للمتابعة اضغط هنا

متخصصون مغاربة يوصون بحلول لانتشال الشباب من متاهات الهشاشة

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابعنا علي تليجرام

عادت ظاهرة الشباب المغربي الذين لا يعمل ولا يتلقى تعليمًا ولا تدريبًا بالمغرب (المعروفون علمياً بتسمية “NEET”) إلى واجهة النقاش المجتمعي، ليس من زاوية التشخيص المستفيض للظاهرة ومسبباتها وأبعادها، بل من حيث اقتراح “مسارات حلول عملية وممكنة”؛ وهو ما حاولت هسبريس استقاءه في حديثها لمختصين متابعيْن لديناميات الشباب المغربي.

وفي خضم النقاش الراهن الذي رافق “محاولات هجرة جماعية غير شرعية” نحو ثغر سبتة المحتل يرى خبراء ومتابعون لظاهرة “النيت” (NEET) أن تطوّرها، سواء من حيث التكاليف المالية المُثقِلة لكاهل الميزانية العمومية أو تمظهراتها الخطيرة ميدانياً في “أحداث الفنيدق” يوم 15 شتنبر، صار بمثابة “مساءلة” للضمير الجمعي الحيّ للمغاربة، بهدف العمل على “اقتراحات نحو مداخل للمعالجة”.

مِن المفيد التذكيرُ بأن نتائج دراسة علمية لباحثين مغاربة من جامعة ابن طفيل، كانت استغرقت ثلاث سنوات، خلصت بعد عمليات الاحتساب، المُطبَّقة على عام 2019 (لوحده بحكم توافر بيانات كاملة)، إلى أن “التكلفة الإجمالية للشباب غير الملتحقين بالتعليم أو العمل أو التكوين في المغرب قُدّرت بما يفوق 60 مليار درهم مغربي من حيث المالية العامة، وأكثر من 55 مليار درهم من حيث ‘تكلفة الفرصة البديلة/ الضائعة’ (Opportunity cost).

وفضلا عن الدراسات العلمية “القليلة جدا” في الموضوع فإن “شباب النِّييتْ” كانوا محط اهتمام تقريريْن رسميَيْن صادرين عن المندوبية السامية للتخطيط سنة 2022، ثم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، عبر أرقام مفزعة عن أعدادهم؛ فيما يرى الخبراء أن تقييم حضورهم الحقيقي يظل صعباً في غياب تحيين للبيانات.

وقالت المندوبية، حينها، إن “أكثر من شاب من بين أربعة، تتراوح أعمارهم ما بين 15 و24 سنة (25,2% أو 1,5 مليون)، على المستوى الوطني، لا يشتغلون، وليسوا بالمدرسة، ولا يتابعون أي تكوين (NEET)؛ وما يقارب 72,8% منهم نساء، 40,6% منهن متزوجات، و68,2% يتوفرن على شهادة”.

البداية من المدرسة

عبد الناصر ناجي، خبير تربوي رئيس “مؤسسة أماكن لجودة التربية والتعليم”، قال متفاعلاً مع سؤال مقترحات الحلول إن “الشباب الذين أسمّيهم ‘بدون عتاد’؛ أي بدون عمل ولا تكوين ولا دراسة، لم يَصِلوا إلى هذه الوضعية إلّا بسبب عجز المدرسة عن القيام بأدوارها؛ وعلى رأسها التعليم والتنشئة الاجتماعية السليمة”.

وتابع ناجي، متحدثا لجريدة هسبريس الإلكترونية، بأن “الحل في المدرسة التي ينبغي أن نُركز فيها على جودة التعلمات، من خلال تأهيل المدرس، ليس فقط في الجانب المعرفي ولكن أيضاً في جانب قدرته على تكوين شخصية الطفل المغربي على مجموعة من القيم”، مشددا على أن “من بينها الاعتزاز بوطنه والجدّ والجدية”.

في السياق ذاته لفت الخبير التربوي المهتم بدينامية شباب “NEET” الانتباه إلى “مراجعة المنهاج الدراسي من أجل التركيز على ما يُعِدّ ويحضّر فعلًا التلميذ للاندماج في المجتمع باعتباره فردا منتِجاً ومواطنا متصالحاً مع ذاته ومع أفراد مجتمعه”.

ناجي ألحّ على “استعجال وضع نظام للحكامة يربّي الطفل منذ الصغر على الانضباط للقواعد المتفق عليها وعلى المقاربة التشاركية مع أقرانه ومع باقي أفراد المجتمع المدرسي”، مسجلا “حتمية تربية الطفل على النزاهة والشفافية، ثم على تحمل المسؤولية، مع ما يترتب على ذلك من جزاء ومحاسبة”.

بالإضافة إلى ذلك تابع رئيس مؤسسة “أماكن لجودة التعليم” راسماً مسارات مقترحة للحلول، إذ قال: “ينبغي ربط الجامعة والتكوين المهني بسوق الشغل بشكل يمكّن من تقليص نسب البطالة، مع تقوية روح المبادرة لدى الشباب من أجل أن يكونوا قادرين هم أيضا على إحداث فرص الشغل”، وأجمل: “أخيرا ينبغي الاشتغال على إبراز القدوات الحسنة في المجتمع، خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي، مع حرص الدولة على تحفيز هذه القدوات عبر منحها جوائز تقديرية وتنظيم لقاءات لها مع التلامذة في المدارس”.

الإنسان قبل التراب

سجل الأخصائي في علم النفس الاجتماعي محسن بنزاكور، بأسف، “استمرار إشكالية التصنيف وغياب أسئلة سوسيولوجية محدَّدة عن نوعية هؤلاء الشباب وأصنافهم وبروفايلاتهم عن استمارات الإحصاء العام للسكان 2024″، مسطّراً أن “التشخيص الموفَّق يعطينا حلولا جيدة”.

وبالنسبة لبنزاكور، في تعليق قدمه لهسبريس، فإن “الهدر المدرسي مازال على رأس الإشكالات التي لم نحسم فيها بعد”، مثيرا أهمية “ملاءمة المنظومة التعليمية لطبيعة وحاجيات القرى؛ لأن غياب الملاءمة يفضي إلى نتائج عكسية غير محمودة العواقب…”، وزاد موصياً بأهمية “التكوينات المهنية المرافقة للشباب غير المستكمِل لدراسته في مناطق قروية مازالت تفرّخ الهشاشة الاجتماعية”.

واعتبر المتحدث ذاته أن “العمل على ذلك يتطلب السياسة الجهوية وليس المركزية التي تهتم وتثمّن الإنسان فوق التراب، ولا تقتصر على تنمية التراب فقط”، منتقداً “القراءات التي تتّهم دور الأسرة فقط في تفريخ شباب ‘النييت'”؛ كما أثار أهمية “تحديث الخطابات السياسية الخاصة بهذه الفئات الشابة/المراهقة، لمزيد من الإقناع والطمأنة بمشاريع يمكن للدولة تجاهُها أن تحقق طموحاتها/ أحلامَها التي أصبحت مرهونة في مخيالها بالهجرة والفردوس الأوروبي”.

بالانتقال إلى “مجال السياسة العمومية للشباب” نبه الخبير الاجتماعي إلى “وجود فراغ مهول في سياسات عمومية غير التقائية من حيث برامجها؛ مع قصور بيّن في إستراتيجيات وزارة الشباب وعدم استقرارها في قطاع حكومي بعينه”، متسائلا: “هل يستجيب التأهيل لحاجيات دُور الشباب بالعقلية الحالية التي تحكُمها نقطتان حاسمتان هما الهجرة والعمل (خصوصا بالنسبة للفئة العمرية 15–24 عاما)؟”.

واقترح بنزاكور مواكبة تطلعات شباب مغاربة مهتمين بمجال “الميديا” والتكنولوجيات الحديثة عبر إحداث مسالك وتكوينات خاصة في الأمن السيبراني وتقنيات المستقبل، “لأن ذلك يَقيهُم شر القوع في براثن شبكات الإرهاب أو الاتجار بالبشر أو شبكات ‘الهاكرز’ العابرة للحدود…”.

ودعا المتحدث في سياق تصوراته للحلول أن “يتم العمل من طرف مختلف وسائل الإعلام على برامج وتحقيقات واقعية تقتحم نقاشات وسائل التواصل الاجتماعي، وتحاول تكسير الصورة النمطية لعيش الرفاهية في أوروبا، ما يجعل الشباب متسلحين بتكوين فكر نقدي متزّن”، وفق تعبيره.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق