مظهر شاهين يرد على إبراهيم عيسى: ...

مصر تايمز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

حين يتعامل البعضُ مع الإسلامِ وكأنه مشروعٌ بشريٌّ قيد التطوير، أو فكرةٌ ثقافيةٌ قابلةٌ للتعديلِ والتطويعِ وفقَ الأهواء، فإنهم يجهلون أو يتجاهلون أن الإسلام وحيٌ من عندِ الله، أنزلَهُ على قلبِ نبيِّه محمّدٍ صلى الله عليه وسلم، محفوظٌ بنصِّه، مُحكَمٌ في أصولِه، شامخٌ في مبادئِه، لا يُغيّره تطاولُ الجاهلين، بل يزدادُ به نقاءً ورفعة.

ومن أراد أن يُنصِت بعقلٍ مُنصِف، وقلبٍ يبحثُ عن الحق، فبابُ الحوارِ مفتوح، والنقاشُ في ضوءِ العقلِ والنقلِ محمود،
لكن من جاء ليقيسَ الدينَ بمزاجِه، أو يُطالبَ بإسلامٍ يُوافِقُ شهواته، أو يُقصي ما لا يُعجِبُه من النصوص،
فليعلَمْ أنه ما عرفَ الإسلامَ قط، بل عرفَ هواه فقط.

نحن لا نفرِضُ دينَنا على أحد، ولا نُغلقُ بابَ الحريّةِ أمام المختلفين،
وقد قال الله تعالى: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾،
لكننا، في المقابل، لن نقف صامتين حين يُستهزأ بثوابتِنا، أو يُشوَّهَ قرآنُنا، أو يُنتقَصَ من سنّةِ نبيّنا صلى الله عليه وسلم.

فنحن نؤمن بهذا الدين كما أنزلَهُ الله،
ونراهُ الحقَّ المبين، والنورَ الذي لا يُطفئُهُ جدال، ولا يُعتمُهُ طعن، ولا يُقصيهِ عن القلوبِ صراخُ الغافلين.

وإذا كان بعضُ الناسِ يظنّون أن عقولَهم أرقى من النصوص،
أو أن وحيَ اللهِ يجبُ أن يخضع لمعيار “مقبوليّة عقلية” متقلّبة،
فنقول لهم: الدين ليس خاضعًا لمِزاجِ أحد، ولا رهينةً لتصوّراتٍ شخصيةٍ متغيرة،
فالإسلامُ ليس محلًّا للتصويت، ولا مجالًا للتعديل، ولا ميدانًا للاختبار في معمل الظنون.

ولعل من أعجب ما يُثير الأسى، أن ترى من يُعمِلُ عقلَه في رفضِ ما ثبت بنصوص القرآن،
ويجعل من الثوابتِ مواضعَ استغرابٍ واستشكال، تحت لافتة “التفكير” و”التأمل”،
بينما هو نفسه رأى في “بقرةٍ” تُعظَّم في ديانةٍ أخرى رمزًا للرقيّ والعظمة،
ولم يُفكّر حينها في سؤال المنطق أو الغاية!

فكيف نأتمن عقلًا يتعجبُ من أحكامِ الله المحكمة، ويُبهره ما لا عقل فيه؟
وكيف نثق بفكرٍ ينفرُ من وحي السماء ويأنس بخرافات الأرض؟

نحن لا نمنع أحدًا من التفكير، بل نحفّزُ عليه،
لكن بشرطٍ واضح: أن يكون في ضوءِ الوحي، لا في ظله،
وأن يكون وسيلةً للهداية، لا مطيّةً للهوى، أو ستارًا للطعن في الدين.

وإن كان عقلُك لا يستوعب هذا الدين، فلا تُفسده على غيرك،
فنحن لا نتعبدُ اللهَ بفهمك، ولا طلبنا منك أن توزِنَ الإسلامَ بعقلِك،
ولا كلّفك أحدٌ بتفسير كلام الله نيابةً عن الأمة.

ولسنا من الذين يُعوِّلون على بصيرتك، ولا ممن يركنون إلى حكمك على وحي ربّ العالمين.

ثم إنّ تناقضَ مواقفك وتصريحاتك السابقة، التي يعرفها القاصي والداني،
لا يُؤهّلك لتفسير كتابٍ معجزٍ محفوظ،
ولا تُبنى عليها أي مصداقيّة فيما يراه عقلُك،
فعقلٌ يُناقض نفسه لا يُحتجّ به على دينٍ قام على الاتساق،
ودينُ الله أبعد ما يكون عن التناقض، وأسمى من أن يُفهَم بعقلٍ مضطرب الرؤية أو متقلب المرجع.

وإذ نقولُ ذلك، فإننا نُفرِّق بوضوح بين الأفكار التي نردّ عليها،
وبين الأشخاص الذين نحترمهم مهما خالفونا.

فنحن نحترم الأشخاص، ولا نصادر انتماء أحد لدينه،
لكننا نُحاكِم الفكر، ونُناقش الطرح، ونردّ على التفسير الخاطئ،
كما نردّ على ما نراه من تجاوزات في الفهم أو التأويل.

فالنقد موجه إلى الفكرة، لا إلى صاحبها، وهذا من تمامِ الإنصاف والاحترام.

وتذكّر دائمًا:
أن الحق لا يتغير برفضك له،
وأن الشمس لا تُطفأ برفضك لضوئها،
وأن الله غني عن العالمين،
وأن الدين محفوظ إلى يوم الدين، شاء من شاء وأبى من أبى.

فاختَرْ ما شئت لنفسك،
لكن لا تتوهّم أن بموقفك تملك تغيير ما أنزلَه الله، أو التأثير فيمن آمن به عن يقين.

فالإسلام باقٍ، طاهرٌ، نقيٌّ، يمتحنُ الناس ولا يُمتحَنُ بهم،
ويحكمُ العقول ولا يُحاكَمُ إليها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق