صوتٌ يأخذك إلى عالمٍ من الخشوع والسكينة، وأداءٌ يعكس جمال القرآن وروعة أحكامه.. تحل اليوم ذكرى رحيل الشيخ محمود خليل الحصري، أحد أعظم قراء القرآن الكريم في تاريخ مصر والعالم الإسلامي، بصوته الفريد، وأسلوبه المتقن، وأعماله الخالدة، صنع الحصري إرثًا لا يزول، تاركًا بصمةً مضيئةً في قلوب المسلمين، وفي كل بيت يصدح فيه كتاب الله، لأنّه لم يكن مجرد قارئ بل كان سفيرًا للقرآن وملهمًا للأجيال.
وُلد الشيخ الحصري في 17 سبتمبر 1917 بقرية «شبرا النملة» بمحافظة الغربية، ونشأ في بيئة تُقدِّر القرآن الكريم، حفظ القرآن في سن الثامنة، والتحق بمعهد طنطا الأزهري لدراسة علوم القرآن والقراءات.
أسلوبه المتزن في التلاوة
واشتهر الشيخ الحصري بصوته المميز وأسلوبه المتزن في التلاوة، وبرزت قدراته الاستثنائية في ضبط قواعد التجويد وإتقان أحكام القراءة، وكان أول من سجل المصحف المرتل برواية حفص عن عاصم عام 1961؛ ليصبح بذلك نموذجًا يُحتذى به في التلاوة الصحيحة، وانتشر صوته في أنحاء العالم الإسلامي، كما سجل الشيخ المصحف كاملًا بروايات مختلفة مثل ورش وقالون والدوري.
نشر وتعليم القرآن الكريم
وأسهم الحصري في نشر وتعليم القرآن الكريم داخل مصر وخارجها، إذ ألقى محاضرات وقدم تلاوات في العديد من الدول الإسلامية والغربية، وكان حريصًا على تعريف العالم غير الإسلامي بجماليات القرآن الكريم من خلال أسفاره الكثيرة، إذ زار دولًا مثل الهند وباكستان وبريطانيا والولايات المتحدة.
ولم يكن الحصري قارئًا فقط، بل كان عالمًا ومصلحًا دينيًا، كتب العديد من الكتب التي تناولت علوم القرآن، مثل كتاب «أحكام قراءة القرآن الكريم»، و«القراءات العشر من الشاطبية والدرة»، كما كان مهتمًا بتحفيظ القرآن للأطفال، وأسس العديد من الكتاتيب والمراكز لهذا الغرض.
الأوسمة والتكريمات
وعلى مدار حياته، حصل الشيخ الحصري على العديد من الأوسمة والتكريمات، وكان قارئًا رسميًا لمسجد الإمام الحسين بالقاهرة، وفي 24 نوفمبر 1980، توفي الشيخ الجليل عن عمر ناهز 63 عامًا، تاركًا إرثًا خالدًا من التلاوات العطرة والعلم النافع، ورحل الحصري بجسده، لكن صوته ما زال يصدح في بيوت المسلمين حول العالم، ملهمًا الأجيال بحسن الأداء وخشوع التلاوة، ليبقى اسمه خالدًا في سجل العظماء الذين خدموا كتاب الله بصدق وإخلاص.
0 تعليق