تعتبر متلازمة نيكتوفيليا من الاضطرابات النفسية النادرة، إذ تتعلق بميل الأفراد للتفضيل العميق للظلام والليل،وفي هذا المقال، سنستعرض تفاصيل هذا المرض، بدايةً من تعريفه إلى أعراضه وأسبابه، وصولاً إلى طرق علاجه،كما إننا سنسلط الضوء على الفروق بينه وبعض الاضطرابات النفسية الأخرى، مما يساعد في الوعي بشأنه،إن فهم هذه الحالة أمر مهم للغاية لتحقيق دعم اجتماعي ونفسي للمصابين، واستكشاف أفضل الطرق لعلاجهم وتسهيل حياتهم اليومية.
معلومات عن مرض نيكتوفيليا
تُعرف نيكتوفيليا، أو متلازمة تفضيل الظلام، بأنها حالة نفسية تجعل الأشخاص يفضلون الجلوس في الظلام ويستمتعون بالنوم ليلاً بدلاً من النهار،تختلف هذه الحالة عن الخوف من الظلام، حيث يشعر المصابون بها بالراحة والهدوء عند التواجد في أماكن مظلمة، مما يعزز من قدرتهم على التركيز،وقد لوحظ أن الأشخاص الذين يعانون من نيكتوفيليا يسعون إلى الانعزال عن المصاعب اليومية المتمثلة في الضجيج والتوتر، حيث تتيح لهم أوقات الليل مظلة للراحة النفسية،تجدر الإشارة إلى أن المصطلح اشتُق من اليونانية ويعني “صديق الليل”.
تشير أبحاث علم النفس إلى أن الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة قد يجدون في الغموض والدفء الذي يضفيه الظلام ملاذًا لهم،ومع ذلك، في الحالات المتقدمة، قد تؤثر نيكتوفيليا سلبًا على علاقات الأفراد الاجتماعية، مما يزيد من رغبتهم في الانعزال عن العالم الخارجي.
أعراض مرض النيكتوفيليا
من المهم التعرف على الأعراض الخاصة بمرض النيكتوفيليا لتجنب الارتباك مع اضطرابات نفسية أخرى،إذ يعاني المصابون من مجموعة من الأعراض التي قد تعيق حياتهم اليومية،من أبرز الأعراض
- صعوبة النوم يواجه الأشخاص المصابون صعوبات كبيرة في النوم بعمق،قد يلجأ البعض إلى استخدام الأدوية المنومة دون تحقيق الفائدة المرجوة، وقد يعانون من أرق شديد.
- رؤية أحلام مزعجة تعتبر الأحلام المزعجة أحد الأعراض المشتركة بين المصابين،فقد يواجهون كوابيس تعكس قلقهم النفسي، مما يزيد من حدة مشاعر التوتر لديهم.
- الشعور بالحزن وحب العزلة يعد التوجه نحو العزلة وصعوبة الاندماج في الأنشطة الاجتماعية من العلامات البارزة للمرض، حيث يفضل المصاب قضاء الوقت في أماكن خالية من البشر.
- القدرة على الإبداع في الظلام على الرغم من المعاناة، يشعر بعض الأشخاص بالإلهام والإبداع حينما يكونون في الظلام، مما يدفعهم للقيام بأنشطة مختلفة في تلك الأوقات.
أسباب مرض النيكتوفيليا
تعتبر الأسباب الدقيقة وراء مرض النيكتوفيليا غير معروفة تمامًا، حيث لم يتمكن الباحثون بعد من تحديد العوامل الكامنة بشكل قاطع،ومع ذلك، يمكن تصنيف الأسباب إلى عدة عوامل محتملة، منها
قد يرتبط هذا الاضطراب بالحالات التي يشعر بها الشخص بالقلق أو الاكتئاب،كما أن بعض الأطباء يرون أن ارتباط نيكتوفيليا بالاستمتاع بالنوم في الظلام قد يندرج تحت تصنيف بعض أشكال الإدمان،ولكن يتفق معظم الخبراء على ضرورة فهم الأسباب المؤدية إلى هذه الحالة بدقة، لعلاجها بطرق فعّالة وتقديم الدعم المناسب.
علاج مرض النيكتوفيليا
الأساليب العلاجية المتناسبة مع مرض نيكتوفيليا ما زالت قيد البحث والدراسة، ولكن هناك بعض الخيارات المتاحة،يعتبر العلاج النفسي، بما في ذلك العلاج السلوكي المعرفي، من الاستراتيجيات الهامة المستخدمة لمساعدة المصابين في التغلب على أعراضهم،كما يمكن أن تتضمن العلاجات أدوية مضادة للاكتئاب، التي قد تخفف من الأعراض وتساعد المرضى في تحسين حالتهم.
يجب على الأطباء المختصين تقييم كل حالة بعناية لوضع خطة علاج تناسب احتياجات المريض، حيث يتيح العلاج الشامل تحسين جودة الحياة بشكل كبير.
أضرار الجلوس في الظلام
على الرغم من الفوائد المرتبطة بالجلوس في الظلام، هناك نتائج سلبية أيضاً،تشير الدراسات إلى أن البقاء لفترات طويلة في الظلام قد يؤدي إلى مشكلات بصرية مثل العشي الليلي، والذي يسبب صعوبة في الرؤية في الإضاءة الخافتة،كما يرتبط الجلوس بالمناطق المظلمة ب احتمالية الإصابة ببعض الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والباريدوليا، التي تسبب تفكك الإدراك في الواقع.
فوائد الجلوس في الظلام
على الجانب الآخر، تشير بعض الدراسات إلى فوائد معتدلة للجلوس في الظلام، بما في ذلك تحسين التركيز والابتكار،قد يؤدي تواجد الشخص في أجواء مظلمة إلى تحفيز التفكير و الإنتاجية في بعض المجالات،بالإضافة إلى ذلك، لوحظ أن الجلوس في الظلام يساعد في تنظيم مستويات هرمون الميلاتونين، مما يساهم في تحسين جودة النوم.
سبب تصنيف النيكتوفيليا كمرض نفسي
يعتبر تصنيف النيكتوفيليا ضمن الأمراض النفسية ناتج عن ارتباطه بحالات القلق والاكتئاب،إذ يعتبر اقبال الفرد على الظلام بديلاً عن النشاطات الاجتماعية العادية دليلاً على وجود خلل في التوازن النفسي، مما يستدعي معالجته،ونتيجة لذلك، من الأهمية بمكان تقديم الدعم للأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة، سواء عبر العلاج المهني أو الدعم النفسي المتواصل.
ختامًا، يعكس مرض النيكتوفيليا تأثيرات عميقة على حياة الأفراد الصحية والنفسية،من المهم أن نفهم جميع جوانب هذا الاضطراب لنعمل على دعم المصابين به،في الوقت نفسه، يتوجب على المجتمع تقديم الفرص والتوعية اللازمة، حتى نتمكن كأفراد من مساعدة الآخرين على التغلب على الصعوبات التي قد تواجههم في حياتهم اليومية.
0 تعليق