إن الدعاء يعتبر من أهم العبادات التي يرتبط بها المسلم مع ربه، إذ يشكل نافذة للرجاء والاستغفار،ومن الأدعية المعتادة التي تُتلى بعد الوضوء، دعاء “اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين”،هذا الدعاء يأتي في سياق التوبة والعودة إلى الله، وهو أمر مطلوب في حياة كل مسلم،إن التوبة ليست فقط للذنوب الكبيرة، بل هي أيضاً استغفار عن الهفوات الصغيرة، مما يجعل هذا الدعاء ذا مغزى كبير في حياة الفرد،وفي هذا المقال، سنستعرض أهمية هذا الدعاء وتفسيره، وكذلك السياقات التي يُقال فيها.

اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين

قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) “ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ الوضوء أو فيسبغ الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبد الله ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء” رواه الإمام مسلم.

وقد أضاف الترمذي “اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين”،هذا الدعاء يعتبر جزءًا من السلوك الإسلامي الصحيح ويُقال بعد الوضوء كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم،وفقًا لابن القيم، توبة بعد الوضوء تعني “اجعلني من التوابين”، بينما هناك توبة أخرى بعد أداء العبادات مثل الحج والصلاة،وكلما زادت العبادات، احتاج المسلم إلى مزيد من الاستغفار.

شرح حديث “ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ الوضوء…إلخ”

هذا الحديث يشير إلى أهمية الوضوء، حيث إن إتمام الوضوء بالشكل الصحيح يؤهل المسلم لتلاوة الشهادتين،فعندما يقول المسلم “أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله” فهو يعزز إيمانه ويؤكد على وحدانية الله ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم،وحدة الإيمان تأتي من إدراك العبودية الحقيقية لله، الذي لا شريك له،أما بالنسبة لدعاء “اللهم اجعلني من التوابين”، فهو دعوة لتطهير النفس من الذنوب، بينما عبارة “والمتطهرين” تعني تطهير الجسد من الآثام والأخطاء.

• تفتح أبواب الجنة تعني أن المسلم سيكون له الاختيار في دخول الجنة من أي باب يشاء، مما يدل على فضل الله ورحمته.
• التوبة تساعد في طهارة الباطن والظاهر، فالتوبة تعني ندمًا على ما فات وعزمًا على عدم العودة للذنب.

أدعية تقال قبل الوضوء

• ثَبَتَ عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) أنه لا توجد أدعية تُقال قبل الوضوء، ولكن الصحيح هو قول “بسم الله”.
• وقد ورد في حديث النبي (صلى الله عليه وسلم) “لا وضوء لمن لا يذكر اسم الله عليه”.
• كما جاء عن أنس رضي الله عنه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) وضع يده في إناء الماء وقال “توضؤوا باسم الله”، وقد غمر الماء بين أصابعه، وتوضأ منه نحو سبعين رجلاً.

هل توجد أدعية تقال أثناء الوضوء

لم يُثَبَت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول شيئًا أثناء غسل أعضاء الوضوء،بل الغالب أن الأدعية تُقال قبل الوضوء أو بعده فقط، وأي أدعية تُقال أثناء الوضوء تُعتبر بدعة ولا يجوز فعلها.

لم يُذكر عن النبي أنه دعا أثناء وضوئه بعبارات مثل “اللهم بيض وجهي يوم تسود الوجوه” أو “اللهم أعطني كتابي بيميني”، لذا يجب تجنب هذه العبارات لتفادي اعتبارها بدعًا.

أدعية أخرى تقال بعد الانتهاء من الوضوء

ومن الأدعية المأثورة بعد الانتهاء من الوضوء، دعاء أبي سعيد الخدري الذي يقول “سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك”،هذا الدعاء يعكس الاعتراف بالعبودية والندم على الأخطاء.

وقد رواه الإمام النسائي في “عمل اليوم والليلة” والحاكم في المستدرك، مع اختلاف الرواة في مصادره، لكن ابن حجر أشار إلى صحة السند، مؤكداً أهمية هذا الدعاء في سبيل الاستغفار والتوبة.

إن التوبة والاستغفار هما جزءان لا يتجزأ من حياة المسلم، وهما يضمنان له القرب من الله ورحمته،فالتأكيد على الدعاء “اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين” بعد كل وضوء يعكس التوجه الروحي الذي يسعى إليه الأفراد في حياتهم اليومية،إن هذه العبارات ليست مجرد كلمات، بل هي تعبير عن الحاجة إلى المغفرة، وطريقة للتذكير باستمرارية العبادة والطاعة في كل وقت وحين.