إعادة هيكلة مناهج الثانوية العامة.. ...

كشكول 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تعد مرحلة الثانوية العامة من المراحل الأكثر أهمية في حياة الطالب التعليمي، حيث تشكل مفترق طرق حاسمًا في تحديد مستقبله الأكاديمي والمهنية ولأنها مرحلة مفصلية، فإن أي تغييرات تطرأ على مناهجها أو طريقة تدريس المواد قد تثير جدلًا واسعًا بين مختلف الأطراف المعنية، بدءًا من الطلاب وأولياء الأمور وصولًا إلى المعلمين والخبراء التربويين. 

الثانوية العامة

ومؤخرًا، تم الإعلان عن عدد من التعديلات على مناهج الثانوية العامة، مثل دمج بعض المواد الدراسية، وإلغاء مواد أخرى، فضلًا عن تغييرات في طريقة تقييم بعض المواد، وقد أثار هذا الأمر تساؤلات عدة حول تأثير هذه التغييرات على جودة التعليم وأثرها على تحصيل الطلاب.

وفي ظل هذه التعديلات، تباينت ردود الفعل بين مختلف الفئات، حيث أبدى العديد من أولياء الأمور والمهتمين بالتعليم قلقهم من أن هذه التغييرات قد تساهم في خلق نوع من الارتباك والتحديات الجديدة، سواء على مستوى الطلاب أو المعلمين. 

وفي هذا السياق، نستعرض لكم من خلال “كشكول”، آراء عدد من أولياء الأمور حول التغييرات الأخيرة في مناهج الثانوية العامة، والقلق الذي يساورهم بشأن قدرة النظام التعليمي على مواكبة التطورات الحديثة دون المساس بجودة التعليم أو تكافؤ الفرص بين الطلاب.

عاصم حجازي: ضرورة دراسة إجراءات إعادة هيكلة مناهج الثانوية العامة بعمق وتأهيل المعلمين بشكل كافٍ

وفي تصريحات خاصة لموقع "كشكول"، تحدث الدكتور عاصم حجازي، أستاذ علم النفس التربوي المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية في جامعة القاهرة، عن أهمية مرحلة الثانوية العامة كإحدى أهم المراحل في النظام التعليمي، مشيرًا إلى ضرورة أن تخضع عملية إعادة هيكلة المناهج لهذه المرحلة لعملية تطوير دقيقة ومدروسة. 

وأضاف حجازي: "لا يمكن لأي إجراءات تُتخذ بسرعة ودون دراسة متأنية من المجتمع والخبراء أن تحدث تغييرًا جوهريًا في هذه المرحلة الحساسة، ما حدث فعلًا هو أن العديد من المشكلات ظهرت نتيجة تهميش بعض المواد ودمج مواد أخرى بشكل غير مدروس".

وأوضح حجازي، أن دمج مواد العلوم المتكاملة أوجد تحديات كبيرة، حيث لا يوجد معلمون معدون بشكل كافٍ لتدريس هذه المواد في كليات التربية. وأشار إلى أن تدريس هذه المواد يعتمد على اجتهادات فردية من المعلمين، ما يخلق فجوة في كفاءة التعليم. 

وقال: "معظم المعلمين يشاركون الطلاب في اكتشاف العلاقات والموضوعات أثناء الشرح، مما يعني أنهم لا يمتلكون الاستعداد المنهجي الكافي، وهذا يخلق صراعًا غير معلن بين معلمي الفروع العلمية (الفيزياء والكيمياء والأحياء) حول من هو الأنسب لتدريس هذه المواد"، ورغم الادعاء بأن دمج المواد ساهم في تقليص الدروس الخصوصية، أشار حجازي إلى أن التركيز يجب أن يكون أولًا على تقديم تعليم عصري ومتطور للطلاب، وأكد على أنه كان من الأفضل تأجيل تطبيق هذا القرار إلى أن يتم تدريب المعلمين بشكل كافٍ بالتعاون مع كليات التربية.

وفيما يخص تهميش بعض المواد في الصف الثالث الثانوي، قال حجازي إن هذا القرار أدى إلى حالة من الاستياء بين معلمي تلك المواد، مما أثر سلبًا على مشاركتهم في خطط تطوير التعليم، وأضاف: "كان يمكن قبول هذا القرار إذا تم تطبيق نظام الثانوية التراكمية أو الساعات المعتمدة، حيث تكون لجميع المواد نفس الأهمية بغض النظر عن السنة الدراسية".

أما عن القرار المتعلق بعدم إضافة مواد اللغة الثانية للمجموع، فقد اعتبر حجازي هذا التوجه خطوة إيجابية، إذ كانت هذه المواد تؤدي إلى تفاوت في درجات الطلاب، ما كان يضر بتكافؤ الفرص، ولكنه اقترح أن يتم اتخاذ خطوة مكملة، تتمثل في رفع درجة النجاح في المواد غير المضافة للمجموع إلى 70% بدلًا من 50%، مما سيزيد من أهمية هذه المواد لدى الطلاب دون التأثير على العدالة في توزيع الدرجات.

وأكد حجازي، على أن مرحلة الثانوية العامة تتطلب اتخاذ قرارات مدروسة بعناية، مع ضرورة طرح أي تغييرات تخص هذه المرحلة للنقاش قبل تنفيذها، لضمان تحقيق الأهداف التعليمية المنشودة.

عاصم حجازي: استمرار نظام الثانوية بنفس القواعد
الدكتور عاصم حجازي

خبيرة تربوية: تغييرات المناهج غير واضحة وأثرها على الطلاب لن يظهر قريبًا

في تصريحات خاصة لموقع "كشكول"، أعربت الخبيرة التربوية بثينة رمضان عن عدم فهمها للمصطلحات المستخدمة بشأن "إعادة هيكلة" المناهج الدراسية للثانوية العامة. 

وقالت رمضان: "أعتقد أن الحديث عن إعادة الهيكلة غير دقيق، فقد تم تعديل المناهج بالفعل منذ الترم الثاني للعام الماضي، حيث تم دمج وحجز بعض المواد، لكنني شخصيًا لا أرى أن هناك هيكلة حقيقية قد حدثت. لم يطرأ أي تغيير ملموس على المناهج كما يُشاع".

كما تطرقت رمضان إلى مسألة إلغاء بعض المواد الدراسية، مثل اللغة الفرنسية وعلم النفس والجغرافيا، وأوضحت: "لا أمانع من إلغاء اللغة الفرنسية كلغة ثانية والاكتفاء بها كجزء من النجاح فقط، ولكنني أرى أن إلغاء مواد مثل علم النفس والجغرافيا يعد خطوة غير مناسبة، وهاتان المادتان تُعتبران أساسيتين لفهم المجتمع وتوجهاته الفكرية، فعلم النفس له تطبيقات واسعة في العديد من المجالات مثل التنمية البشرية والتدريب والتعامل مع الأفراد، وهو جزء أساسي من تكوين الطالب المعرفي، فكيف للطلاب في المرحلة الثانوية أن يفتقروا إلى دراسة هذه المواد الهامة؟"

وتحدثت رمضان، عن أهمية مادة الجغرافيا، معتبرة إياها مادة أساسية في التعليم الثانوي، وقالت: "الجغرافيا لا تقتصر فقط على طلاب القسم الأدبي، بل هي مادة مهمة لكل الطلاب، ويجب أن تُدرَّس منذ بداية المرحلة الثانوية وفي العديد من الدول، يُدرِّس طلاب القسم العلمي الجغرافيا، لأن فهم البيئة والموارد الطبيعية والنظم الجغرافية له أهمية كبيرة في المجالات المختلفة".

وأشارت رمضان، إلى أن أي تغييرات في المناهج التعليمية لن تظهر نتائجها بشكل فوري، وأضافت: "التأثيرات الحقيقية لهذه التغييرات لن تظهر إلا بعد خمس إلى ست سنوات، عندما يبدأ الطلاب في التخرج والانخراط في سوق العمل لذلك، من الصعب أن نحدد الآن كيف ستؤثر هذه التعديلات على الطلاب أو المجتمع".

وأكدت رمضان، على ضرورة أن تكون التعديلات في المناهج مبنية على دراسة وافية لاحتياجات سوق العمل ومواكبة التطورات التكنولوجية والاجتماعية، لضمان تزويد الطلاب بتعليم يتناسب مع المتغيرات الحديثة ويسهم في تطوير المجتمع.

تعليقات بعض أولياء الأمور على قرارات الوزير

أثار القرار الأخير بشأن إعادة هيكلة مناهج الثانوية العامة وتعديل بعض المواد الدراسية ردود فعل متباينة بين أولياء الأمور، الذين عبروا عن قلقهم بشأن تأثير هذه التغييرات على أبنائهم ومستقبلهم التعليمي.

وعلق أحد أولياء الأمور، أحمد عبدالغني، في تصريحات خاصة لموقع “كشكول”، قال: "أعتقد أن التعديلات التي تم إقرارها في مناهج الثانوية العامة جاءت بشكل مفاجئ ودون دراسات كافية، لم نسمع عن أي مشاورات مع المعلمين أو الخبراء قبل اتخاذ هذه القرارات، وهذا أمر مقلق جدًا بالنسبة لنا، ولا نعلم حتى الآن كيف ستكون نتائج هذه التعديلات على مستوى التعليم في المستقبل".

وأضافت فاطمة غلاب، وهي أم لطالبة في الصف الثالث الثانوي، في تصريحات خاصة لموقع “كشكول”، قائلة: "التعديلات التي تشمل دمج بعض المواد وإلغاء أخرى قد تكون مربكة للطلاب، خاصة أنهم في مرحلة حاسمة في حياتهم، وإلغاء مادة مثل الجغرافيا من المناهج الأساسية يعد قرارًا غير مبرر، لأن هذه المادة ليست فقط مهمة علميًا ولكن أيضًا لزيادة وعي الطالب حول العالم من حوله"، وأكدت أنها تشعر بقلق كبير على ابنتها من جراء هذه التغييرات المفاجئة.

ومن جهة أخرى، عبّر العديد من أولياء الأمور عن تفاؤلهم بإلغاء إضافة مواد اللغة الثانية للمجموع، إذ اعتبروا أن هذه الخطوة قد تساهم في تقليل التباين في درجات الطلاب نتيجة لاختلاف صعوبة الأسئلة في هذه المواد، وقالت ولية أمر، منى محمود: "إلغاء اللغة الثانية من المجموع خطوة جيدة، لأن ذلك يحقق عدالة أكبر بين الطلاب، ويخفف الضغط النفسي عليهم في مرحلة حرجة مثل الثانوية العامة".

تفاصيل إعادة هيكلة الثانوية العامة

وكانت كشفت وزارة التربية والتعليم، في تقريرها السنوي الصادر عنها، تفاصيل هيكلة الثانوية العامة تماشيا مع نظم التعليم المختلفة.
وقالت الوزارة، خلال التقرير، إنه تمت بعض المعالجات المنهجية لبعض مقررات المرحلة الثانوية على أثر إعادة هيكلة المرحلة من الصف الأول إلى الصف الثالث، بناءً على إعادة هيكلة المرحلة الثانوية وذلك تماشيا مع نظم التعليم المختلفة حول العالم.

وذكرت الوزارة، أن ذلك جاء من خلال تقليل عدد المواد التي يدرسها الطالب في الصف الدراسي مع الأخذ في الاعتبار عدم الإخلال بنواتج التعلم التي يجب أن يحققها الطالب خلال المرحلة بأكملها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق