وسط التحديات التي تفرضها الحياة، تبرز قصص نساء صنعن من الألم قوة ومن التحدي إبداعًا، ومنهن ريهام الطحاوي؛ فهي واحدة من هؤلاء النساء، حيث نجحت في تحويل صدمة فقدان بصرها إلى نقطة انطلاق نحو تحقيق أحلامها ودعم الآخرين، ولطالما كانت السينما شغف ريهام الطحاوي الأكبر.
قررت أن تحقق حلمها من خلال دراسة صناعة الأفلام، وحصلت على بكالوريوس الإعلام - دراسات الأفلام من الأكاديمية الدولية لعلوم الإعلام.
خلال سنوات دراستها الجامعية، تمكنت من كتابة وإخراج أول أفلامها القصيرة بعنوان “من حبي فيك يا جاري”، الذي شاركت فيه الفنانة القديرة عرفة عبد الرسول، لم يكن الفيلم مجرد مشروع أكاديمي، بل كان نقطة انطلاق لمسيرتها، حيث حصد المركز الثاني في مهرجان الشروق للأفلام القصيرة عام 2017 بمسرح الهناجر.
لكن بينما كانت ريهام في طريقها لتحقيق أحلامها، تعرضت لصدمة كبيرة غيّرت حياتها، فقد أصيبت بمرض تسبب في فقدان جزء كبير من بصرها، مما شكل تحديًا كبيرًا على المستويين المهني والشخصي، وبدلاً من الاستسلام، قررت مواجهة واقعها الجديد بشجاعة.
تقول ريهام: “الألم كان صعبًا، لكنه دفعني لإعادة اكتشاف نفسي والبحث عن مسارات جديدة للنجاح"، ولتتأقلم مع الظروف الجديدة، اتجهت ريهام إلى مجال التسويق وكتابة المحتوى، وبفضل قدرتها على صياغة القصص المؤثرة، نجحت في مساعدة العديد من المؤسسات والعلامات التجارية على التواصل مع جمهورها بشكل مميز.
ورغم نجاحها المهني، شعرت ريهام بأن رسالتها الحقيقية لم تكتمل بعد أرادت أن تستثمر تجربتها الشخصية لدعم الآخرين، وخاصة من مروا بتجارب مشابهة لتجربتها، واتخذت ريهام خطوة جريئة أخرى، حيث بدأت دراسة الاستشارات النفسية المتعلقة بالصدمات في مدرسة الشرق الأوسط لمشورة الناجيات والناجين من الإيذاء، وفق معايير الجمعية الدنماركية للعلاج النفسي.
من خلال هذه الدراسة، أصبحت ريهام قادرة على مساعدة الآخرين في تجاوز صدماتهم، مستلهمة من تجربتها الشخصية القوة والإصرار، وريهام اليوم ليست مجرد امرأة استطاعت تجاوز تحديات فقدان البصر، بل أصبحت رمزًا للقوة والتمكين.
تكرس ريهام حياتها لدعم وتمكين الآخرين، مؤكدة أن الصدمات يمكن أن تكون بداية جديدة وليست نهاية الطريق، وتقول ريهام في رسالتها لكل من يواجه تحديات مشابهة: “القوة الحقيقية تكمن في الإيمان بالنفس والقدرة على تجاوز الألم، رلا شيء مستحيل، طالما هناك إرادة وحلم نسعى لتحقيقه".
في عالم يزخر بالتحديات، تثبت ريهام الطحاوي أن الإصرار يمكن أن يتغلب على أصعب الظروف، وأن الحلم لا ينطفئ طالما هناك شعلة أمل. قصتها هي دعوة لكل امرأة تؤمن بأن الألم يمكن أن يكون بداية جديدة لحياة مليئة بالعطاء والإنجاز.
0 تعليق