للمتابعة اضغط هنا

دراسة بضواحي جرادة تكشف السياق البيئي لشمال إفريقيا قبل 2.5 مليون سنة

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابعنا علي تليجرام

كشفت دراسة نشرت الجمعة في مجلة “Nature Communications”، لأول مرة، عن السياق البيئي لمنطقة جرادة، شرق المغرب، خلال فترة الانتقال بين العصرين البليوسيني والبليستوسيني.

وأبرزت الدراسة أن المشهد الطبيعي بهذه المنطقة كانت تهيمن عليه بيئة جافة مع وجود مواطن متنوعة، مشيرة إلى أن هذه التنوعات في البيئات والموارد قد ساعدت الثدييات، بما في ذلك أسلاف البشر، على الاستيطان في هذا المحيط.

وللوصول إلى هذه النتائج، أجريت أبحاث أثرية-باليوأنتولوجية بقيادة فريق متعدد التخصصات في موقع “كفايت-4” بضواحي إقليم جرادة، مكّنت من إعادة بناء السياق البيئي لشمال إفريقيا قبل 2.5 مليون سنة.

ومن خلال تحاليل متعددة، تم التأكيد على أن هذه المنطقة كانت تتمتع بتنوع بيئي يسيطر عليه سياق بيئي جاف مع وجود مناطق غابوية، مناطق رطبة ومساحات مفتوحة، وهي المعطيات البيئية القديمة التي تعتبر أساسية لفهم تطور البشر القدماء في شمال إفريقيا وقدرتهم على التكيف مع البيئات المتغيرة والمفتوحة بشكل متزايد خلال تلك الحقبة.

ووفقًا لإيفان راميريز-بيدرازا، المؤلف الرئيسي للدراسة، فإن هذه النتائج “توفر الإطار البيئي الأول المعروف لشمال إفريقيا، حيث كانت البيانات الموثوقة بشأن هذه المنطقة منعدمة حتى الآن، على عكس أجزاء أخرى من القارة مثل شرق وجنوب إفريقيا”.

وحسب معدّي الدراسة، فقد تم الحصول على هذه البيانات بفضل تقنيات تحليلية مختلفة، من بينها تحليل النظائر المستقرة وتحليل التآكل السِّني لبقايا الحيوانات الكبيرة الفقارية التي تم استردادها من موقع “كفايت-4”.

ويوفر التحليل النظائري لمينا الأسنان معلومات تتعلق بنوع الطعام المستهلك ودرجة حرارة المياه المستهلكة. فيما تم إجراء تحليل لتآكل الأسنان المجهري الذي يتضمن تحديد علامات مثل الخدوش والحفر التي تتشكل على سطح السن أثناء تناول الطعام.

إضافة إلى هذه التحاليل، تم إجراء تحليلات للنظائر المستقرة للكربون من شمع النبات، وتحليلات للفقاريات الصغيرة، وحبوب اللقاح، والقشريات الصغيرة والطحالب.

التنوع البيئي ساعد في توسع البشر القدماء

خلال فترة الانتقال بين العصرين البليوسيني والبليستوسيني، بدأت العصور الجليدية في النصف الشمالي من الكرة الأرضية وكذلك الاتجاه العالمي نحو الجفاف. وتُظهر هذه الدراسة أن الجفاف كان موجودًا محليًا أيضًا ولكنه كان جزءًا من نظام بيئي متنوع للغاية.

ويُعتقد أن هذه البيئة الموزايكية الإقليمية، مع وجود فترات عدة من “الصحراء الخضراء” خلال فترة الانتقال البليوسيني-البليستوسيني، قد ساعدت في انتشار مجتمعات الثدييات (بما في ذلك أسلاف البشر) من وسط أو شرق إفريقيا إلى شمال إفريقيا، حيث استوطنت في أنظمة بيئية توفر موارد مشابهة لمواطنها الأصلية.

في هذا السياق، تعتبر البيانات المستخلصة من التحليل متعدد المصادر أساسية لتحديد تعقيد الظروف البيئية التي عاش فيها البشر القدماء في شمال إفريقيا خلال تلك الحقبة.

تجدر الإشارة إلى أن الأدلة التي تؤكد وجود البشر الأوائل في شمال إفريقيا إلى الفترة الانتقالية بين العصرين البليوسيني والبليستوسيني (حوالي 2.4 مليون سنة مضت) توجد في موقع “عين بوشريط” في الجزائر.

لذلك، فحسب معدّي الدراسة، فإن السياق البيئي لهذه المجموعة الأولى يعد عنصرًا حاسمًا لفهم انتشار أسلافنا وثدييات أخرى في هذه المناطق.

وتقول الدكتورة م. خييما شاكون، باحثة في “IPHES-CERCA” مديرة مشاركة للمشروع، مع الدكتور روبرت سالا راموس، أستاذ في “URV”، والدكتور حسن أوراغ، أستاذ بكلية العلوم بجامعة محمد الأول بوجدة، إنه “بالنظر إلى قرب موقع كفايت من عين بوشريط، فإن فهم البيئة في إقليم واسع مثل هذا قد يوفر أدلة على بعض الموارد البيئية التي ربما كانت متاحة لهؤلاء البشر الأوائل”.

ويضيف أوراغ، المدير المشارك لهذا المشروع: “بناءً على هذه البيانات البيئية القديمة، التي تؤكد أن المغرب كان نقطة تلاقٍ للأنواع الحيوانية من أصول مختلفة، فإن وجود الإنسان القديم في تلك الفترات في مناطق المغرب ليس مستبعدًا”.

مشروع دولي منذ 2006

منذ عام 2006، يخضع حوض “عين بني مطهر-كفايت” لمشروع بحثي مشترك بقيادة الدكتور حسن أوراغ من كلية العلوم في جامعة محمد الأول بوجدة (المغرب)، والدكتور روبرت سالا راموس، والدكتورة م. خيما شاكون من معهد كتالونيا لعلم البيئة البشرية والتطور الاجتماعي (IPHES-CERCA) في تاراغونا، وهو مشروع يهدف بشكل أساسي إلى دراسة أصول استيطان البشر في شمال إفريقيا.

وعرفت هذه الدراسة المنشورة بمجلة “Nature Communications”، والحاصلة على منحة “FI Agaur” بقيادة إيفان راميريز-بيدرازا، باحث في “IPHES-CERCA” (معهد كتالونيا لعلم البيئة البشرية والتطور الاجتماعي) مشاركة باحثين من جامعة روفيرا إي فيرجيلي (URV)، جامعة محمد الأول بوجدة، كلية العلوم بوجدة، المتحف الجامعي بوجدة، المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث (INSAP، المغرب)، معهد ماكس بلانك لعلم الإنسان الجيولوجي (يينا، ألمانيا)، جامعة برشلونة المستقلة (UAB)، جامعة براينت (الولايات المتحدة)، المجلس الوطني الإسباني للبحوث (CSIC-Junta de Extremadura)، جامعة آيسلندا، المتحف الوطني للعلوم الطبيعية (MNCN)، جامعة الفلبين، المركز الوطني للبحث في التطور البشري (CENIEH)، والتاريخ الطبيعي للإنسان ما قبل التاريخ (MNHN/CNRS/UPVD).

يشار إلى أن هذا المشروع البحثي في المغرب يحظى بتعاون عمالة جرادة، والسلطات المحلية في “عين بني مطهر” و”كفايت”، وجامعة محمد الأول بوجدة (كلية العلوم)، ووزارة الشباب والثقافة والتواصل في المملكة المغربية، والمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث (INSAP)، وبتمويل من قبل الوكالة الوطنية للبحث العلمي التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وبرنامج “CERCA” التابع لحكومة كتالونيا، ووزارة الشباب والثقافة والرياضة، وبرنامج (María de Maeztu CEX2019-000945-M)، وبدعم من مجموعات البحث (SGR) من حكومة كتالونيا، فضلا عن جهات أخرى.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق