شكراً معالي الرئيس ولكن..

صدي العرب 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

شهد مجلس النواب البحريني خلال الأسبوع الماضي حراكاً من نوع خاص يندر حدوثه في المجالس التشريعية، ولكنه وارد في جميع الأحوال، ألا وهو طلب رفع الحصانة عن أحد الأعضاء بطلب من وزير العدل بناء على شكوى مُقدّمة للنيابة العامة.

هذه الطلبات عادة ما تأتي إلى المجالس النيابية في كل أنحاء العالم، ويتم التعامل مع النسبة الأكبر منها برفض هذا الطلب، على اعتبار أن المجلس «سيّد قراره» وأن لأعضائه حصانةً يتمتعون بها، وهذا أيضاً ما تطرّق إليه الباب الخامس من اللائحة الداخلية للمجلس الموقر بالتفصيل.

وتنصّ المادة «185» من الفصل الأول على أنه «لا يجوز أثناء دور الانعقاد، في غير حالة «الجرم المشهود»، أن تُتّخذ نحو العضو إجراءات التوقيف أو التحقيق أو التفتيش أو القبض أو الحبس أو أي إجراء جنائي آخر إلا بإذن سابق من المجلس. وفي غير دور انعقاد المجلس، يتعيّن لاتخاذ أيٍّ من هذه الإجراءات أخذ إذنٍ من رئيس المجلس.

ويعتبر بمثابة إذن عدم إصدار المجلس أو الرئيس قراره في طلب الإذن خلال شهر من تاريخ وصـوله إليه.

وفي المادة «186»، «يُقدّم طلب الإذن برفع الحصانة عن العضو إلى رئيس المجلس من وزير العدل والشؤون الإسلامية. ويجب أن يرفق بالطلب صورة رسمية من أوراق القضية المطلوب اتخاذ إجراءات فيها.

ويحيل الرئيس الطلب المذكور ومرفقاته إلى لجنة الشؤون التشريعية والقانونية لبحثه وإبداء الرأي فيه. ويجب على اللجنة إعداد تقريرها بشأن طلب رفع الحصانة خلال عشرة أيام على الأكثر من تاريخ إحالة الأوراق إليها.

وربما لم تتطرّق اللائحة الداخلية إلى عملية التصويت على رفع حصانة النائب كما حدث في الجلسة الماضية، لكنه أيضاً إجراء برلماني ديموقراطي يؤكد أمرين، الأول: هو أن المجلس يستند إلى قناعات أعضائه بشأن الطلب الوارد، وذلك بعد الانتهاء من بحث الطلب من قِبل لجنة الشؤون التشريعية والقانونية، والثاني: هو حسن إدارة الجلسة وحكمة الرئيس في أن يفسح المجال لممارسة ديمقراطية داخل بيت الشعب بالتصويت على رفع الحصانة.

إن قرار رئيس المجلس بتحويل الجلسة إلى «مغلقة» يُعتبر قراراً حكيماً بعد الأخذ بالطلب المُقدّم من أعضائه، حيث يتعيّن الحفاظ على وقار وهيبة المجلس.

وفي الوقت نفسه، يُعدّ إعلانُ نتيجة هذا التصويت حقّاً واجباً، ليكون المواطنون والناخبون على دراية بما يحدث، وهو حقٌّ للمجلس على المواطنين.

لقد تمكّن مجلس النواب البحريني من ممارسة أحد أشكال العمل البرلماني بكفاءة عالية وحكمة، وذلك بفضل قيادة معالي الأخ العزيز أحمد بن سلمان المسلم، الذي أدار إجراءات هذه الأزمة بنجاح عالٍ.

ومع ذلك، قد يجد البعض أن هناك أمراً غير مألوف وغير صحي عند مقارنته ببرلمانات أخرى، إذ يُقال، والله أعلم، إن الشكوى جاءت بتوجيه داخلي من أحد أعضاء المجلس وليس من خارجها، في محاولة لإغلاق أي باب للتحقيق أو النقاش البرلماني المستقبلي في هذا الملف المعقّد، وذلك بطرق غير قانونية.

وهذا أمرٌ يُعتبر غريباً وغير صحي عند مقارنته ببرلمانات أخرى، حيث يُفترض أن يضم المجلس رجالاً يعملون لصالح الوطن ومواطنيه دون وجود تضارب في المصالح.

ورغم ذلك، فإن إدارة الأزمة وإنهاءها بهذه الصورة الحكيمة يُعدّ إنجازاً متميزاً لأعضاء مجلسنا ورئيسه الموقر.

* قبطان - رئيس تحرير جريدة «ديلي تربيون» الإنجليزية

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق