أثنت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، على “المجهود الكبير” الذي بذله المغرب لتحسين آجال الأداء في القطاع العام، كاشفة أنه أثمر “وصول معدل هذه الآجال المسجل حتى نهاية شتنبر من هذه السنة إلى 37 يوما، أي إنه يقل بـ24 يوما عن الحد الأقصى المحدد في 60 يوما”، مضيفة أن “هذا الرقم يبرز تمكن المغرب من ربح 18 يوما بالمقارنة مع سنة 2018”.
وأوضحت فتاح العلوي، وهي تتحدث خلال الجلسة العامة للأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين، أمس الثلاثاء، أن عدة مؤسسات “تبذل مجهودا كبيرا في هذا الجانب، على رأسها الخزينة العامة من خلال منصاتها ومراقبتها آجال الأداء، ومديرية المنشآت والمؤسسات العمومية ومرصد آجال الأداء”، مؤكدة أن “الرفع من حجم الاستثمار العمومي الكبير أساسا في مالية 2025 يجب أن تستفيد منه المقاولات المتوسطة والصغرى والصغيرة جدا، بعدم عرقلة مسارها والتسبب لها في مشاكل السيولة”.
وبخصوص القطاع الخاص لفتت الوزيرة إلى “مجهود مهم فيه أيضا”، إذ إن “الشركات (المتأخرة عن الأداء) تدفع اليوم غرامات كبيرة جدا”، مستدركة بأن “هذا ليس هو الهدف في حد ذاته، وإنما تقليص آجال الأداء”، ومشددة على أنه “مع كل تأخير في آجال الأداء فإن المقاولات الصغيرة تدفع الثمن مضاعفا، خصوصا لمّا يكون سعر الفائدة مرتفعا”.
آجال الفلاحين
عبد الرحمان ابليلا، المستشار عن فريق التجمع الوطني للأحرار، أشاد بالإجراءات الحكومية المتخذة في هذا الشأن، لكنه شدد على “وجود مسائل تتطلب التحيين، خصوصا بالنسبة للأداء في قطاعات كالفلاحة”، موضحا أن “الأخير موسمي والدورة الانتاجية فيه طويلة، ولذلك يصعب على الفلاح تأدية الفاتورة المستحقة عليه داخل أجل 60 يوما، أو حتى أجل 120 يوما”.
وأوضح المستشار ذاته، معقبا على مداخلة فتاح، أن الفلاح “لا يمكنه أن يغرس ويجني ويبيع داخل 120 يوما”، مطالبا في هذا الجانب بـ”إيجاد حل، الذي هو مضمّن داخل القانون، أي الأجل الاستثنائي 180 يوما؛ إذ يستفيد منه القطاع الصناعي فقط”.
كما أشار المتحدث إلى أن القانون 69.21 “ألزم المقاولات بدوريات والتأشير عليها من طرف المحاسبين، ما يرفع التكلفة بالنسبة للمقاولات الصغرى والصغيرة جدا والمتوسطة”، داعيا إلى “تقييم هذا القانون وإصلاح بعض التدابير الواردة فيه”.
وفي موضوع متصل كشفت المسؤولة الحكومية ذاتها أن إحصائيات 2024، الصادرة عن المكتب المغربي للملكية التجارية والصناعية، بيّنت أنه “تم إحداث 64 ألفا و120 مقاولة، وإفلاس 9 آلاف و223″، ما يعني وفقها أنه “موازة مع إحداث 700 شركة تفلس 100 مقاولة بالمغرب”.
وأفادت فتاح العلوي بقيام الحكومة بـ”عدة تدابير في قوانين المالية المتتالية من أجل تسهيل المأمورية على الشركات المفلسة”، مشيرة إلى وجود “تدابير ضريبية لمساعدتها، وبرامج مهمة جدا في التمويل مثل ‘ضمان تمويلكم’، و’أنا مقاول'”.
وشدّدت الوزيرة على أنه “من جهة أخرى يتعيّن على المقاولين الذين يلاقون صعوبات ألا يتخلوا عن مقاولاتهم ويتجهوا إلى القطاع غير المهيكل”، مؤكدة “وجوب تسريع تنزيل برامج دعم المقاولة وفتح الصفقات العمومية لها لكي تظل نشيطة، وتخلق مناصب الشغل”.
التأمين الإجباري
وزيرة الاقتصاد والمالية واجهت خلال الجلسة ذاتها انتقادات بشأن “غياب التوزان المالي” في أنظمة التأمين الإجباري، ساقها يونس ملال، عن الفريق الحركي، الذي قال إنه “في ظل غياب التوازن المالي لهذه الأنظمة، وصعوبة ضمان الاستدامة المالية، فإن الحكومة مدعوة إلى إعادة النظر في آليات تنزيلها للحماية الاجتماعية”، ذاكرا “المؤشر الاقتصادي والاجتماعي المجحف وغير العادل، الذي يعتمد معايير مبهمة كرّست نفور المواطنين من هذه الصناديق”.
وذكر ملال أن “13 في المائة من المهنيين المستقلين منخرطون فقط في نظام الضمان الاجتماعي؛ ناهيك عن آلاف الضعفاء الذين وجدوا أنفسهم مجبرين على أداء الواجبات الشهرية للانخراط دون مراعاة هشاشتهم”، وفق تعبيره، مشيرا من جهة أخرى إلى أن “الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي يعاني أزمة خانقة بسبب غياب التوازن المالي، فبصم السنة الماضية على عجز مالي يقدر بـ1.28 مليار درهم”.
وفي تفاعلها مع هذه “الانتقادات” قالت الوزيرة إن “الجميع وطنيا ودوليا ينوهون بمنهجية المغرب في ضمان الشفافية في تدبير الدعم الاجتماعي المباشر”، مؤكدة أن “استدامة تمويل ورش الحماية الاجتماعية مهمة جدا”؛ وهي تتم حسبها “من خلال التضامن بين الفئات؛ بحيث تشارك كل فئة حسب دخلها، فيما تساهم الدولة بـ9.5 مليارات درهم لأداء الاشتراكات عن غير القادرين ماديا”.
وأقرّت المسؤولة الحكومية ذاتها، في هذا الصدد، بأن “فئتين يوجد نقص في انخراطهما، هما الموجودتان بالقطاع الفلاحي والصناعة التقليدية”، مبرزة أنه “بالنسبة للقطاع الأول فهو يوجد في ظرفية مفهومة”، وزادت: “الحكومة معبأة مع جميع شركائها من أجل توعية هؤلاء بأنه لا يجب أن يكون الانخراط فقط في وقت المرض، بل مسبقا، وذلك لتطوير الشراكة بما يسهل الانخراط”.
عقار الاستثمار
سردت فتاح العلوي أرقام حصيلة الحكومة في دعم الاستثمار من خلال تعبئة العقار العمومي هذه السنة، كاشفة “تعبئة 18 ألف هكتار لفائدة مختلف الأنشطة القطاعية التي ستمكن من إنجاز 152 مشروعا، بمبلغ استثماري يناهز 19 مليار درهم، وما يفوق ألف هكتار لإنجاز مشاريع في القطاع الفلاحي، مع تخصيص 322 هكتارا لفائدة الإدارات العمومية”.
وأوردت الوزيرة أنه “نظرا لوجوب تصفية هذا العقار وحمايته تمّ تأسيس الرسوم العقارية لمساحة تناهز 349 ألف هكتار، موزاةً مع تمكن الوزارة من ربح عدد مهم من القضايا أمام المحاكم، ما مكن البلاد استرجاع عدد من هذه الأملاك حتى يتم استثمارها في المشاريع الكبرى”.
وأوضحت المسؤولة الحكومية أن “هذه الإنجازات تهم جميع القطاعات”، موردة أنه “خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2024 خصصت لمشاريع قطاع الطاقة لوحدها 19 ألف هكتار، وقطاع السياحة 84 هكتارا، والصناعة التقليدية 56 هكتارا، وقطاع السكن 64 هكتارا”.
0 تعليق