يطوّر باحثون من جامعة صينية طرقًا مبتكرة لاستخراج الليثيوم، في محاولة لتلبية الطلب المتزايد على المعدن الضروري لصناعة السيارات الكهربائية.
ووفق دراسة حديثة اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يستكشف الباحثون طرقًا لاستخراج الليثيوم من المحاليل الملحية منخفضة الجودة، مثل مياه البحر والبحيرات المالحة.
وأفادت الدراسة التي أجرتها جامعة نانجينغ، بأن الحاجة إلى تقنيات استخراج الليثيوم المستدامة تُعد مدفوعة بالطلب المتزايد على تقنيات الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية.
وتسعى هذه التطورات إلى الوصول لمصادر وفيرة، ولكنها غير مستغلة؛ من أجل تسهيل إنتاج بطاريات الليثيوم، لاستعمالها في البناء وتخزين الكهرباء.
المحاليل الملحية لاستخراج الليثيوم
إن الطرق التقليدية، مثل استخراج خامات الصخور الصلبة وإزالة الليثيوم من المحاليل الملحية، تستهلك الكثير من الكهرباء، وتنبعث منها كميات كبيرة من الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وتعطل الأرض، وتستنزف المياه الجوفية.
وتؤدي هذه الطرق إلى مشكلات تتعلّق بسلسلة التوريد والبيئة؛ ما يؤكد الحاجة إلى بدائل فاعلة ومستدامة.
ونظرًا إلى توافرها على نطاق واسع ومخزونها الكبير، فإن المحاليل الملحية منخفضة الجودة -مثل السوائل الرسوبية والسوائل الحرارية الأرضية والمياه المنتجة من حقول النفط ومياه البحر وبعض البحيرات المالحة- تمثل موردًا واعدًا، ولكنه غير مستغل.
ومع ذلك، نظرًا إلى انخفاض محتوى الليثيوم ونسب المغنيسيوم إلى الليثيوم العالية، فإن استخراج الليثيوم من هذه المصادر ما يزال صعبًا من الناحية الفنية، وهناك حاجة إلى تقنيات استخراج متقدمة لتحقيق أقصى استفادة من هذه الموارد.
وفقًا للدراسة التي نُشرت تفاصيلها في مجلة "نيتشر"، فإن خامات الصخور الصلبة من أماكن مثل زيمبابوي وموارد المحاليل الملحية عالية التركيز في أميركا الجنوبية هي مصادر الليثيوم الرئيسة للصين، أكبر مُكرر له في العالم.
ولتلبية الطلب المحلي، وسّعت شركات التعدين الصينية عملياتها في زيمبابوي، ما عزّز سلاسل توريد الليثيوم العالمية.
وتمثّل الصين التي تهيمن على إنتاج بطاريات الليثيوم أيون، 77% من بطاريات السيارات الكهربائية في العالم، إذ تجاوزت الصادرات المجمعة 139 مليار دولار في عام 2023.
وعلى الرغم من البدائل الناشئة مثل بطاريات الصوديوم أيون، فمن المتوقع أن تظل بطاريات الليثيوم أيون مهيمنة بسبب كفاءتها العالية وكثافة الطاقة.
وقد يؤدي الطلب المتزايد إلى استنزاف احتياطيات الليثيوم العالمية بحلول نهاية العقد؛ ما يؤكّد الحاجة الملحّة إلى حلول مبتكرة.
فقد أفادت الدراسة التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، بأن الطلب المتزايد على تقنية الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية قد يتسبّب في نفاد إمدادات الليثيوم الحالية في وقت مبكر من عام 2029.
كيفية استخراج الليثيوم
في إطار تعزيز الجهود لاستخراج الليثيوم، قدّم الباحثون مصطلح "المحلول الملحي منخفض الجودة"، لوصف المصادر التي تحتوي على تركيزات ليثيوم أقل من 0.26 غرامًا لكل لتر، أو نسب المغنيسيوم إلى الليثيوم تتجاوز 6.15.
وتضع هذه الظروف تقنيات الاستخراج التقليدية على المحك، التي تركّز الليثيوم عن طريق تبخير الماء وفصله عن العناصر الأخرى باستعمال المواد الكيميائية.
وبالنسبة إلى مثل هذه المحاليل الملحية، فإن الطرق التقليدية غير فاعلة بسبب التركيزات المنخفضة، والاستخراج المشترك للمكونات غير المرغوب فيها.
وحقّق الباحثون في تطورات تقنيات التركيز المسبق والاستخراج المباشر لحل هذه المشكلات، وفقًا للدراسة التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وتعمل تقنية الترسيب المعزّز التي ابتكرتها مجموعة من جامعة تشنغدو للتقنية على إزالة المغنيسيوم بكفاءة مع تقليل فقدان الليثيوم إلى 0.4%.
وفي بحيرة مالحة في تشينغهاي، وجد باحثون من جامعة نانجينغ أن طرق الاستخلاص بالمذيبات كانت فاعلة بنسبة تزيد على 65% لاستعادة الليثيوم.
وتشمل الأساليب المبتكرة الأخرى أغشية التقطير التي تستعمل درجات الضغط أو المجالات الكهربائية لفصل الليثيوم، بالإضافة إلى الأساليب الكهروكيميائية التي تستفيد من خصائص الأيونات، وفقًا للدراسة.
ووفقًا للدراسة، قد يتضمّن تحسين استخراج الليثيوم من المحاليل الملحية منخفضة الجودة الجمع بين طرق مختلفة.
ويُمكن زيادة الكفاءة -على سبيل المثال- من خلال الجمع بين الاستخلاص وتحلية مياه البحر، أو دمج الطاقة المتجددة في العملية.
منجم الليثيوم في مالي
في سياقٍ متصل، أعلنت شركة غانفينغ ليثيوم (Ganfeng Lithium) إطلاق المرحلة الأولى من منجم الليثيوم غولامينا في مالي خلال منتصف ديسمبر/كانون الأول.
ووفق المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، يخطط المشروع لإنتاج 506 آلاف طن سنويًا، ومضاعفة إلى مليون طن في المرحلة الثانية.
ويتقدّم المشروع على الرغم من التحديات الأمنية، وقانون التعدين الجديد الصارم، وسوق الليثيوم ذات العرض الزائد، بحسب ما نقلته منصة "إنترستينغ إنجينيرينغ" (Interesting Engineering).
وفي مايو/أيار 2024، حصلت الشركة الصينية على صفقة بقيمة 342.7 مليون دولار لزيادة حصتها في مشروع الليثيوم الرئيس في مالي، بغرب أفريقيا.
يُعد مشروع غولامينا، الواقع على بُعد نحو 93 ميلًا (150 كيلومترًا) جنوب عاصمة مالي، باماكو، من بين أكبر احتياطيات الليثيوم الصخرية الصلبة غير المستغلة في العالم، وفقًا لشركة ليو ليثيوم الأسترالية (Leo Lithium).
في وقت سابق، استحوذت شركة غانفينغ ليثيوم، أكبر منتج لليثيوم في الصين، على حصة 40% في مالي ليثيوم (Mali Lithium)، مالكة مشروع غولامينا، من شركة ليو ليثيوم، مع إمكان الشراء الكامل.
والآن، تخطط حكومة مالي للاستحواذ على حصة 35% في منجم غولامينا، مع منح 10% مجانًا وشراء الـ25% المتبقية، وبمجرد اكتماله، ستمتلك غانفينغ ليثيوم 65%، في حين تحتفظ حكومة مالي بالحصة المتبقية.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
- تطوير تقنيات لاستخراج الليثيوم من المحاليل الملحية من مجلة "نيتشر".
- معلومات إضافية عن الدراسة من منصة "إنترستينغ إنجينيرينغ".
- إطلاق منجم الليثيوم في الصين من منصة "إنترستينغ إنجينيرينغ".
0 تعليق