لا يختلف حال حقل التيم النفطي في سوريا عن حال باقي الحقول التي تعرضت لهجمات شرسة من جانب الجماعات المسلحة التي حاولت السيطرة على مقاليد السلطة في الدولة بعد عام 2011.
وبحسب بيانات إنتاج النفط والغاز العالمية لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإن إنتاج الحقل في مرحلة ما قبل الأحداث السياسية والعسكرية في سوريا كان يمثّل أكثر من 11% من إنتاج البلاد الإجمالي من النفط الخام.
وبفضل احتياطياته الكبيرة، اعتمدت الحكومة السورية على حقل التيم النفطي لسنوات طويلة قبل عام 2011، إذ إن مدة التسعينيات من القرن الماضي شهدت ازدهارًا كبيرًا لإنتاج الحقل، دفع الدولة إلى تطويره بشكل دائم، للحصول على مردودات اقتصادية مجدية من ورائه.
وتعطَّل الإنتاج في الحقل في سنوات ما بعد 2011، التي شهدت صراعًا سياسيًا بين الدولة ومعارضيها، تحوَّل في مرحلة لاحقة إلى صراع عسكري، مع دخول جماعات مسلّحة مثل الجيش الحر وداعش على خط الأزمة.
وللاطّلاع على الملف الخاص بحقول النفط والغاز العربية لدى منصة الطاقة المتخصصة، يمكنكم المتابعة عبر الضغط (هنا)؛ إذ يتضمّن معلومات وبيانات حصرية تغطي قطاعات الاستكشاف والإنتاج والاحتياطيات.
معلومات عن حقل التيم النفطي
يعدّ حقل التيم النفطي البري السوري واحدًا من أهم الحقول التي تديرها شركة النفط السورية، وقد اكتُشِفَ للمرة الأولى في عام 1974، وسرعان ما بدأت عمليات تطويره لاستغلاله تجاريًا من جانب الدولة.
ويقع الحقل النفطي في محافظة دير الزور، التي تضم عددًا من الحقول المهمة والإستراتيجية بالنسبة إلى البلاد، مثل حقول العمر والتنك والسويدية، بالإضافة إلى احتوائها على كميات ضخمة من احتياطيات سوريا من النفط الخام.
وعلى مدى السنوات الـ13 الماضية، واجه حقل التيم النفطي كثيرًا من الأحداث السياسية والعسكرية، إذ سيطرت عليه قوات الجيش السوري الحر في عام 2012، وذلك بعد معارك ضارية مع القوات المسلحة السورية، التي فقدت السيطرة عليه.
وبحلول عام 2014، اضطر الجيش السوري الحر إلى التخلّي عن سيطرته على الحقل النفطي، وذلك بعد معارك خاضها مع تنظيم "داعش"، الذي استهدف السيطرة على كل حقول النفط والغاز في سوريا، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وبعد 3 سنوات، اضطر تنظيم داعش إلى التخلّي عن حقول النفط والغاز في سوريا، ومن بينها حقل التيم النفطي، بعد هجوم قوي بدأته قوات سوريا الديمقراطية "قسد" المدعومة من التحالف الدولي الموجود في البلاد، ليعلن "قسد" في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 تحرير المناطق التي يسيطر عليها التنظيم بالكامل.
وبعد هذه المعارك الضارية، عاد الحقل إلى سيطرة وزارة النفط السورية التي بدأت أعمال التطوير وإزالة آثار العدوان عنه، من خلال إصلاح البنى التحتية في الحقل، والتي كان أبرزها إصلاح خطوط الأنابيب وشبكة الصرف في عام 2019.
إلّا أن حقل التيم لم يسلم من الاستهدافات الإرهابية، إذ شهد في 30 ديسمبر/كانون الأول 2022 هجومًا إرهابيًا استهدف سيارة تقل عددًا من العاملين فيه، أسفر عن مقتل 10 أشخاص وإصابة 2 آخرين، ما دعا الحكومة إلى تشديد إجراءاتها الأمنية حول الحقل.
احتياطيات حقل التيم
حتى الآن لا توجد إحصاءات رسمية بشأن احتياطيات حقل التيم النفطي الواقع في محافظة دير الزور السورية، إلّا أن هناك تقديرات غير رسمية متباينة، تشير إلى أن الاحتياطيات تتراوح بين 92 و109 ملايين برميل من النفط الخام.
وكان الحقل قد تمكّن من استعادة 93.64% من إجمالي احتياطياته القابلة للاستخراج، بينما بلغ إنتاجه ذروته في عام 1990، وفق ما جاء في تقرير نشرته منصة "أوفشور تكنولوجي" (Offshore Technology).
وحسب التقديرات نفسها بشأن حقل التيم النفطي، فإنه من المتوقع أن يتواصل إنتاجه حتى يصل إلى حدّه الاقتصادي، في عام 2033، وفق بيانات إنتاج النفط والخام السورية المتاحة لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
إنتاج النفط في سوريا
يشار إلى أن حجم الإنتاج الإجمالي من النفط الخام في سوريا كان قد تراجع إلى أقل من 0.05% على مدى السنوات الماضية، لا سيما مع تدمير البنية التحتية لكثير من الحقول النفطية المنتجة في البلاد، وعزوف الشركات العالمية عن العمل داخلها.
وسبق أن أشار وزير النفط السوري في الحكومة المستقيلة مؤخرًا، الدكتور فراس قدور -في حوار أجراه معه مدير تحرير منصة الطاقة المتخصصة عبدالرحمن صلاح- إلى أن الإنتاج انخفض من 385 ألف برميل يوميًا قبل عام 2011، إلى 15 ألف برميل يوميًا فقط بحلول نهاية العام الماضي 2023.
ولفت الوزير، خلال الحوار الذي جرى على هامش اجتماعات مؤتمر الطاقة العربي الثاني عشر في العاصمة القطرية الدوحة، في ديسمبر/كانون الثاني 2023، إلى أن الشركات العالمية تبتعد عن العمل في سوريا، في توقيت تحرص فيه المنظمات الدولية على حرمان دمشق من أيّ تمويل.
ويقع حقل التيم النفطي تحت سيطرة وإدارة شركة النفط السورية، وهي شركة متخصصة في استكشاف وإنتاج وتطوير ونقل النفط والغاز، وتقدّم خدماتها من خلال الدراسات الجيولوجية والمسوحات الزلزالية والحفر الاستكشافي والمسح الجيوفيزيائي.
بالإضافة إلى ذلك، تعمل الشركة على اكتشاف وتطوير الاحتياطيات الجيولوجية من النفط والغاز، وتُجري أعمال الاستكشاف والإنتاج لصالح شركات نفطية أخرى، وتعمل في المنطقة الشرقية والمنطقة الوسطى ومنطقة أبو رباح في سوريا، بينما يقع مقرّها الرئيس في العاصمة دمشق.
نرشح لكم..
0 تعليق