خالد ميري يكتب: من غزة إلى سوريا

الوطن 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

فى الوقت الذى كثفت فيه مصر جهودها لوقف إطلاق النار فى غزة، وبدا، أخيراً، فى الأفق ضوء ساطع بأن الحرب الصهيونية ستتوقف وسيتم تبادل الأسرى، فى هذا الوقت اشتعلت سوريا بنيران حرب الميليشيات المتطرفة، وبدأت سيناريوهات تقسيم الدولة العريقة تلوح فى الأفق.

أخيراً، بدأ أهل غزة يتنفسون الصعداء فى انتظار اتفاق حقيقى لوقف حرب الإبادة الإسرائيلية وتبادل الأسرى، اتفقت الفصائل الفلسطينية فى القاهرة، وعلى رأسها «فتح» و«حماس»، على لجان إدارة غزة بعد توقف الحرب.. «حماس» أبدت مرونة غير مسبوقة بعد شهور طويلة من الحرب المجنونة وسقوط عشرات الآلاف من القتلى والمصابين، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وإسرائيل تظهر إرادة حقيقية لاتفاق وقف إطلاق للنار على غرار ما حدث فى لبنان، «نتنياهو» يريد الهروب من سلسلة محاكماته فى قضايا الفساد إلى اتفاق لوقف إطلاق النار ينشغل فيه الداخل الإسرائيلى بمراحل وقف القتال وتبادل الأسرى، إدارة «ترامب» الجديدة اتفقت مع إدارة «بايدن» على ضرورة وقف إطلاق النار قبل تسلُّم «ترامب» للسلطة، هذه المرة الاتفاق أقرب للحقيقة من أى وقت مضى.

فى هذا التوقيت الذى توقفت فيه حرب لبنان، وعلى نفس الخطوات تسير حرب غزة، اشتعلت الحرب فى سوريا، قال «نتنياهو» إن «الأسد» سيدفع الثمن، وكأنّها كانت كلمة السر.. تحركت فصائل الإرهاب المدعومة إقليمياً ودولياً إلى حلب ومنها إلى حماة لتصل الحرب إلى أطراف حمص.. هيئة تحرير الشام والجيش الوطنى الحر يخوضان حرباً حقيقية ضد الجيش السورى، بينما حركة قسد الكردية، المدعومة أمريكياً، تعزز مواقعها وتستولى على مزيد من الأراضى، هناك خطورة حقيقية الآن على أبواب معركة حمص، المدينة الأهم بين لبنان وسوريا، بعد أن ظهر أن حلب، العاصمة الاقتصادية لسوريا، وقعت فى يد جماعات الإرهاب المدعومة إقليمياً ودولياً والمتحركة بتنسيق صهيونى لا يغيب عن العيون.

الأوضاع فى سوريا أزمة حقيقية؛ فـ«الأسد» لا يجد دعماً كافياً لمواجهة الفصائل الإرهابية المسلحة، وروسيا، على غير العادة، تتريث وتشارك بالقطارة فى الهجمات الجوية على الفصائل، وإيران ما زالت تعيش تحت وقع الضربات القوية لأجنحتها العسكرية وغير قادرة على مساندة حقيقية لـ«الأسد»، وحزب الله، الذى كان فاعلاً مع سوريا من قبل، ما زال يلملم جراحه العميقة، الجيش السورى يواجه منفرداً قوات مسلحة لفصائل إرهابية تمتلك أحدث الأسلحة، وإمدادات مفتوحة، ومحاربين من دول متعددة، على الأرض تدور المعارك ساخنة، وداخل الغرف المغلقة يبدو أن هناك اتفاقاً ما، اتفاقاً سينتهى بسوريا، البلد العريق، مقسماً أكثر مما هو، وممزقاً أكثر مما هو، ومئات الآلاف بدأوا النزوح من أماكن القتال فى انتظار هدوء قد لا يعود.

العراق الشقيق، الذى نجا بحكمة إدارته بقيادة رئيس الوزراء شياع السودانى، من آثار حرب لبنان وغزة يجد الحرب الآن على أبوابه، والخطر يمكن أن يطاله.. لكن الموقف ما زال محدداً بإغلاق الحدود وتأمينها وعدم الانخراط فى الحرب، فلا الجيش ولا الفصائل المسلحة ستشارك، لكن نيران حرب سوريا تهدد البلد الشقيق أكثر من أى بلد آخر.

السؤال.. إلى متى تستمر حروب الشرق الأوسط؟.. ما يحدث فى سوريا ليس بعيداً عن امتداد المواجهة بين إسرائيل وإيران وأذرعها المسلحة، مواجهة يدفع ثمنها الأبرياء فى سوريا كما حدث فى لبنان وغزة، مواجهة تهدد العراق.. لكنها ليست مواجهة مفتوحة وليست بعيدة عن الترتيبات التى تدور فى الغرف المغلقة وخلف الأسوار، المنطقة فوق بركان يغلى، وألسنة اللهب تعاود الارتفاع كلما تم إخمادها، تتحرك من مدينة إلى أخرى، ومن دولة إلى أخرى فى انتظار وصول «ترامب» للحكم.

الأمل ما زال موجوداً، ووقف حرب الإبادة فى غزة سيمتد حتماً إلى سوريا بتسوية عسكرية أو سياسية، لعن الله الحروب، ولعن من أشعلها.

•• الجيش الوطنى:

ما حدث فى غزة ولبنان وما يحدث الآن فى سوريا وقبلهم السودان وليبيا واليمن، يؤكد بصيرة ورؤية الدولة المصرية وقيادتها؛ الحل الحقيقى لأزمات المنطقة هو وجود جيوش وطنية قوية حقيقية لا أحد ينازعها القوة والسيادة، فأينما ظهرت الميليشيات ظهرت الحروب وتمددت.. أينما وجدت الفصائل المسلحة توجد معها التدخلات الخارجية والإقليمية واللعب بمصائر الشعوب والدول، عندما يوجد جيش وطنى يمتلك أسباب القوة وكلمتها تخمد نيران الفتنة وأسبابها.

هو الحل الحقيقى لأزمات الشرق الأوسط وأفريقيا، ومن يرد السلام عليه دعم الجيوش الوطنية والدول الوطنية ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.

فى مصر نحمد الله على نعمة وجود دولة وطنية قوية راسخة، وجيش وطنى ولاؤه لشعبه وتراب وطنه، فى هذا الزمان هذا مفتاح القوة، ومن يمتلكه فليعض عليه بالنواجذ.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق