لقاء الملك محمد السادس والرئيس الغزواني يبعث برسائل مغاربية إيجابية

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قال خبراء مغاربة متتبعون للشأن المغاربي والإقليمي إن استقبال الملك محمد السادس رئيسَ الجمهورية الإسلامية الموريتانية، محمد ولد الشيخ الغزواني، ضمن أول زيارة إلى المملكة، “لا يمكن إفراغه من حمولة سياسية قوية تشعل الاحتمالات بخصوص إمكانية قيام نواكشوط بوساطة في الخصومة المغربية الجزائرية”، رغم أن الزيارة عموماً تأتي في سياقات إنسانية خاصة بحكم تماثل زوجة ولد الغزواني للشفاء بالمملكة.

بلاغ الديوان الملكي كان واضحاً بخصوص التأكيد على حرص قائدي البلدين الجارين “على تطوير مشاريع استراتيجية للربط بين البلدين الجارين، وكذا تنسيق مساهمتهما في إطار المبادرات الملكية بإفريقيا، خاصة أنبوب الغاز الإفريقي-الأطلسي، ومبادرة تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي”، لكنّ تحليلات الباحثين ترى أن “الزيارة الأخيرة للرئيس الجزائري إلى نواكشوط قد تبعث رسائل جديدة إلى الرباط”.

وساطة في الأفق؟

الأكاديمي والجامعي والمحلل السياسي محمد نشطاوي قال إن “حفاوة الاستقبال التي خصّ بها الملك محمد السادس الرئيس الموريتاني، تكشف أن الضيف كبير ومهم بالنسبة للمغرب، انطلاقاً من الروابط التاريخية بين البلدين والشعبين، وكذلك للمصالح المشتركة، فضلاً عن أهمية هذا البلد الساحلي في المخطط الاستراتيجي للمغرب للانفتاح على الصحراء وكذلك على غرب إفريقيا”.

نشطاوي أفاد هسبريس بأن “هذه الزيارة إلى الرباط حتى وإن كانت ذات طابع خاص وتم تبريرها بحكم أن زوجة الرئيس قد أجرت عملية جراحية في المغرب، فأنا أظن أنها تحمل في طياتها عددا من المهام، أهمها حسب اعتقادي هو وساطة ممكنة بين المغرب والجزائر، خصوصا وأنه لم تمض أيام كثيرة على استقبال الرئيس الموريتاني الرئيسَ الجزائري في وموريتانيا”.

وتابع شارحا: “أكيد أن السياق الجيو-استراتيجي وعودة ترامب إلى الحكم وما وقع في سوريا وتقهقر الوجود الروسي في الشرق الأوسط، يدل على أن الجزائر تحاول الخروج من عزلتها، وأكيد أن خروجها من هاته العزلة يبدأ من المغرب”، مسجلاً أن “الرئيس الموريتاني ربّما يحمل في جعبته مبادرة للتوسط بين المغرب والجزائر بمبادرة من الأخيرة”.

وتفاعلا مع سؤال لهسبريس بخصوص إمكانية تحمّل الزيارة “هذا الإسقاط” لكونها تتم في ظروف خاصة ومفاجئة فرضتها العملية الجراحية للسيدة الأولى ببلاد شنقيط، قال المتحدث: “مع ذلك، أتصور أن الوساطة حاضرة والرباط في الوقت الحالي ستُبقيها طيّ الكتمان”، وزاد: “لا يمكن أيضا أن ننسى أن الزيارة مثلما لها حمولة سياسية فلها كذلك ثنايا اقتصادية”.

ووضّح الجامعي المغربي قائلا: “هناك المبادرة الأطلسية وكذلك أنبوب الغاز، كما يوجد معطى آخر مهم جدا هو الخط البحري التجاري الرابط ما بين أكادير وداكار الذي جاء ليؤثر بشكل كبير على الطريق ما بين المغرب وموريتانيا عبر الكركرات”، موردا: “هذا ملف مهم قد تتضرر منه موريتانيا في حالة ما إذا رغبت في تمتين علاقاتها الاقتصادية مع الجزائر على حساب المغرب”.

تجنب التصعيد

لحسن أقرطيط، أكاديمي باحث في العلاقات الدولية والجيو-سياسية، لم يستبعد بدوره “تحركا من نواكشوط لتهدئة الأوضاع بين الرباط والجارة الشرقية للمملكة”، مبرزاً أن الوساطة ممكنة في هذا السياق”، وقال: “أيضا، ورغم غياب تأطير رسمي لهذه الزيارة ولم يتم تحديد أيّ أجندة سياسية لها، إلاّ أنه يمكن القول إنها لن تكون مجرد زيارة عادية، فهي تروم إعادة بناء قنوات جديدة للتواصل ما بين نواكشوط والرباط”.

ووضّح أقرطيط لهسبريس أن “الزيارة تحمل إشارة يمكن اعتبارها سياسية بأن موريتانيا تريد الحفاظ على التوازن ما بين المغرب والجزائر، خصوصا بعد زيارة الرئيس عبد المجيد تبون الأخيرة إلى الجارة الجنوبية للمملكة”، وواصل: “في الآن نفسه يمكن القول إن هذه الزيارة هي رسالة طمأنة للرباط بأن نواكشوط لن تنخرط في أي مؤامرة جزائرية أو في أي مخاطرة للنظام العسكري في الجزائر تتعلق بالمنطقة أو تعميق التوتر وجر المنطقة إلى حرب إقليمية”.

وزاد: “موريتانيا تدرك أن المغرب صار الآن قوة إقليمية، وبنت المملكة شبكة علاقات ومصالح عابرة للحدود جعلتها في قلب المشاريع الاستراتيجية للدول الكبرى على الصعيد الدولي”، مضيفا أن “الرهان الأوروبي والأمريكي على المغرب صار واضحاً في سبيل تحقيق بناء للبدائل الاستراتيجية للوقود الأحفوري، خصوصا المتعلقة بتطوير الطاقات المتجددة”.

وتابع شارحا: “الرباط تستهدف بناء تكتل أو محور قوي بينها وبين نواكشوط من خلال مطالبة الأخيرة بالانخراط في المشاريع الاستراتيجية التي تطرحها المملكة، خصوصا فيما يتعلّق بالمبادرة الأطلسية التي قدمها المغرب لدول الساحل وكذا أنبوب الغاز المغرب-نيجيريا، فالمغرب يتبنى في العلاقة مع موريتانيا ما يسمى الصبر الاستراتيجي، على اعتبار أن الموقف الموريتاني لم يخرج بعد من المنطقة الرمادية في قضية الصحراء”.

وأجمل قائلا: “المغرب يأخذ بعين الاعتبار الوضع الخاص لموريتانيا، لكن في الآن نفسه هو يشتغل من أجل دفعها إلى تبني موقف واضح حيال مغربية الصحراء، فانخراط بلاد شنقيط في التكتل الإقليمي الذي يطمح المغرب إلى بنائه سيكون مفيدا بشكل استراتيجي لموريتانيا التي تتمتع بموقع استراتيجي يمكن أن يجعلها مركز ثقل لهذا المشروع، وذات دور أساسي في تحقيق الاندماج المجالي لدول المنطقة”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق