96 عاما من الدفاع عن الوطن، رحيل مؤسس الصاعقة الفريق جلال الهريدي الذي أفلت من الموت مرتين، ترجل الفارس الفريق جلال الهريدي مؤسس سلاح الصاعقة المصرية وصاحب البطولات والمواقف الوطنية، إذ أغلق سجل بطولاته مع بداية عام 2025، بعد مسيرة وطنية، مخلفا ورائه إرث وطني وعسكري، وحزب سياسي “حماة الوطن” المنحاز للوطن وقضاياه.
نبوغ مبكر وجسارة وعطاء وطني
أسس الفريق سلاح الصاعقة المصرية مفخرة القوات المسلحة، وساعدها القوي إذ تم اختيار اسم السلاح من القرآن الكريم «الصاعقة»، أما علم الوحدات فاستوحي من راية الرسول عليه الصلاة والسلام وكانت ذات لونين الأصفر والأسود، أولا كفرقة عام 1955، وتحول إلى سلاح بعد ذلك بسنوات.
بطل معركة اجهاض انفصال سوريا من داخل دمشق
قاد جلال الهريدى عملية إسقاط مظليين في مطار «حميميم» بالقرب من اللاذقية في محاولة للقضاء على الانفصاليين في سوريا، في سبتمبر 1961 ليواجه حكما بالإعدام في تلك الفترة.
قاد سلاح الصاعقة برتبة نقيب
يقول الفريق جلال هريدي: «الصاعقة هي السلاح الوحيد الذي قام بعمليات قبل أن يوجد أو يؤسس، وكنت وقتها برتبة اليوزباشى، وأراد المشير عامر، رحمه الله، أن يرقيني إلى رتبة البكباشي أي المقدم لكى تكون الرتبة مناسبة لقيادة هذا السلاح، فقلت له» يا فندم هذا يعتبر مكافأة على ما عملناه في بورسعيد، وأنا أريد أن أنشئ هذه القوات على مبادئ معينة«، وكلكم تعلمون أن ضباط الصاعقة جميعاً سواء الشهداء أو الأحياء كانوا يتسابقون إلى العمليات دون انتظار أي جزاء أو مكافأة. فاتخذ المشير عامر قراره الجريء، الذي لا يستطيع أحد غيره أن يتخذه بتعيني قائداً لقوات الصاعقة، وأنا برتبة اليوزباشى، وعمرى أقل من 27 عاماً، وأنا هنا أقرر حقيقة ساطعة يدركها كل من خدم بالصاعقة في الخمسينيات والستينيات وهي أنه لولا المشير عامر ما كان من الممكن أن يكون للصاعقة وجود، فقد آمن عامر بها وتبناها، من أول يوم ووفر لها كل الأولويات، فكنت أول ضابط في تاريخ القوات المسلحة يتولى قيادة سلاح برتبة نقيب».
مسيرة عسكرية حافلة بالإنجازات والبطولات العسكرية والوطنية
الفريق جلال الهريدي شارك في الحرب على العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وكذلك في حرب 1967 وحرب الاستنزاف، بالإضافة إلى حرب أكتوبر المجيدة عام 1973، وكان له دور بارز في الدفاع عن وطنه في تلك المحطات التاريخية الهامة.
توغل داخل إسرائيل في حرب 1967
ويروي الفريق: «كانت قوات الصاعقة دخلت الأردن عام 1967، وتوغلت داخل إسرائيل ولما تقرر الانسحاب نودى عبر أثير الإذاعة المصرية» وحدات جلال وحلمي عودوا إلى قواعدكم«. وحلمي هو اللواء أحمد حلمي أو «الجنرال» وكان هذا النداء حديث مصر كلها، وعرفت مصر كلها أن الصاعقة المصرية كانت داخل إسرائيل، وأن الصاعقة هي التي أوقفت العدو في معركة رأس العش بعدها فوجئت بالقيادة السياسية تخيرني إما أن أُعين ملحقاً حربياً في الخارج، أو أن أُحال إلى المعاش فاخترت المعاش فوراً ودون تفكير، إذ كيف أعين ملحقاً حربياً، ويوجد عدو في مصر، وأنا قائد الفدائيين، ولم أقصر وأنسحب، بل استدعيت وقواتي من داخل إسرائيل، فتمت إحالتي إلى المعاش وأذيع الخبر بالراديو لكى يسمعه كل الناس، فكنت أيضاً أول ضابط في تاريخ القوات المسلحة يذاع خبر إحالته إلى المعاش بالراديو»، الوحدات جلال وحلمي هي الاسم الكودى لمجموعتين من القوات الخاصة كانت في حرب 67 على حدود فلسطين والأردن وتوغلوا في نابلس بعد العدوان على مصر إلى المستوطنات الإسرائيلية وكانت لهم عدد من المعارك.
وأضاف: رفضت هذه المجموعة قرار الانسحاب واستمرت بالقتال فقامت القوات الأردنية بمقاتلتها فكانوا يقاتلون الأردنيين والإسرائيليين في ذات الوقت وكانت الإذاعة المصرية تذيع نداء دائم تطلب فيه من جلال وحلمي الرجوع والتوقف عن القتال ولم تتوقف المجموعات عن القتال إلا بعد أسبوعين بعد نفاذ كل المؤن وذهاب قائد المجموعات العام بنفسه إلى الجبهة.
نجات الفريق جلال الهريدي من الإعدام
قد نجا جلال هريدي من حكمين بالإعدام، أحدهما في سوريا، عندما كان قائدا للقوات في محافظة اللاذقية السورية خلال فترة الانفصال عن مصر عام 1961، حيث وضع في سجن المزة، وحكم عليه بالإعدام وأذيع أن القرار تم تنفيذه وتلقت زوجته العزاء لتأكدها أن سوريا نفذت الحكم، والحكم الثاني حين حاكمه جمال عبد الناصر مع 70 ضابطا، ليحكم على 5 منهم بالإعدام، كان هريدي من بينهم، خفف بعدها الحكم إلى السجن المؤبد، ودخل السجن من أغسطس 1967 حتى أفرج عنه الرئيس الراحل أنور السادات إفراجاً صحياً، في عام 1974، وذلك بعد قضاءه في السجون 7 سنوات وشهرين و5 أيام متنقلا من السجن الحربي إلى سجن طرة ثم إلى سجن الحضرة بالإسكندرية ومنه إلى سجن القناطر الخيرية انتهاء إلى سجن طرة مرة أخرى.
حصل على عشرات الدروع والشهادات من هيئات ثقافية وجامعية ومنتديات مصرية ودولية.
نعي أسرة الفريق الهريدي
ونعى حفيده، علاء الهريدي جده عبر حسابه الشخصي، قائلًا: “مع السلامة يا حبيبي يا أبويا يا ضهري يا سندي.. إنا لله وإنا إليه راجعون، انتقل إلى رحمة الله تعالى جدي وحبيبي وأبويا الفريق جلال الهريدي، مؤسس سلاح الصاعقة المصرية، رئيس حزب حماة الوطن وعضو مجلس الشيوخ. اللهم اغفر له وارحمه وادخله فسيح جناتك.”
ويشار إلى أنّ وفاة الفريق جلال الهريدي يعتبرها كبار السياسيين والعسكريين خسارة كبيرة لمصر وللمؤسسة العسكرية، حيث كان من الأبطال الذين قدموا العديد من التضحيات من أجل وطنهم.
0 تعليق