"مقاضاة الدولة" تقسم صف الفعاليات المدافعة عن ضحايا السيول في طاطا

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بعد شهر كامل على الفيضانات التي مسّت إقليم طاطا أقدمت تنظيمات مدنية وحقوقية على رفع دعوى قضائية ضد الدولة المغربية لدى المحكمة الإدارية بالرباط، مع تكليف مجموعة من المحامين بالترافع عن الملف، ينوب عنهم محمد الحبيب بنشيخ، المحامي المقبول للترافع لدى محكمة النقض.

وبحسب الوثائق التي طالعتها هسبريس فإن “الجمعية المغربية لحقوق الإنسان” و”منتدى إفوس للديمقراطية وحقوق الإنسان” تقدّما بهذه الدعوى (تبرأ الأخير من ذلك في ما بعد)، ويلتمسانِ من خلالها “الحكم ضد رئيس الحكومة بإصدار قرار باعتبار منطقة طاطا عانت من كارثة طبيعية، وأنها منطقة منكوبة، حتى يتسنى للمتضررين الاستفادة من خدمات نظام التغطية ضد عواقب الوقائع الكارثية”.

واستعرضت الدعوى ذاتها مجموعة من المعطيات بخصوص المناطق الواقعة في نفوذ إقليم طاطا، التي عرفت خسائر في البنية التحتية بفعل الفيضانات الأخيرة، متمثلة في انهيار مبان سكنية، وتهالكٍ في الشبكة الطرقية وخسائر في الممتلكات وشبكة الماء الصالح للشرب.

كما تأتي هذه الدعوى بعد قرابة شهر على البرنامج الحكومي الذي يخص إعادة تأهيل المناطق المتضررة من الفيضانات، والمنتمية إلى أزيد من 10 أقاليم، إذ إن المؤسسة التنفيذية خصّصت وقتها 2,5 ملايير درهم للاستجابة لحجم الخسائر، في وقت تشبثت الفعاليات المدنية بإقليم طاطا بضرورة “إعلان الإقليم منكوبا من أجل استفادة المواطنين من أموال الصندوق الخاص بالتضامن ضد الكوارث الطبيعية”، مؤكدة أن “الميزانية غير كافية”.

خيار إستراتيجي

رشيد البلغيتي، منسق “لجنة نداء طاطا”، أكد بدايةً أنه “تم التفكير منذ ميلاد هذه اللجنة في أساليب ترافعية أكثر عمقا، إذ عادة ما لا يتم الانتباه للمناطق في فترة ما بعد الكارثة بما فيه الكفاية؛ فقد ثبت انطلاقا من تجارب الحوز والجنوب الشرقي أن أجوبة الدولة تظل قاصرة في هذا الصدد”، مشيرا إلى أنه “تم تبني أسلوب التقاضي الإستراتيجي الذي يخص التقاضي لصالح فئة ضحايا فيضانات طاطا الأخيرة”.

وأضاف البلغيتي، في تصريح لهسبريس، أن “رفع هذه الدعوى ضد الدولة المغربية، ممثلة في رئيس الحكومة، الغرض منه هو إعلان أن إقليم طاطا تعرض لواقعة كارثية بموجب القانون 110.14، بما سيعني أن الضحايا لهم الحق في التعويض من خلال صندوق التعويض عن الكوارث الطبيعية”، مشددا على أن “الكوارث اليوم صار يتم التعامل بها من خلال برامج حكومية عادة ما تكون قاصرة، وهو ما يتضح من خلال الميزانية التي تم الكشف عنه مؤخرا، والمتمثلة في 2,5 ملايير درهم”.

وكشفت المتحدث ذاته أن “السلطات الإقليمية بطاطا تعمّدت إقصاء أغلب الضحايا، والدليل على ذلك أن الكثير منهم صاروا اليوم يعمدون إلى طرق أبوابها بأنفسهم؛ فهناك توجهٌ صوب عدم الاعتراف بالخسائر التي مسّت هؤلاء”، متابعا: “أمام هذه المعطيات وجدنا أن القضاء من الممكن أن ينصف أناسا لم ينصَفوا إلى اليوم على مستوى الإقليم، مع التذكير بأن ‘نداء طاطا’ لوحده حصد أزيد من 400 توقيع، ما بين جمعيات وطنية ومحلية وكذا أحزابٍ وفاعلين مستقلين”.

وجوابا منه بخصوص تطلعاتهم في هذا الصدد ذكر منسق “لجنة نداء طاطا” أن “القضاء إذا انتصر لنا في هذا الملف فإنه ينتصر للمغاربة ويفتح أملا كبيرا وديمقراطيا، ويجعل المغاربة يحسون بوجود أمن قضائي وبوجود سلطة قضائية يمكن الاحتكام إليها”.

انتقاد للتسرع

ما إن انتشر خبر الإقدام على التقدم بدعوى قضائية ضد الدولة المغربية لفائدة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان كجمعية وطنية ومنتدى إفوس كجمعية محلية حتى خرج هذا الأخير، أي المنتدى، ببلاغ توضيحي أكد خلاله أنه “لم ينتدب ولم يفوض أي شخص أو لجنة كانت أو أي هيئة أن تنوب عنه أو تتحدث باسمه”، مشيرا في السياق نفسه إلى “استعداده لمراسلة المحكمة الإدارية بالرباط بهذا الخصوص”.

وتواصلت هسبريس مع مبارك أوتشرافت، رئيس المنتدى، الذي كشف أن “هناك محاولة من طرف بعض الأطراف لاستغلال المنتدى في صراع سياسي ضد السلطات الإقليمية”، متابعا: “نحن بعيدون كل البعد عن مثل هذا الإجراء، ومكتب الجمعية يرى أنه يصعب الانخراط في مثل هذا الموضوع في غياب انتدابات من الضحايا والمتضررين، إذ مازلنا في مرحلة التشاور مع الضحايا”.

كما اعتبر المتحدث أن “هناك سرعة في اعتماد هذه الخطوة”، وزاد: “هناك توجه من أجل إقحامنا في صدام مع السلطة الإقليمية، موازاة مع الرهان الذي كان لدى لجنة نداء طاطا على ضرورة وجود جمعية محلية وأخرى وطنية؛ فالأساس في هذا الإطار أننا كمنتدى كنا طالبنا بفتح تحقيق في الحادثة على أساسا مساعدة المتضررين في ما بعد”، مؤكدا أن اللجنة سالفة الذكر “زاغت عن أهدافها وقد اتضح لنا وجود نوع من التسييس وعدم التشاور مع مكوناتها، على أن نقوم بالبت في عضويتنا ضمنها”، حسب تعبيره.

توضيح إضافي

عادت الجريدة إلى منسق “لجنة نداء طاطا”، رشيد البلغيتي، الذي كشف أن “منتدى إفوس” عبّر عن استعداده للانخراط في هذه الدينامية والانضمام لفعل مسطري دقيق، وذلك بعدما سلّم الوثائق لمحمد بنشيخ، المحامي بهيئة الرباط، مُلمّحا إلى أن “المنتدى صار يعمل بشكل يومي على زعزعة إرادة كل من يريد الانضمام إلى لقاءات ‘أمشاوار’ التي تقودها اللجنة”، حسب تعبيره.

وجوابا منه عن مآل الدعوى القضائية في حالة انسحاب المنتدى سالف الذكر، أورد البلغيتي أن “الدعوى تأخذ مجراها حاليا، على اعتبار أن انتصاب الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لوحدها كافٍ في هذا الصدد من أجل ضمان استدامتها”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق