ذكرى نياحة القديس انبا يحنس كاما.. في مثل هذا اليوم، تنيح القديس العظيم أنبا يوحنا كاما، المعروف أيضًا باسم يوحنا المصري. يُشير اسم “كاما” أو “كامي” إلى كلمة قبطية تعني “أسود”، وهي مستمدة من كلمة “كيمي” التي تعني مصر، في إشارة إلى تربتها السوداء.
قصة القديس انبا يحنس كاما القس
وُلِد هذا القديس في قرية شبرا منصور، التي تقع في مديرية الغربية في دلتا النيل، من أبوين مسيحيين يخافان الله، ولم يُرزقا بأبناء سواه. وقد حرصا على تربيته تربية مسيحية حتى بلغ سن الشباب، حيث كان يرغب في أن يعيش بتولًا. لكن والديه أجبراه على الزواج رغم إرادته. فدخل مخدعه وبدأ بالصلاة لفترة طويلة، طالبًا من الله أن يعينه على تحقيق رغبته في الحفاظ على بتوليته مكرسة لربنا يسوع المسيح، العريس الحقيقي. وعندما أنهى صلاته وذهب إلى عروسه، خاطبها قائلاً:
“يا أختي المباركة، أنتِ تدركين أن العالم وكل ما فيه سيفنى، كما قال القديس مار يوحنا الحبيب: ‘العالم يمضي وشهوته’. فهل توافقينني على الحفاظ على طهارة أجسادنا، وتكريس حياتنا لمن افتدانا بدمه؟” أجابت بفرح: “هذا هو ما أطمح إليه، وهو غايتي وسروري، يا أخي”. وهكذا اتفق الاثنان على ذلك، وعاشا كالأخوة، متمسكين باتفاقهما الذي يتجاوز الطبيعة من حيث السمو والروحانية، وكانا إذا رقدا ينزل ملاك ليظللهما بجناحيه.
القديس انبا يحنس كاما القس
بعد فترة قصيرة، قال القديس انبا يحنس كاما القس كاما لزوجته: “ما رأيكِ، أختي، في رغبتي بالذهاب إلى البرية للتفرغ لعبادة ربنا يسوع المسيح؟ لكنني لا أستطيع القيام بذلك دون رضاكِ”. فأبدت هي أيضًا موافقتها برضا كامل، وأعربت عن اشتياقها للرهبنة مثلما هو. فشكر الله كثيرًا وأخذها إلى أحد بيوت العذارى، حيث عاشت كراهبة فاضلة حتى أصبحت أمًا للدير. أما هو، فقد توجه إلى برية شيهيت، وفي طريقه ظهر له ملاك الرب الذي أرشده إلى دير القديس مقاريوس الكبير. فتوجه إليه وترهّب في قلاية الأب ثيروتي، وأقام مع هذا الشيخ ليتعلم منه الفضيلة حتى تنيح.
أمره الملاك بالتوجه إلى غرب دير الأنبا يوحنا القصير ليبني هناك مسكنًا له، فاستجاب وامتثل لأمر الرب. واستمر في العبادة بحب ونشاط، مما جعل البعض يتعرف عليه ويعجب بحياته وقداسته، حتى اجتمع حوله ثلاثمائة أخ. قام ببناء قلالي لهم، كما أنشأ كنيسة على اسم والدة الإله القديسة مريم، وأطلق اسمها المبارك على الدير. وفي إحدى الليالي، ظهرت له القديسة مريم في رؤيا، وأخبرته: “إن هذا المكان هو مسكني، وسأكون مع أولادك كما كنت معك”.
نياحة القديس انبا يحنس كاما
في الحادي والعشرين من شهر هاتور عام 1232 ش (1515 م)، تم نقل جسد القديس انبا يحنس كاما القس من ديره الواقع شرق دير الأنبا بيشوى، والذي يبعد عنه حوالي ثلاثة كيلومترات، إلى دير السيدة العذراء السريان. جاء هذا النقل نتيجة لتعرض دير الأنبا يحنس كاما وعدد من الأديرة المجاورة له للتخريب بسبب هجوم النمل الأبيض على الأخشاب، مما جعل الرهبان القليلين والفقراء غير قادرين على ترميمها. لذا، انتقل ما تبقى من رهبان دير الأنبا يحنس كاما إلى دير السيدة العذراء السريان، حاملين معهم رفات أبيهم أنبا يحنس كاما في أنبوبة خشبية، ووضعوه في مقصورة بالدير. كما أحضروا الحجر الرخامي الذي يحمل باللغة القبطية تاريخ نياحة هذا القديس، وثبتوه في حائط الخورس الأول بكنيسة العذراء السريان، ولا يزال موجوداً حتى اليوم.
0 تعليق