خطوات أوروبية حذرة ومشروطة ومخاوف من مصير فاشل للانتقال في سوريا

الرئيس نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يدرك قادة الاتحاد الأوروبي أن مصير سوريا يشكل مصلحة استراتيجية أساسية، وأنهم لديهم فرصة محتملة لدعم التغيير الإيجابي، وفقًا لمجلة بوليتيكو الأمريكية المعنية بالشؤون الجيوسياسية.

أشارت المجلة إلى أن سقوط نظام بشار الأسد يوفر لأوروبا فرصة استراتيجية ضخمة، بما في ذلك العودة الطوعية المحتملة للعديد من اللاجئين السوريين، ولوحظ منذ فرار الأسد من المشهد، أن أوروبا كانت تتحرك بالفعل ببطء شديد، ولكن في الأيام القليلة الماضية استقبلت دمشق الجديدة وزيري خارجية ألمانيا وفرنسا، وأعلنت برلين وباريس أن تقييمهما لحكام سوريا الجدد سيعتمد على أفعالهم.

وأكدت نائبة رئيس المفوضية الأوروبية كايا كالاس، في تصريحات سابقة، أن الدعم الكبير لسوريا سوف يظل معتمدًا على التقدم على الأرض.

وفي حين يُخشى من أن تعمل الانقسامات الداخلية على إحداث الفوضى في عملية صنع السياسة الخارجية الأوروبية المتماسكة، توفر الحالة السورية الآن فرصة نادرة لتعزيز وحدة القرار الأوروبي والتحرك نحو تحقيق مصلحة الاتحاد الأوروبي.

وترجح المجلة الأمريكية أن أوروبا بحاجة إلى تقديم عرض جريء لسوريا وتنفيذه بسرعة وهي بحاجة إلى تجميع حزمة مهمة لتحفيز الحاكم العسكري الجديد للبلاد، هيئة تحرير الشام - وهي المجموعة التي كانت مرتبطة سابقًا بتنظيم القاعدة - على الاستمرار في التطور نحو الاعتدال والشمول والاستقرار.

وبالطبع، لا ينبغي لأحد أن يكون تحت أي وهم بشأن التحديات الهائلة التي تواجه انتقال سوريا: فقد تعود هيئة تحرير الشام إلى جذورها المتطرفة وتسعى إلى السيطرة المطلقة.

وتنصح المجلة بالتخلي عن التفكير الساذج بشأن التحديات وحدود نفوذ الاتحاد الأوروبي، كما تؤكد أن الاشتراطات هي النهج الصحيح في مثل هذا المنعطف، ولكن إذا كانت أوروبا تريد حقًا المساعدة في تشكيل التطورات وجعل سوريا مكانًا يمكن للمنفيين العودة إليه بأمان، فإنها تحتاج إلى صياغة عرض حاسم واستباقي.

وأشارت المجلة إلى أن هذا يتطلب مشاركة سياسية مكثفة مع هيئة تحرير الشام، وتخفيف العقوبات بسرعة للمساعدة في تخفيف الضغوط الفورية التي قد تعرقل أي انتقال، فضلًا عن حزمة اقتصادية كبيرة - إذا تم تأمين انتقال ذي مغزى.

وعلاوة على ذلك، بالنسبة لأولئك الذين يخشون أن تحاول روسيا الآن بناء علاقات مع حكومة ما بعد الأسد، فإن مثل هذا العرض سيكون الطريقة الأكثر فعالية لإظهار القيمة المضافة لأوروبا وتقديم نفسها كشريك مفضل - بدلًا من إصدار إنذارات نهائية مفادها أن الدعم سيكون متوقفًا على الانسحاب الروسي الكامل.

مخاوف من فشل الفترة الانتقالية في سوريا

ولفتت المجلة إلى أنه يتعين على أوروبا أن تتكاتف وراء حقيقة مفادها أن الانتقال الناجح لن يساعد السوريين فحسب، بل إنه الوسيلة الوحيدة لمعالجة النطاق الكامل لمصالحها - مثل ترسيخ الحكم الديمقراطي، وتأمين الظروف المستدامة للسماح بعودة أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين، وتخفيف النفوذ الإيراني والروسي في البلاد.

وإذا فشلت الفترة الانتقالية، فلن يتم تحقيق أي من هذه الأهداف وستكون التكلفة صراعًا متصاعدًا. وسوف ينهي احتمال عودة اللاجئين ويضمن بقاء سوريا بؤرة ساخنة للتدخلات الخارجية المزعزعة للاستقرار.

وأشارت المجلة إلى خطورة التهوين من شأن التحديات الهائلة التي تواجه انتقال سوريا، فقد تعود هيئة تحرير الشام إلى جذورها المتطرفة وتسعى إلى السيطرة المطلقة؛ وقد تندلع معارك فصائلية بين الجماعات المسلحة؛ وقد يعطي الهجوم التركي على الأكراد السوريين تنظيم الدولة الإسلامية مساحة لإعادة تجميع صفوفه؛ وقد يؤدي الانهيار الاجتماعي والاقتصادي المستمر في البلاد، مع احتياج 70% من السكان الآن إلى المساعدات الإنسانية، إلى تحويل سوريا إلى دولة فاشلة بشكل دائم.

ويبدو أن أوروبا تدرك الآن أكثر من ذي قبل  أن عليها العمل للمساعدة في منع النتائج السلبية، والاستفادة من العلامات التي تشير إلى إمكانية حدوث انتقال إيجابي وتشمل هذه الخطوات الأولية التي اتخذتها هيئة تحرير الشام، مثل التواصل مع الأقليات وحماية مؤسسات الدولة والحديث عن الانتخابات ويشكك كثيرون في أوروبا تصدق هيئة تحرير الشام، لكن هناك حاجة إلى اختبارها.

وعلاوة على ذلك، تستطيع أوروبا أن تعتمد على الخبرة العميقة التي اكتسبها المجتمع المدني السوري خلال 14 عاما من الحرب، فضلا عن الإرهاق الشديد الذي أصاب السكان بسبب الصراع. 

وأكدت المجلة على أن كل من الاتحاد الأوروبي وسوريا قادران على لعب دور قوي في تجديد حكم البلاد والضغط على الأطراف المسلحة من أجل التوصل إلى اتفاق لتقاسم السلطة، ويعتمد النجاح على كون هذه العملية بقيادة سورية، ولا ينبغي للمسؤولين الأوروبيين أن يتدخلوا في ديناميكيات المرحلة الانتقالية، ومع ذلك، لا يزال بوسع الكتلة الأوروبية أن تلعب دورًا مهمًا.

وقالت إن هذا يعني على الفور تكثيف المشاركة المباشرة مع هيئة تحرير الشام، على الرغم من إدراج المجموعة على قائمة العقوبات الحالية. وسوف يكون تخفيف العقوبات الاقتصادية السريع أمرا حاسما أيضا للمساعدة في معالجة احتياجات الاستقرار العاجلة، ولكن في الأساس، تحتاج أوروبا إلى تقديم رؤية استراتيجية كبيرة لتحفيز النتيجة المرجوة، وينبغي للكتلة أن تضع شراكة سياسية واقتصادية مهمة، تشمل دعما كبيرا لإعادة الإعمار، فضلا عن الضغط على الإدارة القادمة للرئيس المنتخب دونالد ترامب لإسقاط العقوبات الأمريكية، إذا تم تشكيل حكومة جديدة شاملة حقا.

وتحتاج أوروبا إلى بذل جهود كبيرة ويجب أن تفعل ذلك بينما تظل نافذة الفرصة مفتوحة - وليس مجرد تأخير حتى التنفيذ الناجح للانتقال الذي يخاطر بعدم الوصول أبدا، وعلى مدار الوقت، يجب أن توضح أوروبا أن دعمها سوف يتم تقليصه، وأن هيئة تحرير الشام سوف تظل تحت العقوبات، إذا لم تتحرك البلاد نحو الشمول الحقيقي لكافة الأطياف والأقليات.

 وفي مرحلة ما بعد بشار الأسد، تسعى سوريا إلى إيجاد توازن جديد في سياق جيوسياسي معقد بشكل استثنائي؛ فالبلاد محتلة جزئيا من قبل قوتين أجنبيتين وتطغى عليها قوة ثالثة، فإسرائيل، التي احتلت واستعمرت مرتفعات الجولان السورية منذ احتلالها في عام 1967، وسعت نفوذها إلى المنطقة العازلة التي أنشئت بعد حرب يوم الغفران عام 1973، والولايات المتحدة لديها قوات خاصة متمركزة في شرق سوريا، وإلى الشمال، تطمح تركيا إلى إنشاء منطقة عازلة خاصة بها داخل الأراضي السورية، وفقًا لصحيفة لوموند الفرنسية.

وأضافت لوموند: "تعتزم هذه الدول الثلاث التدخل عسكريا في سوريا كما تراه مناسبا، إسرائيل لمنع إعادة بناء المحور الشيعي الممتد إلى لبنان؛ والولايات المتحدة لمنع عودة ظهور تنظيم الدولة الإسلامية؛ وتركيا لاحتواء القوات الكردية السورية التي تزعم أنها مرتبطة بحزب العمال الكردستاني، وفقا لأنقرة.

وتمثل هذه التدخلات الأجنبية العقبة الرئيسية الأولى أمام إقامة نظام جديد في دمشق، وهو شرط أساسي لاستعادة السيادة السورية، ولكن هناك عقبات أخرى، فالتوترات الداخلية تشكل تهديدًا أيضًا.

وتوجد هذه التوترات بين الجهاديين السابقين الذين يدعمون الآن مشروعًا وطنيًا وأولئك الذين يرفضونه، وخاصة بين المقاتلين الأجانب. 

كما توجد هذه التوترات بين تحالف المحررين، ومعظمهم من السنة، والمجتمعات الكردية والعلوية، التي كانت تشكل الركيزة الأساسية للنظام المخلوع. 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق