عشت هذا النظام والحمد لله في مدارسنا منذ الابتدائي حتى الإعدادي فالثانوي، وهو تقليد جميل يضفي علينا السلوك السوي في احترام النظام والقانون والمشاركة الجماعية في الثقافة التي أساسها طبعاً تلاوة القرآن الكريم، والاستشهاد بأقوال الحكماء والأمثال والشعر، إضافة إلى احترام الطابور لكي نلتزم بهذا النظام حتى في حياتنا العملية، وكان حرص المربين وقتها على تعويدنا عندما ننتظر الباص الذي ينقلنا من بيوتنا إلى المدرسة الإعدادية والثانوية في صفوف هي لتعويدنا على احترام الطابور والانتظار لحين دورنا في كثير من مناحي الحياة التي نمر بها، فما أجمل النظام وأخذ الكل دوره دون التعدي على الآخرين، كما أن تلاوة القرآن الكريم تكريس للقيم السماوية الرفيعة في نفوسنا وتعودينا على احترام اللغة العربية التي نزل بها القرآن الكريم العظيم واحترام لغتنا والاعتزاز بها..
كما أن طابور الصباح فيه الكثير من القيم والعادات والتقاليد التي على الطلبة تقديرها واحترامها وأخذه كقدوة في حياتنا العملية.
أتذكر أنه في مدرسة البديع الابتدائية للبنين كان احترام طابور الصباح يعلمنا أن تحضر للمدرسة مبكراً وأن يكون المشرف على تطبيق هذا النظام المربي الفاضل يرحمه الله الأستاذ يعقوب عيسى بوحجي سكرتير المدرسة وبعدها مدير المدرسة وكان مثواه الجنة ورضوان النعيم يعرف الطلبة شخصياً رغم أن المدرسة كانت تضم العديد من أبناء قرى شارع البديع، لكنه عاش هذه المدرسة منذ بدايتها فيعرف ليس فقط الأبناء ولكنه كان على صلة وثيقة بأولياء الأمور.
ما أحوجنا اليوم للاقتداء بمثل هذه المدارس والالتزام بطابور الصباح الذي يعلمنا الكثير ومنها بالطبع ثقافة المجتمع والقيم الدينية والأخلاقية والعملية التي علينا الالتزام بها واحترامها وبالأساس احترام بعضنا بعضاً وإبراز المواهب والقدرات لدى الطلبة، فمجتمع المدرسة هو بداية الطريق لمجتمعاتنا في وطننا الواحد، وإحترام بعضنا بعضاً يكرس القيم الإنسانية فيما بيننا ويحثنا على التمسك بها وأخذ مدرسينا كقدوة لنا في فهمنا للمجتمع وقيمه، كما أن طابور الصباح يعلمنا على بعضنا بعضاً ونعرف المراحل الدراسية التي هم عليها، كما أن المواهب تظهر من البداية من خلال طابور الصباح كما كان للإذاعة المدرسية أيامها خصوصاً في الفسحة الأثر في صقل مواهب الطلبة في الإلقاء والتعبير الصحيح.
قد تكون بعض المدارس في بلادنا تلتزم بهذا النظام غير أننا كأصحاب تجارب سابقة نؤكد على أهمية طابور الصباح والذي يقودنا بالضرورة إلى مجتمع المدرسة الذي هو نواة للمجتمع بكل ما فيه من قدرات ومواهب ومستقبل واعد لخير الوطن والمواطنين..
كان الجميع يحرص على طابور الصباح في مدارسنا الابتدائية والإعدادية أما الثانوية فقد إلتزم البعض به، بينما نظر الآخرون أن الطلبة قد تعلموا النظام بما فيه الكفاية غير أن الأسلوب الآخر في الثانوية كان الحرص على أن يكون الطلبة مشاركين في مقصف المدرسة بوضع بعض النقود للتأسيس ويعود عليهم في نهاية العام بالأرباح أو أن يتعود الطلبة على البيع وكان من يتصدى لهذا الصنيع مشهوراً بين الطلبة والكل يناديه باسمه لكي يستلم منه فطور الصباح وكان في وقتها بسيطاً فالوقت المخصص للفسحة قصير والكل يحاول أن يتناول هذه الوجبة، وفي ذلك أيضاً تعويد الطلبة على البيع وعلى الطلبة الآخرين الإلتزام بدورهم في الحصول على بغيتهم.
تظل هذه القيم رغم بساطتها تعلم الطلبة احترام الثقافة وإحترام النظام والتعاون لما فيه الخير للجميع، بالإضافة إلى الجمعيات الطلابية المتعددة والتي يساهم فيها الطلبة بإشراف المعلمين. فما أحوجنا إلى النظام وما أحوجنا للتعاون مع بعضنا بعضاً وما أحوجنا لأن نكون على قلب رجل واحد، تتلاشى الفروقات بأنواعها ويظل الوطن وإحترام بعضنا بعضاً من القيم التي نغرسها في نفوس الناشئة لكي يعيش المجتمع في وئام ومحبة وتعاون بإذن الله.
وعلى الخير والمحبة نلتقي
0 تعليق