في أعماق البحر قبالة سواحل مصر، تتسارع الجهود لتحقيق هدف كبير، وهو زيادة إنتاج الغاز الطبيعي بشكل ملحوظ لدعم الاحتياجات المحلية وتعزيز الصادرات، وبين أمواج البحر المتوسط وعلى عمق يتراوح بين 300 و1200 متر، تقع حقول الغاز في منطقة غرب دلتا النيل، وهي مفتاح تحقيق هذا الطموح.
زيادة إنتاج الغاز الطبيعي بشكل ملحوظ لدعم الاحتياجات المحلية
شركة "شل مصر"، بالتعاون مع شركائها، تخطط لإضافة 170 مليون قدم مكعبة من الغاز يومياً بحلول نهاية ديسمبر المقبل. هذا الجهد يأتي كجزء من تطوير 3 حقول بحرية بالتعاون مع شركة "بتروناس" الماليزية. الخطط تسير بخطى ثابتة، حيث أضيف إنتاج يومي يبلغ 40 مليون قدم مكعبة في أكتوبر، ثم 65 مليون قدم مكعبة في نوفمبر، على أن تُضاف 65 مليون قدم مكعبة أخرى في ديسمبر.
تقع هذه الحقول الاستراتيجية على بعد 90 كيلومتراً من الساحل المصري و110 كيلومترات شمال شرقي الإسكندرية، وتدار عبر شركة "البرلس للغاز"، التي تتوزع ملكيتها بين "شل"، و"بتروناس"، والهيئة المصرية العامة للبترول.
تُضاف 65 مليون قدم مكعبة أخرى في ديسمبر
مع هذا التوسع، تسعى مصر إلى توفير الغاز لتلبية الطلب المحلي، الذي يصل إلى نحو 6 مليارات قدم مكعبة يومياً، وتقليل الاعتماد على واردات الغاز المسال التي استأنفتها منذ أبريل الماضي. في الوقت نفسه، تعمل الحكومة على سداد مستحقات شركات النفط الأجنبية لتحفيزها على زيادة عمليات الحفر وتنمية الحقول.
الحوافز التي قدمتها مصر للشركات الأجنبية تشمل السماح بتصدير جزء من الإنتاج الجديد، مع توجيه عائداته لسداد المستحقات. كما رفعت الحكومة أسعار حصة هذه الشركات من الغاز المنتج حديثاً، مما يضمن بيئة استثمارية مشجعة لتعزيز الإنتاج.
تعمل الحكومة على سداد مستحقات شركات النفط الأجنبية لتحفيزها
بهذا الجهد المشترك، تستعد مصر لتحقيق نقلة نوعية في قطاع الغاز الطبيعي، مستفيدة من موقعها الاستراتيجي ومواردها الطبيعية الوفيرة، لتأمين احتياجاتها ودعم اقتصادها.
ومع اقتراب نهاية العام، تُبرز هذه التحركات الطموحة لمصر قدرتها على استغلال مواردها الطبيعية بشكلٍ فعّالٍ لدعم اقتصادها ومكانتها كواحدة من الدول الرائدة في إنتاج الغاز الطبيعي في المنطقة. عبر التعاون المثمر بين الحكومة والشركات العالمية مثل "شل" و"بتروناس"، تؤكد مصر التزامها بتطوير قطاع الطاقة كمحرك رئيسي للنمو الاقتصادي وتلبية الطلب المحلي المتزايد.
هذه الخطط الطموحة لا تنعكس فقط على تحسين كفاءة الإنتاج بل تمتد لتشمل تعزيز الثقة الاستثمارية للشركات الأجنبية، مما يفتح الباب أمام المزيد من الاستثمارات طويلة الأجل في قطاع الطاقة. كما أن الخطط الحكومية لسداد المستحقات المالية المتأخرة للشركات الأجنبية تُعدّ خطوة استراتيجية لدفع عجلة التطوير وضمان استمرارية تدفق الغاز الطبيعي إلى السوق المحلية والدولية.
في ظل الطلب العالمي المتزايد على الطاقة النظيفة والمستدامة، تبرز مصر كلاعبٍ رئيسي يسعى لاستغلال هذا الاتجاه العالمي لتحقيق التوازن بين احتياجاته المحلية ومتطلبات السوق العالمي. ومع هذه الجهود المستمرة، تبقى مصر على طريق تحقيق رؤيتها لتصبح مركزاً إقليمياً للطاقة، قادرة على تصدير فائض إنتاجها وتعزيز مكانتها الاقتصادية. هذا النجاح المتوقع سيمثل نموذجاً رائداً للدول النامية في استغلال مواردها الطبيعية لتعزيز استقرارها الاقتصادي وتحقيق أهدافها التنموية.
0 تعليق