اقرأ في هذا المقال
- استخراج معادن البطاريات وتكريرها يخلف انبعاثات كبيرة من ثاني أكسيد الكبريت
- وفيات التلوث في الصين والهند تتزايد وصناعة البطاريات قد تخلف المزيد
- التوسع في توطين صناعة البطاريات قد يرفع انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت بنسبة 20%
- الهند أمامها فرصة لبناء سلاسل توريد نظيفة لأنها ما زالت في البداية خلافًا للصين
يسود انطباع عام بأن صناعة السيارات الكهربائية هي صناعة خضراء صديقة للبيئة بالنظر إلى أنها تعمل بالبطاريات، ولا تعمل بالبنزين أو الديزل الملوث للمناخ.
ورغم انتشار هذا الانطباع في أوساط كثيرة، فإنه لا يحكي مشكلة التلوث الخفية على طول سلسلة القيمة، خاصة فيما يتعلق بتكرير معادن البطاريات وما يصدر عنها من انبعاثات خطيرة.
في هذا السياق، أظهرت دراسة حديثة -اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)- أن تكرير المعادن الحيوية في صناعة السيارات الكهربائية -مثل النيكل والكوبالت- يمكن أن يسبّب مشكلة ثلوث كبيرة في المستقبل.
واكتشفت الدراسة أن توطين سلاسل توريد السيارات الكهربائية في الصين والهند (نماذج الدراسة) يمكن أن يزيد من انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت (SO2) بنسبة تصل إلى 20% مقارنة بالمستويات الحالية.
انبعاثات صناعة السيارات الكهربائية
تسلّط الدراسة الصادرة عن جامعة برينستون الأميركية الضوء على أهمية بناء سلاسل توريد نظيفة في صناعة السيارات الكهربائية، وهي مسألة ما زالت مهمشة ولا تستحوذ على اهتمام عالمي كبير حتى الآن.
كما تكشف عن أن تقنيات الطاقة النظيفة ليست خضراء بما فيه الكفاية، وتواجه تحديات كبيرة تستلزم من الدول إجراء نوع من المفاضلات الاستباقية بينها، بحسب مؤلف الدراسة خبير دراسات المناخ أنجالي شارما.
وتعوّل مبادرات تحول الطاقة العالمية على السيارات الكهربائية بصورة واسعة لخفض انبعاثات قطاع النقل البري المسؤول عن أكثر من ربع الانبعاثات الكربونية في العالم.
ورغم ذلك، فإن تأثيرات المركبات الكهربائية لا تنتهي عند انبعاثات عادم السيارة أو الكهرباء، بل تتعلّق بسلسلة التوريد بأكملها؛ ما يتطلب من الدول التفكير في بناء سلاسل توريد نظيفة لدعم خطط إزالة الكربون، بحسب أستاذ الشؤون العامة والدولية المشارك في الدراسة وي بينغ.
وثمة دراسات أخرى -نشرتها وحدة أبحاث الطاقة خلال الأشهر الماضية- تؤكد ضرورة حساب صافي انبعاثات السيارات الكهربائية على طول سلسلة القيمة كما يلي:
- انبعاثات استخراج المعادن وتكريرها.
- انبعاثات توليد الكهرباء المستعملة في الشحن.
- انبعاثات استهلاك النفط في صناعة الإطارات.
- انبعاثات استهلاك النفط في الهياكل الخارجية والداخلية للسيارات.
- انبعاثات استهلاك النفط في رصف الطرق.
حالة الصين والهند
تتسابق الصين والهند في بناء سلاسل توريد صناعة السيارات الكهربائية، خصوصًا في قطاع تكرير المعادن الحيوية المستعملة في صناعة البطاريات مثل النيكل والكوبالت، لكن ذلك قد يأتي على حساب زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت.
وثاني أكسيد الكبريت هو أحد الجسيمات الدقيقة التي تتسبّب في مجموعة من أمراض القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وتعاني الدولتان مستويات عالية من تلوث الهواء، ففي عام 2019 بلغ عدد الوفيات بسبب التعرض للجسيمات الدقيقة في الصين قرابة 1.4 مليون، في حين بلغ في الهند 1.7 مليون حالة.
ومع ذلك، فإن البلدين دخلا مراحل مختلفة من تطوير صناعة السيارات الكهربائية، إذ تبدو سلسلة التوريد المحلية في الصين أكثر رسوخًا، في حين ما تزال الهند في مراحلها الأولية لتطوير سلسلة التوريد.
وتحتاج الصين إلى التفكير في كيفية تنظيف سلسلة التوريد الموجودة بالفعل خاصة في قطاع تكرير المعادن، وربما يكون هذا أكثر تعقيدًا من الهند التي ما تزال لديها فرصة سهلة لبناء سلسلة توريد أكثر نظافة من الألف إلى الياء، بحسب الباحث وي بينغ.
ويتطلّب هذا المسار من الهند التركيز أولًا على إزالة التلوث من قطاع الطاقة، عبر فرض تدابير صارمة لمكافحة تلوث ثاني أكسيد الكبريت من محطات الطاقة الحرارية، من خلال استعمال تقنيات ناضجة مثل إزالة الكبريت من غاز المداخن.
أما بالنسبة إلى الصين التي تطبق ضوابط صارمة للانبعاثات في قطاع الطاقة، فستحتاج إلى التركيز على تخفيف انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت من عمليات تصنيع البطاريات الأقل شهرة.
ويحذّر الباحثون المشاركون في الدراسة من أن تجاهل الانبعاثات من تصنيع البطاريات سيكون خطأ فادحًا بحسب السيناريوهات التي طُبقت على حالتي الصين والهند، ويمكن أن يتحول إلى مشكلة عالمية مع زيادة تبني المركبات الكهربائية.
وحتى لو قرر البلدان نقل سلاسل توريد البطاريات خارجها، فلن تُحَل مشكلة انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت، بل ستنقل إلى دول أخرى ببساطة.
بطاريات فوسفات الحديد والليثيوم أحد الحلول
أوصت الدراسة بتشديد معايير التلوث الجوي بصورة استباقية خاصة فيما يتعلق بانبعاثات ثاني أكسيد الكبريت على المستوى الوطني في كل من الصين والهند والدول التي ستتوسّع في صناعة البطاريات وتكرير المعادن.
كما أوصت الدراسة بتغيير كيمياء البطاريات المستعملة في صناعة السيارات الكهربائية، باتجاه البطاريات التي تستعمل الحديد والفوسفات، التي تُسمى بطاريات فوسفات الحديد والليثيوم.
إذ يمكن لهذا النوع من البطاريات التي تتسارع الصين في تصنيعه أن يقلّل من المخاوف المرتبطة بتعدين الكوبالت والنيكل وتكريرهما.
ووجدت سيناريوهات الدراسة أن التوسع في بطاريات فوسفات الحديد والليثيوم يمكنه أن يقلل بصورة كبيرة انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت في أثناء التصنيع مقارنة ببطاريات الليثيوم أيون المشهورة حاليًا في الصناعة.
الخلاصة..
صناعة بطاريات السيارات الكهربائية، قد تتسبّب في زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت، وهو أحد الجسيمات الدقيقة المؤدية إلى أمراض القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي، ورغم ذلك ما يزال الاهتمام ببناء سلاسل توريد نظيفة للبطاريات ضعيفًا في العالم.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
- تحليل انبعاثات تكرير معادن البطاريات من دراسة جامعة برينستون
- حساب الانبعاثات غير المباشرة للسيارات الكهربائية من منظمة أوابك.
0 تعليق