير آخرون إلى أن استهداف دول ذات أغلبية مسلمة أو إفريقية يعكس محاولة لـ"إعادة صياغة أمريكا البيضاء المسيحية".
كما أثارت سياسات ترامب الأخرى، مثل فرض عقوبات على قضاة المحكمة الجنائية الدولية وإلغاء برنامج Quiet Skies لمراقبة المسافرين، مخاوف من تسييس المؤسسات الفيدرالية.
ومن اللافت أن مصر، بصفتها الحليف العسكري المقرب من واشنطن والوسيط الذي لا غنى عنه في مفاوضات إسرائيل وحماس، وسوريا، التي تُعتبر مصدر قلق أمني تقليدي، استُثنيتا من الحظر، مما يعزز الرأي القائل بأن القرار الذي وقعه ترامب يخدم أهدافًا سياسية أكثر منها أمنية، وأن دوافعه قد تكون دبلوماسية أكثر من كونها أمنية بحتة.
تداعيات الحظر
يُثير قرار الحظر مخاوف من تأثيرات اقتصادية بعيدة المدى، خاصة على المناطق التي تعتمد على التبادل التجاري والسياحي مع الدول المستهدفة. في أماكن مثل "تيهرأنجليس" في لوس أنجلوس، حيث تدير الجالية الإيرانية أسواقًا مزدهرة، يخشى أصحاب الأعمال مثل محمد جفاريان من انخفاض الإيرادات بسبب تراجع السياحة الإيرانية، مما قد يؤثر على الاقتصادات المحلية.
كما يهدد الحظر التبادلات الأكاديمية والعلمية، حيث يعتمد طلاب وباحثون من دول مثل إيران على تأشيرات للدراسة في الجامعات الأمريكية، مما يثير تساؤلات حول قدرة الولايات المتحدة على الحفاظ على مكانتها كمركز عالمي للابتكار، وعلى الصعيد السياسي، يرى ديب جولاسيكارام، أستاذ قانون الهجرة، أن مثل هذه السياسات تعزز خطابًا يصور المهاجرين كتهديد، مما يعمق الانقسامات الاجتماعية داخل أمريكا.
0 تعليق