شهدت الحدود العراقية السورية تطورًا لافتًا بعد خروج مقاطع فيديو تُظهر عشرات الجنود السوريين الفارّين يتظاهرون داخل الأراضي العراقية، مطالبين بالسماح لهم بالعودة إلى سوريا.
ورفع الجنود شعارات وهتافات تُناشد السلطات العراقية بالتدخل لتسهيل عودتهم، في ظل غياب أي تصريح رسمي من الجهات العراقية حول الأسباب التي تحول دون تحقيق مطلبهم.
هروب جماعي خلال سقوط نظام الأسد
تعود القصة إلى الساعات الحرجة التي سبقت سقوط نظام بشار الأسد، عندما انهار الجيش السوري في العديد من الجبهات.
وأدى هذا الانهيار إلى فرار مئات الجنود عبر منفذ القائم الحدودي إلى العراق، حيث سمحت السلطات العراقية آنذاك بدخولهم بناءً على اتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وبموافقة رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني.
وبحسب تصريحات لمسؤول أمني عراقي، بلغ عدد الجنود السوريين الذين دخلوا الأراضي العراقية ألفي عنصر، بينهم ضباط وجنود.
وأشار المسؤول إلى أن هذا الإجراء جاء لحمايتهم من الأعمال الانتقامية التي كانت متوقعة في تلك الفترة نتيجة انهيار النظام السوري.
غموض حول مصير الجنود الفارّين
رغم مرور الوقت على دخول هؤلاء الجنود إلى العراق، إلا أن مصيرهم لا يزال غامضًا.
وبينما يطالب الجنود بالعودة إلى وطنهم، لم تُصدر السلطات العراقية أو السورية أي بيان يوضح موقفها الرسمي من هذه القضية، ما يزيد من حالة الغموض بشأن مستقبلهم.
ويرى مراقبون أن هذا الوضع يعكس تعقيدات العلاقة بين العراق وسوريا، لا سيما في ظل استمرار الأزمات الأمنية والسياسية في المنطقة.
السياق الإقليمي والدولي: أبعاد الأزمة
تشير هذه القضية إلى أبعاد إقليمية أوسع، حيث يرتبط مصير هؤلاء الجنود بالتطورات السياسية والأمنية في سوريا والعراق.
فمن جهة، يعاني العراق من تحديات داخلية تمنعه من حسم ملفات شائكة مثل هذه، ومن جهة أخرى، لا تزال سوريا تعيش مرحلة ما بعد الحرب التي خلفت دمارًا واسعًا ونزوحًا جماعيًا للسكان والعسكريين.
وبالإضافة إلى ذلك، يُرجح أن يكون وجود هؤلاء الجنود في العراق ملفًا حساسًا قد يؤدي إلى توتر العلاقات بين الطرفين في حال لم يتم التوصل إلى حلول مرضية.
مطالب الجنود: العودة أم البقاء؟
يرى الجنود السوريون الفارّون أن العودة إلى بلادهم حق مشروع، خاصة بعد أن استقرت الأوضاع نسبيًا في بعض المناطق السورية.
ومع ذلك، تظل مخاوفهم قائمة بشأن كيفية استقبالهم عند عودتهم، خاصة في ظل احتمال تعرضهم للمساءلة القانونية أو الأعمال الانتقامية.
من ناحية أخرى، لم تقدم الحكومة العراقية أي مؤشر على نيتها تسهيل عودة هؤلاء الجنود، مما يترك الباب مفتوحًا أمام احتمالات مختلفة تتراوح بين بقائهم في العراق أو إعادة توطينهم في أماكن أخرى.
مصير مجهول وحلول غائبة
بينما يواصل الجنود السوريون تظاهراتهم ومطالبهم بالعودة إلى وطنهم، تظل القضية رهينة المواقف السياسية والدبلوماسية بين سوريا والعراق.
وفي ظل غياب حلول واضحة أو تصريحات رسمية من الجانبين، يبقى مصير هؤلاء الجنود معلقًا، مع احتمال أن تؤدي هذه القضية إلى مزيد من التعقيدات في العلاقات الثنائية.
0 تعليق